آخر الأخبار

منحة الكهرباء بعد 40 سنة عزلة.. هل بدأ البنك الدولي فتح خزائنه لسوريا؟

شارك

دمشق – أعلن وزير المالية السوري يسر برنية توقيع الوثيقة الأخيرة الخاصة بمشروع إصلاح خطوط الربط الكهربائي مع البنك الدولي ، ليكون بذلك أول مشروع للبنك في سوريا منذ نحو 40 عاما.

وأوضح برنية أن المشروع ممول بمنحة تبلغ 146 مليون دولار، وليس قرضا، مؤكدا أنه سيسهم في دعم جهود الدولة السورية، لا سيما وزارة الطاقة، لتحسين توفير الكهرباء اللازمة لدعم الاقتصاد الوطني.

وكشف وزير المالية عن وجود مشاريع أخرى يجري التحضير لها مع البنك الدولي في قطاعات مختلفة، وهي أيضا عبر مِنح غير مستردة، وسيتم الإعلان عنها خلال العام المقبل، وفق ما نقلته وكالة "سانا".

وكانت وزارة الطاقة السورية قد أصدرت أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي القرارين رقم 686 و687، اللذين حددا تعرفة جديدة لبيع الكيلوواط/ساعة للكهرباء اعتبارا من الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري، وإصلاح شبكة الكهرباء ومحو آثار الدمار.

وفي هذا السياق، قال المستشار الأول في وزارة الاقتصاد السورية الدكتور أسامة قاضي، للجزيرة نت، إن المنحة المُقدَّمة من البنك الدولي ستساعد على إصلاح القطاع الكهربائي في سوريا.

مصدر الصورة البنية التحتية للشبكة الكهربائية في سوريا تعاني من مشاكل عدة (الجزيرة)

وأوضح قاضي أن فلول النظام السابق، بالتعاون مع الشبيحة، قاموا بقطع أسلاك كثيرة من شبكة توزيع الكهرباء للاستفادة من النحاس، ما أدى إلى حرمان قرى كاملة من الكهرباء بعد سرقة جميع الأسلاك، وهو ما تسبب بأضرار كبيرة في البنية التحتية الكهربائية.

وأكد أن هذه المنحة ستسهم بشكل كبير في إصلاح شبكة توزيع الكهرباء، مشيرا إلى أن البنك الدولي يمكنه مساعدة سوريا حتى في ظل بقاء بعض قوانين العقوبات، ومشبها ذلك بمساعدات الأمم المتحدة التي استمرت رغم القيود المفروضة.

وأعرب قاضي عن أمله في أن تكون العقوبات قد انتهت إلى غير رجعة، مستندا إلى تصريحات المسؤولين الأميركيين الذين أعلنوا إزالة العقوبات نهائيا عن سوريا، مضيفا أن أميركا وسوريا أصبحتا شريكتين في التحالف الدولي ضد الإرهاب.

إعلان

وشدد على أنه لا يمكن لشريك أميركي أن يظل تحت عقوبات غربية أو أميركية أو أي نوع آخر، متوقعا أن يساعد ذلك على ربط البنك المركزي السوري بجميع بنوك العالم عبر نظام "سويفت" خلال شهرين أو أقل، بعد إنهاء العقوبات وإكمال الإجراءات الداخلية، ودراسة انعدام المخاطر المالية في سوريا، مع إزالة قانون قيصر بحلول 22 من الشهر الجاري موعد توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وبخصوص تحسن الوضع الكهربائي، أفاد قاضي بأن الكهرباء اليوم أفضل بمئة ضعف مما كانت عليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، موضحا أنه في اليوم السابق للنصر في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 كانت الكهرباء تأتي لساعة واحدة فقط أو لا تأتي أحيانا، في حين يحصل كل بيت سوري اليوم تقريبا على تغذية كهربائية تتراوح بين 14 و20 ساعة يوميا، وذلك خلال عام واحد فقط.

وختم قاضي بالقول إن تحسنا كبيرا قد تحقق بالفعل في قطاع الكهرباء، لكنه أشار إلى أن الوصول إلى كهرباء على مدار 24 ساعة لكل سوريا يتطلب وضع يد الدولة على الغاز والنفط السوري، بما يمكّنها أيضا من دعم الطبقة الفقيرة ماليا في هذا المجال.

مشاريع الطاقة والربط الإقليمي

وكانت الحكومة السورية قد بدأت إطلاق مشاريع لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء، من بينها محطات غازية وشمسية بطاقة تصل إلى 5000 ميغاواط، كما تم توقيع اتفاقيات دولية بقيمة 7 مليارات دولار مع شركات من قطر وتركيا والولايات المتحدة، إلى جانب اتفاق لتزويد سوريا بالغاز عبر الأردن .

