أثارت صفقة استحواذ نتفليكس بقيمة 72 مليار دولار على وارنر براذرز ديسكفري عاصفة من الجدل في هوليود ، مع تحذيرات من نقابات كُتّاب السينما وأصحاب دور العرض من انحسار فرص العمل وتضييق مساحة السينما لصالح هيمنة خدمات البث.
وتخضع الصفقة حاليا لمراجعات تنظيمية صارمة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وسط مخاوف من خرق قوانين المنافسة.
وذكرت نقابة الكُتّاب الأميركيين في بيان أن "قيام أكبر منصة بث في العالم بابتلاع أحد أكبر منافسيها هو ما صُممت قوانين مكافحة الاحتكار لمنعه"، مشددة على أن الاستحواذ سيؤدي إلى "خفض الوظائف وتراجع الأجور ورفع الأسعار للمستهلكين وتدهور شروط العمل".
وأشارت النقابة إلى أن ضم علامات "إتش بي أو" وأستوديوهات وارنر براذرز إلى مظلة نتفليكس "ينقل هوليود رسميا إلى عصر جديد من تركّز القوة".
كما عبّرت سينما يونايتد، وهي منظمة تمثل 30 ألف شاشة عرض في أميركا و26 ألفا عالميا، عن مخاوفها من "انحسار ربع سوق شباك التذاكر المحلي" إذا فضّلت نتفليكس نقل أفلام وارنر إلى المنصة سريعا بدلا من عروض السينما التقليدية، ووصف رئيس المنظمة مايكل أوليري الاندماج بأنه "تهديد غير مسبوق".
وفي المقابل، أكدت نتفليكس أنها "ستحافظ على طرح أفلام وارنر براذرز في دور العرض"، وأنها تعمل على دعم المبدعين، وفق ما أوردته رويترز.
أما صحيفة فايننشال تايمز فقد روت القصة من زاوية مختلفة، معتبرة الصفقة انتصارا للجيل التقني على "حراس هوليود القدامى". وقالت الصحيفة إن الاستحواذ "أكمل قوسا دراميا لا يخلو من سخرية القدر"، حيث كان مسؤولون سابقون في وارنر قبل 15 عاما يشبّهون نتفليكس بـ"جيش ألباني لا يمكنه حكم العالم" لكنه الآن يستولي على أحد أعمدة السينما العالمية.
ووفقا للصحيفة فإن الرئيس التنفيذي لوارنر براذرز ديسكفري ديفيد زاسلاف قاد مزادا داخليا تحت الاسم الرمزي "مشروع ستيرلينغ"، بينما مُنح المتنافسون أسماء مستعارة مثل:
وكانت مجموعة باراماونت بقيادة ديفيد إليسون مرشحة للفوز بالصفقة، لكن نتفليكس فاجأت الجميع بعرض جاهز للتنفيذ لحظة التصويت.
وذكرت الصحيفة أن مجلس إدارة وارنر اختار نتفليكس لأن "كل أوراقها كانت موقعة"، ولأنها وافقت على رسوم انسحاب بنحو 5.8 مليارات دولار، من بين الأكبر في تاريخ الصفقات.
وحذّر مخرجون كبار من أن الصفقة قد تُفقد السينما روحها، فقد وصف المخرج الهوليودي الكندي ذائع الصيت جيمس كاميرون بيع وارنر إلى نتفليكس بأنه "خسارة كارثية لهوليوود".
ويرى مراقبون أن قلق هوليود ينبع من سجل نتفليكس في الإنتاج الموجه للبثّ والذي يقلّص الإيرادات السينمائية طويلة الأجل لصالح المشاهدات الفورية.
وتُظهر البيانات أن الصفقة تمنح نتفليكس سيطرة على:
من جهته يرى مكتب مكافحة الاحتكار الأميركي أن الجمع بين أكبر منصة بث وأحد أكبر أستوديوهات المحتوى كـ"خطوة قد تهدد المنافسة والإنتاج المستقل".
ويقول محللون إن الصفقة ستُختبر سياسيا قبل اختبارها اقتصاديا، خصوصا في واشنطن حيث تزداد الحساسية تجاه تركّز التكنولوجيا، ومع ذلك يستمر تيد ساراندوس، الرئيس التنفيذي المشارك لنتفليكس، في التأكيد بأن الصفقة "فرصة نادرة لا يمكن تجاهلها".
ويضيف "بدأنا كشركة أقراص مدمجة بالبريد… واليوم أصبحنا بوابة العالم للترفيه. لا يمكن أن نتوقف هنا".
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة