تباينت ردود الفعل وسط ضحايا حرب دارفور بشأن الحكم الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، في التاسع من ديسمبر 2025م، والقاضي بسجن قائد المليشيات السابق علي محمد علي عبد الرحمن (علي كوشيب) لمدة عشرين عاماً، على خلفية الجرائم التي ارتكبها في إقليم دارفور.
وخصص راديو دبنقا حلقة من برنامجه الأسبوعي «في الميزان» لاستعراض آراء عدد من النساء من ضحايا انتهاكات علي كوشيب، حيث أجمعت المتحدثات على الترحيب بالمحاكمة من حيث المبدأ، غير أنهن اتفقن في الوقت ذاته على أن العقوبة لم تكن بمستوى فظاعة وحجم الجرائم المرتكبة.
وقالت الأستاذة علوية مختار، المنسق العام لملتقى نساء دارفور، إن المحاكمة تُعد علامة بارزة في القضايا التي نظرت فيها المحكمة الجنائية الدولية، ووصفتها بأنها خطوة مهمة في طريق محاسبة المجرمين، بما يمنح الأمل في الحد من الإفلات من العقاب مستقبلاً.
وأضافت:
“نحن في ملتقى نساء دارفور نعتبر هذه المحاكمة خطوة مهمة لمحاسبة المجرمين، لكنها في نظرنا كضحايا لا تزال أقل من حجم القضايا الكبرى التي ارتُكبت خلال حرب دارفور بواسطة علي كوشيب وآخرين، وهي قضايا تتجاوز مفهوم العدالة الانتقالية”.
وأشارت إلى تطلع الضحايا لتنفيذ الحكم بعدالة وحرص، رغم أنه أقل من طموحاتهم، حتى تظل المحكمة مصدراً للثقة، مطالبةً بمحاسبة جميع المجرمين لمنع تكرار الجرائم التي قالت إنها لا تزال تُمارَس اليوم بواسطة العناصر نفسها، وبوتيرة أشد وحشية منذ عام 2023م.
من جانبها، عبّرت سامية كوكو، وهي لاجئة في شرق تشاد، عن رفضها التام للحكم، قائلة:
“كمجني عليها، أقول بوضوح إن محاكمة علي كوشيب لا تعني لي شيئاً. كيف يُحاكم شخص بهذا الحجم من الإجرام بعشرين سنة فقط؟”.
وأضافت أن الحكم قد يشجع آخرين على ارتكاب جرائم مماثلة دون خوف، معتبرة أن بقية المطلوبين الـ51 يمكنهم تسليم أنفسهم والحصول على أحكام مخففة على ذات النهج.
وتابعت:
وطالبت بالقصاص عبر الإعدام “إنصافاً للضحايا”، معتبرة أن محاكمات مشابهة ستكون مخيبة للآمال.
بدورها، قالت حواء أحمد عمر عبد الله، رئيسة المرأة بمعسكر عطاش، إن المحاكمة جسّدت شكلاً من أشكال احترام حقوق الإنسان، وطالبت بملاحقة جميع المجرمين ومحاسبتهم.
وأضافت:
“بسبب ممارسات علي كوشيب وشركائه، نحن منذ 2003 وحتى اليوم نعيش في حالة نزوح وتشرد. تم تهجيرنا من قرانا، وتركنا وراءنا أراضينا وممتلكاتنا، وفقدنا ضحايا، وارتُكبت في حقنا أبشع الجرائم”.
وطالبت بتعويضات عادلة، واسترداد الأراضي والممتلكات، مشيرة إلى أن القرى باتت اليوم مأهولة بآخرين، ووصفت ذلك بأنه “أمر غير عادل”.
من جهتها، وصفت مواهب الطاهر آدم، نازحة في نيالا، محاكمة علي كوشيب بأنها إنجاز كبير أدخل الفرحة والتفاؤل في نفوس الضحايا، وأشعرهم بأن العدالة بدأت تأخذ مجراها، لكنها شددت على أن عقوبة السجن لعشرين عاماً تظل قليلة مقارنة بحجم المآسي التي تسبب فيها.
ختاما:
يبقى السؤال مفتوحاً: إلى أي مدى تُعد محاكمات المحكمة الجنائية الدولية منصفة لضحايا الجرائم الجسيمة؟
سؤال ينتظر إجابات أوسع في ظل استمرار معاناة الضحايا وتطلعهم إلى عدالة كاملة لا تكتفي بالرمزية.
دبنقا
المصدر:
الراكوبة