أعلنت السلطات الأميركية، أمس الجمعة، أنه تم إلقاء القبض أخيرا على الشخص الذي يشتبه بأنه أطلق النار على الناشط اليميني تشارلي كيرك وأرداه قتيلا، وذلك بعد مطاردة استمرت يومين.
وقال حاكم ولاية يوتا سبنسر كوكس -في مؤتمر صحفي- إن المشتبه به هو تايلر روبنسون (22 عاما)، وذلك بعد أن كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنفسه عن خبر اعتقاله.
وأوضح كوكس أن أحد أفراد عائلة روبنسون تواصل مع صديق قام بدوره بإبلاغ السلطات، مشيرا إلى أن أصدقاء وأفراد عائلة روبنسون الذين استجوبتهم السلطات وصفوه بأنه كان "مليئا بالبغض" عندما تحدث عن تشارلي كيرك خلال لقاء عائلي في الآونة الأخيرة.
شكر حاكم يوتا عائلة روبنسون على قيامهم "بالخطوة الصحيحة" وتشجيع ابنهم على تسليم نفسه للشرطة.
يقيم روبنسون في منزل والديه -المكوَّن من 6 غرف نوم- في إحدى ضواحي مدينة سانت جورج جنوبي ولاية يوتا، على بُعد نحو 3.5 ساعات من جامعة يوتا فالي.
وتظهر سجلات ولاية يوتا أن روبنسون ناخب مسجل، لكنه لا ينتمي لأي حزب سياسي، ولم يُدلِ بصوته في آخر اقتراعين بالبلاد.
ويملك والداه، المتزوجان منذ نحو 25 عاما، شركة لتصنيع طاولات الغرانيت، وهما مسجَّلان ضمن الناخبين الجمهوريين. وله شقيقان أصغر سنا.
انضم روبنسون في "سن صغيرة" إلى الكنيسة المورمونية، وفقا لما ذكره متحدث باسم الكنيسة.
كان روبنسون طالبا متفوقا في المدرسة الثانوية، إذ حقق نتائج ضمن أعلى 1% على المستوى الوطني في الاختبارات المعيارية. وقُبِل في جامعة ولاية يوتا عام 2021 بمنحة أكاديمية مرموقة، لكنه لم يحضر سوى فصل دراسي واحد فقط.
وهو الآن في سنته الثالثة ببرنامج تدريب كهربائي في كلية ديكسي التقنية في سانت جورج.
ولا تُظهر السجلات أي قضايا جنائية سابقة ضده، لكن عائلته ذكرت أنه أصبح "أكثر انخراطا في السياسة" مؤخرا، وأنه أعرب خلال بعض الأحاديث عن بغضه كيرك.
وقد روى أفراد من العائلة أن روبنسون تحدث خلال عشاء عائلي عن زيارة كيرك المقررة لولاية يوتا، وهو ما فتح باب النقاش بشأن إذا ما كان الناشط اليميني ينشر الكراهية.
وقال حاكم الولاية إن الذخيرة التي وجدت في موقع الاغتيال كانت عليها نقوش من عبارات ساخرة رائجة على الإنترنت وأخرى مناهضة للفاشية.
كيرك (31 عاما) شخصية إعلامية محافظة وحليف بارز لترامب، لعب دورا رئيسيا في حشد أصوات الشباب الجمهوريين وأسهم في وصول ترامب للبيت الأبيض العام الماضي لولاية رئاسية ثانية.
أصيب كيرك برصاصة قاتلة في العنق الأربعاء الماضي، حين كان يلقي كلمة أمام حشد من 3 آلاف شخص في جامعة يوتا فالي. وقد نُقل إلى المستشفى لكنه فارق الحياة بعد وقت قصير.
وأثار اغتياله موجة من التعازي من ترامب ورؤساء أميركيين سابقين وزعماء عالميين.
قال حاكم يوتا في المؤتمر الصحفي: "في مساء 11 سبتمبر/أيلول (الجاري)، تواصل أحد أفراد عائلة تايلر روبنسون مع صديق للعائلة، وهو قام بدوره بإبلاغ مكتب مأمور مقاطعة واشنطن بأن روبنسون إما اعترف أو ألمح إلى ارتكابه الواقعة".
وأضاف "نُقلت هذه المعلومات إلى مكتب مأمور مقاطعة يوتا والمحققين في جامعة يوتا فالي وأُبلغ بها مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي)".
وأوضح حاكم الولاية أن المحققين راجعوا تسجيلات فيديو إضافية، وأكدوا أن روبنسون وصل إلى الحرم الجامعي بسيارة من طراز "دودج تشالنجر" صباح العاشر من سبتمبر/أيلول. وقد أكد أفراد عائلته أنه يقود هذه السيارة.
وجاء خبر اعتقاله بعد مطاردة واسعة النطاق استجوب المحققون خلالها أكثر من 200 شخص، وتلقت السلطات نحو 11 ألف معلومة من الجمهور.
كما نشرت الشرطة صورا ومقاطع فيديو للمشتبه به، طالبةً المساعدة في التعرف عليه.
أظهرت تسجيلات كاميرات المراقبة المشتبه به وهو يفر من فوق سطح أحد مباني الجامعة، ثم يركض في موقف السيارات متجها إلى الغابة القريبة، تاركًا خلفه آثار أقدام وبصمات.
وعُثر في الغابة على بندقية ملفوفة بمنشفة داكنة اللون، يُعتقد أنها السلاح المستخدم في الجريمة. وأكد عميل خاص في "إف بي آي" أنها بندقية مستوردة من طراز "ماوسر 30-06".
وتحدث حاكم ولاية يوتا عن "رسائل مشفرة" وجدت على بعض الذخائر التي لم تستخدم، من بينها إشارة إلى أغنية "بيلا تشاو" الشهيرة، وعبارة "أيها الفاشي: التقط! رمز سهم لأعلى، رمز سهم لليمين، و3 رموز سهم لأسفل".
قال ترامب -في مقابلة على قناة "فوكس نيوز"- قبل إعلان السلطات رسميا إلقاء القبض على روبنسون: "أعتقد بدرجة عالية من اليقين أننا أمسكنا به"، وأضاف أن "شخصا مقربا جدا منه هو من أبلغ عنه".
وأعرب ترامب عن أمله في أن يُحكم على منفذ الهجوم بالإعدام، مشيدًا بكيرك الذي وصفه بأنه "شخص رائع وعبقري وبمثابة الابن بالنسبة لي"، مشيرا إلى دوره في حشد الشباب الجمهوريين وحتى مساعدته في حملات على "تيك توك".
يُحتجز روبنسون حاليا في سجن مقاطعة يوتا، بتهم أولية تشمل القتل العمد، وسط تعهدات من حاكم الولاية والرئيس الأميركي بالسعي إلى إنزال عقوبة الإعدام بحقه.
ومن المتوقع أن توجه إليه رسميا خلال 3 أيام عدة تهم تشمل القتل. وإذا دفع ببراءته، فستُعقد محاكمة كاملة، أما إذا أقر بمسؤوليته، فمن الممكن أن تُعقد تسوية قضائية لتخفيف العقوبة.
ونظرا لخطورة القضية، فمن غير المرجح أن يخلى سبيله مؤقتا بانتظار المحاكمة.
وصف حاكم يوتا مقتل كيرك بأنه "منعطف في تاريخ أميركا"، داعيا الأميركيين إلى نبذ الفرقة والتواصل في ما بينهم بشكل حقيقي بعيدا عن مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد أثارت عملية الاغتيال غضبا واسعا بين المحافظين، إذ اتهم البعض اليسار بالتحريض، معتبرين أن الحادثة جاءت نتيجة سنوات من العداء تجاه حركة ترامب "لنجعل أميركا عظيمة من جديد".
وقالت الناشطة إيزابيلا ماريا ديلوكا "لم يتمكنوا من هزيمته في مناظرة، فاغتالوه".
أما المحامي الجمهوري البارز مايك ديفيس، فقال إن قدرة كيرك على حشد جيل جديد من المحافظين شكلت "تهديدا وجوديا لمستقبل أيديولوجيا اليسار وسلطته".