في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتقييد حرية العلوم في الولايات المتحدة بشكل كبير وقام بإلغاء تمويل الأبحاث وتقييد الجامعات. ويشعر العديد من الباحثين في الولايات المتحدة بالقلق بسبب "حرب الجمهوريين على العلوم".
لذلك يرغب بعضهم في الانتقال إلى أوروبا. في الواقع تشهد برامج الدعم الأوروبية للباحثين إقبالا كبيرا: فقد ارتفعت الطلبات المقدمة إلى "ماري سكلودوفسكا كوري أكشنز" بنسبة 50 في المائة وارتفعت الطلبات المقدمة إلى المنح الدراسية المرموقة من المجلس الأوروبي للبحوث بثلاثة أضعاف. ويبدو أن مبادرة الاتحاد الأوروبي "اختر أوروبا" قد نجحت أيضا في بناء الثقة على الصعيد الدولي.
واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية، آلاف المشاركين في مظاهرة مؤيدة للعلمصورة من: Allison Bailey/NurPhoto/dpa/picture allianceردت ألمانيا على التغييرات في الولايات المتحدة بمبادرة "ألف رأس زائد". لكن الأمل الكبير في جذب المواهب الأمريكية لم يتحقق إلا جزئيا حتى الآن، كما اعترفت وزارة البحث العلمي الاتحادية بناءً على استفسار من مجلة Capital بعد أربعة أشهر من بدء المبادرة أحصت وزارة البحث العلمي الاتحادية 84 باحثا مدعوما من 25 دولة منهم 15 فقط من الولايات المتحدة.
تفسر زبينه هيلينغ موغن، المديرة التنفيذية لمؤسسة هيلمهولتس الألمانية الأرقام المنخفضة حتى الآن على النحو التالي: "بالنسبة للعلماء الأمريكيين فإن خطوة مغادرة بلدهم عادة ما تكون أكبر وأكثر تأثيرا، لا سيما بسبب بيئتهم العائلية والاجتماعية. كثير منهم لا يقررون التغيير إلا عندما يكون ذلك أمرا لا مفر منه أو عندما تقدم لهم فرصة أكثر جاذبية"، كما قالت هيلينغ موغن لـ DW.
صحيح أن عدد الطلبات في أوروبا يرتفع بشكل ملحوظ ولكن ليس بشكل أساسي في ألمانيا . لكن هذا لا يرجع إلى مبادرة ”Global Minds Initiative Germany“ التي أطلقتها الحكومة الفيدرالية، حسب هيلينغ موغن. المبادرة جيدة جدا وترسل "إشارة قوية إلى المجتمع العلمي الدولي ولديها القدرة على خلق زخم مهم لموقع الأبحاث في ألمانيا". المبادرة تحتاج فقط إلى مزيد من الوقت.
ومع ذلك فإن البيروقراطية المفرطة وإجراءات التأشيرة والتوظيف المعقدة في ألمانيا بالإضافة إلى تجاوز حواجز اللغة هي عوامل تثني الباحثين من الولايات المتحدة، حسب هيلينغ موغن.
صحيح أن اللغة الإنجليزية هي لغة العمل الشائعة "لكن عدم إجادة اللغة الألمانية في الحياة اليومية خارج العمل يمكن أن يشكل تحديا. وهذا يتراوح بين صعوبة العثور على شركة تأمين صحي مناسبة إلى الاعتراف بقيادة السيارة أو الحصول على رخصة قيادة جديدة".
منذ فترة طويلة تطالب مؤسسات البحث والشركات الألمانية بثقافة ترحيب أفضل وبيروقراطية أقل وعمليات توظيف أسرع. "بالمقارنة الدولية ألمانيا بطيئة جدا في هذا المجال. يجب أن نتمكن من تقديم تعهدات ملزمة بشكل أسرع"، تقول زبينه هيلينغ موغن.
على عكس ألمانيا تقوم دول أوروبية أخرى مثل فرنسا وبلجيكا والنمسا باستقطاب باحثين بارزين من الولايات المتحدة بشكل محدد بما في ذلك من خلال حوافز مالية ضخمة.
في النمسا يتم توظيف الباحثين ودعمهم ودمجهم في وقت قياسي. جارة ألمانيا تجذب الباحثين من الولايات المتحدة بشكل محدد من خلال برنامج ”APART-USA“. بنجاح: حسب الأكاديمية النمساوية للعلوم استقطبت البلاد حتى الآن 25 باحثا من جامعات النخبة الأمريكية مثل هارفارد أو برينستون من خلال برنامج الدعم.
ومن بينهم باحثون ما بعد الدكتوراه وأساتذة من مجالات مثل الفيزياء والكيمياء والعلوم الحياتية. ويحصل كل منهم على منحة قدرها 500 ألف يورو من الدولة النمساوية على مدى عامين. ويبدو أن حواجز اللغة لم تعد تشكل عائقاً. ومن المقرر أن يبدؤوا العمل هذا العام في إحدى الجامعات النمساوية الاثنتي عشرة أو في اثنين من مراكز الأبحاث.
لا تعتبر المديرة التنفيذية لمؤسسة هيلمهولتس أن مثل هذه العروض المالية المغرية هي الطريق الصحيح: "إن التطوير المستمر لموقع ألمانيا كدولة بحثية هو أكثر استدامة من الحوافز المالية قصيرة الأجل. نحن بحاجة بشكل خاص إلى ثقافة ترحيب أقوى وإلى تقليص البيروقراطية في مجال العلوم بشكل حازم"، كما صرحت زبينه هيلينغ موغن لـ DW.
بشكل عام تُعتبر "ألمانيا مكانا جذابا للبحث العلمي بشكل أساسي وبغض النظر عن التطورات الحالية كبديل جذاب للولايات المتحدة الأمريكية. على سبيل المثال لدينا تمويل أساسي مستقر للغاية بفضل اتفاقية البحث والابتكار"، حسب هيلينغ موغن.
كما تؤكد جمعية فراونهوفر لـ DW على الأهمية الكبيرة لحرية العلوم في ألمانيا باعتبارها "جوهر المجتمعات الليبرالية والديمقراطية". لكن مؤسساتها البحثية الموجهة للتطبيق لا تنفذ "برنامجا خاصا لتجنيد باحثين أمريكيين كرد فعل على التطورات الحالية"، حسب فراونهوفر. "إن التعاون الجيد والمستمر مع شركائنا في الولايات المتحدة يصب في مصلحتنا المتبادلة لضمان تبادل المعرفة في كلا الاتجاهين".
على المدى الطويل من وجهة نظر جمعية هيلمهولتس من المنطقي أكثر مواصلة تعزيز العلاقات بين ألمانيا والولايات المتحدة في مجال البحث العلمي. "يجب أن نبني جسورا للعلماء الذين ربما يرغبون في إجراء أبحاثهم هنا في ألمانيا لبضع سنوات فقط ثم العودة إلى الولايات المتحدة لاحقا. يمكن أن تنشأ من ذلك علاقات تستمر لعقود"، كما تقول هيلينغ موغن من جمعية هيلمهولتس.
في الأصل كان الهدف هو جذب كبار الباحثين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وكذلك في مجالات المستقبل الشهيرة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات إلى أوروبا.
لكن في الواقع جاء باحثون من مجالات أخرى لا سيما علوم المناخ والصحة العامة ودراسات النوع الاجتماعي بالإضافة إلى مجال الذكاء الاصطناعي المستقبلي.
ومن الملاحظ أيضا أن أوروبا تجذب حاليا بشكل متزايد الباحثين ما بعد الدكتوراه. وتستفيد مراكز الأبحاث الأوروبية من المواهب الشابة الحاصلة على درجة الدكتوراه، لأنها تجلب معها أحدث الأساليب البحثية والقدرة على الابتكار والخبرة الدولية القيمة. وتقول هيلينغ موغن: "تعيش العلوم المتميزة على الباحثين الشباب الدوليين. ولذلك من الطبيعي أن يكون من المربح جدا أن يختار المزيد من المواهب المتميزة من جميع أنحاء العالم ألمانيا في المستقبل".
في المقابل يجد الباحثون ما بعد الدكتوراه في أوروبا آفاقا مهنية أكثر استقرارا وشبكة علاقات دولية وبيئة بحثية منفتحة أقل تأثرا بالتدخلات السياسية.
وقد كان الاهتمام كبيرا بالبرنامج الأول لباحثي ما بعد الدكتوراه الذي أعلنته جمعية ماكس بلانك . "تلقت جمعية ماكس بلانك أكثر من 1000 طلب من الخارج.
وينطبق الشيء نفسه على الإعلان عن وظائف قيادية في مجموعات أبحاث ماكس بلانك التي تعتبر نقطة انطلاق مهنية جذابة للعلماء.
ويبدو أن المتقدمين من منطقة آسيا على وجه الخصوص يغيرون توجهاتهم"، كما قالت كريستينا بيك، مديرة الاتصالات في جمعية ماكس بلانك لـ DW.
وحسب بيك فإن مجموعات أبحاث ماكس بلانك ذات التمويل الجيد والطويلة الأجل هي الأكثر جاذبية للعلماء الشباب بعد مرحلة ما بعد الدكتوراه. وينطبق ذلك بشكل خاص على الباحثين من الولايات المتحدة الأمريكية.
أعده للعربية: م.أ.م (ع.ج.م)
المصدر:
DW