مصدر الصورة من عمليات تصليح إنارة الطرق (الجزيرة)

من جهته، قال الخبير في الطاقة وقطاع الكهرباء محمد شاهر، للجزيرة نت، إن منحة البنك الدولي البالغة 146 مليون دولار لمشروع الطوارئ الكهربائية، التي جرى توقيع وثيقتها النهائية مؤخرا بعد موافقة مجلس إدارة البنك في يونيو/حزيران الماضي، تمثل خطوة حاسمة نحو إعادة تأهيل خطوط النقل عالية الجهد، بما في ذلك خطوط الربط بجهد 400 كيلوفولت.

وأضاف شاهر إلى أن المشروع يشمل إعادة ربط الشبكة السورية بالشبكات الإقليمية مع الأردن وتركيا، مشيرا إلى أن هذه المنحة، التي تأتي كتمويل غير قابل للاسترداد، تعزز الإمداد الكهربائي وتقلل الفاقد، ما ينعكس إيجابا على التعافي الاقتصادي والظروف المعيشية.

وأوضح أن المنحة لا تُعد إشارة قاطعة إلى رفع كامل لعقوبات التمويل الدولي على سوريا، بل تمثل خطوة انتقالية محدودة بقطاع الطاقة، مستفيدة من الرفع الجزئي للعقوبات الأميركية، وتعكس إعادة ارتباط تدريجية بالمؤسسات الدولية.

وبشأن الوعود بمشاريع إضافية في عام 2026 على شكل مِنح، أشار شاهر إلى أنها تعكس زخما إيجابيا نحو تفكيك العزلة المالية، وقد تؤدي إلى تحسّن ملموس في واقع الكهرباء للسوريين بنهاية العام المقبل، مؤكدا في الوقت نفسه أن الانهيار الكامل لجدار العزلة يبقى مرهونا بالاستقرار السياسي والأمني.

وختم شاهر حديثه بالقول إن المنحة، في ظل التحديات الإقليمية والاقتصادية القائمة، تمثل بوابة لشراكات دولية طويلة الأمد، خاصة في ضوء صفقات الطاقة الدولية الحديثة، وليست مجرد ومضة أمل مؤقتة إذا ما استمر الالتزام بالإصلاحات، مع التحذير من احتمال عودة العزلة في حال تردي الظروف.

مصدر الصورة منحة البنك الدولي تقدر بـ146 مليون دولار (الجزيرة)

التفكك التدريجي وشروط الاستدامة

بدوره، قال الخبير الاقتصادي عبد العظيم المغربل، في تصريح للجزيرة نت، إن توقيع منحة البنك الدولي يُعد مؤشرا رئيسيا وفعليا على التوجه نحو الإنهاء الشامل والكامل للعقوبات على التمويل الدولي.

إعلان

وأوضح المغربل أن هذا التوقيع يمثل فتح نافذة لتمويل تنموي-إنساني ضمن سقف امتثال عالٍ، وغالبا ما يكون خطوة انتقالية مرتبطة بمعايير صارمة للشفافية والرقابة المالية.

وأضاف أن تتابع المنح خلال عام 2026 يشير إلى تخفيف العزلة الرسمية، ويفتح مسارا للتعامل مع المؤسسات الدولية، كما يعكس تقدما في الخطوات النهائية نحو انهيار جدار العزلة المالية.

وأكد أن هذا الجدار لا تصنعه العقوبات الرسمية وحدها، بل تشارك في بنائه أيضا البنوك التجارية وشركات التأمين ومخاطر الامتثال والتحويلات المالية، مشيرا إلى أن السيناريو الأرجح يتمثل في تفكك تدريجي متسارع حسب القطاعات والقنوات، وليس تحولا شاملا وسريعا.

وقارن المغربل ذلك بتجارب إيران أو كوبا، حيث شهدت انفتاحات جزئية مهمة عبر قنوات محددة، أعقبها تعثر بفعل سياسات الامتثال، ما يؤكد أن الاستدامة تتطلب بيئة مالية وقانونية أكثر قابلية للتعامل.

وبشأن الاتفاق الأول مع البنك الدولي، قال المغربل إنه يعطي إشارة ثقة ويخفض علاوة المخاطر إذا رافقه تحسّن ملموس في الكهرباء والبنية الخدمية، بما يرفع جدوى الاستثمار في الطاقة والصناعة وسلاسل الإمداد، لكنه شدد على أن هذا الاتفاق وحده لا يكفي لجذب استثمارات خاصة كبيرة دون وجود قواعد واضحة لحماية المستثمر، وتسهيل التحويلات، وتسوية النزاعات.

وختم بالقول إن المطلوب عمليا يتمثل في شفافية العقود والمشتريات، ونافذة واحدة للمستثمر، وحزمة مشاريع جاهزة للتمويل والشراكة، إلى جانب استقرار تنظيمي ومالي يقلل مفاجآت السوق، ويجعل المخاطر قابلة للتسعير.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار