آخر الأخبار

واشنطن تطالب السودان بالاعتراف باستخدام الجيش أسلحة كيماوية

شارك

استهدفت مسيرات الجيش السوداني مخازن للسلاح تتبع لـ”الدعم السريع” داخل مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان، التي تسيطر عليها الأخيرة منذ أشهر.

وأشارت مصادر ميدانية إلى رصد عمليات تراجع مستمر لمجموعات من “الدعم السريع” من محور بابنوسة إلى منطقة غبيش متوجهة إلى جنوب دارفور، وهم يعانون مشكلة في وفرة الوقود والتموين الغذائي.

ما زالت المواجهات محتدمة في مدينة بابنوسة بين قوات الفرقة 22 مشاة التابعة للجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، ضمن سلسلة هجماتها المتواصلة على المدينة المحاصرة منذ أكثر من عام، فيما طالبت الخارجية الأميركية الحكومة السودانية بالاعتراف بالانتهاكات التي ارتكبها الجيش باستخدام أسلحة كيماوية خلال الحرب المستمرة في البلاد منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023.

وشهدت المدينة أمس الأربعاء الـ26 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري تبادلاً كثيفاً للقصف المدفعي الثقيل، فضلاً عن ضربات جوية بمسيرات الجيش، استهدفت أكثر من مرة نقاط تجمع “الدعم السريع” وارتكازاته في محيط المدينة، دمرت على أثرها مجموعة كبيرة من الآليات والعتاد الحربي والمركبات القتالية.

وأكدت قوات الجيش بالفرقة 22 واللواء 89 مشاة في بابنوسة أنها في أتم الاستعداد والجاهزية، لصد أية محاولة هجوم على مقرها.

وأوضحت مصادر ميدانية أن مسيرات الجيش استهدفت أمس مخازن للسلاح تتبع لـ”الدعم السريع” داخل مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان، التي تسيطر عليها الأخيرة منذ أشهر.

وأشارت المصادر إلى رصد عمليات تراجع مستمر لمجموعات من “الدعم السريع” من محور بابنوسة إلى منطقة غبيش متوجهة إلى جنوب دارفور، وهم يعانون مشكلة في وفرة الوقود والتموين الغذائي.

في المقابل بثت “قوات الدعم” على منصاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تظهر فيها معالم مقر الفرقة 22 للجيش بمدينة بابنوسة، تؤكد فيها اقترابها أكثر من المكان، لمسافة قالت إنها تقدر بأمتار عدة.

في شمال كردفان، شهدت جبهات غرب وشمال غربي الأبيض أخيراً معارك عنيفة، إثر هجمات شنها الجيش و”القوات المشتركة” كبدت فيها “الدعم السريع” خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، كما طاردتها حتى مشارف مدينة الخوي بغرب كردفان.

كما كشفت مصادر ولائية، عن تحقيق الجيش و”القوات المشتركة” أمس تقدماً جديداً على جبهات بارا والخوي وجنوب غربي مدينة الأبيض، عبر هجوم شرس بإسناد من المسيرات على مواقع “الدعم السريع”، أسفر عن مقتل عشرات وجرح مجموعات أخرى وتدمير مركبات ومدرعات عسكرية.

استعادة كل الأراضي

في هذا الوقت أعلن عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد للجيش الفريق أول ياسر العطا أن العمليات العسكرية للجيش ستستمر، حتى استعادة جميع المناطق التي تسيطر عليها “الدعم السريع”.

وأوضح العطا لدى مخاطبته حشداً عسكرياً بمدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان أمس الأربعاء، أن مركز الدولة العسكري أصبح الآن في مدينة الأبيض، وستنطلق منها العمليات الحربية لاستعادة جميع المناطق من “الدعم السريع”، ولن تتوقف ملاحقة الجيش لها قبل الوصول إلى حدود البلاد الدولية.

ووصل الفريق ياسر العطا أمس الأربعاء إلى الأبيض لتفقد سير العمليات العسكرية ميدانياً، والتقى بالقيادات العسكرية وضباط الصف وجنود متحركات الجيش والقوات المساندة له المختلفة.

من جانبه وجه قائد “القوات المشتركة” القائد العام بحركة “جيش تحرير السودان” جمعة حقار رسالة أشاد فيها بصمود الجيش و”القوات المشتركة” و”المقاومة الشعبية”، ودفاعهم المستميت عن الفاشر وما بذلوه من أجل حماية المدينة.

وتناول بيان حقار التطورات المؤلمة التي شهدتها الفاشر خلال الفترة الماضية، وما رافقها من معاناة إنسانية وموت ودمار واسع طاول السكان المدنيين، وما واجهوه من ظروف قاسية وموجعة طاولت أهلها ومقدراتها، ومن تدهور إنساني، منتقداً فشل المجتمع الدولي في حماية المدنيين بالمدينة، على رغم النداءات المتكررة لوقف الانتهاكات التي ارتكبت في حق سكان الفاشر، لكنها للأسف لم تجد الاستجابة المطلوبة.

هجمات واعتقالات

في جنوب كردفان تواصلت الهجمات التي تشنها قوات “الحركة الشعبية – شمال” بقيادة عبدالعزيز الحلو، المتحالفة مع “الدعم السريع”، على قرى ومناطق محافظتي “أبو كرشولا” و”العباسية تقلي”.

وكشفت مصادر محلية عن أن تلك القوات نفذت خلال هجماتها حملة اعتقالات واسعة وسط الشباب هناك، ودفعت بهم إلى معسكرات تجنيد إجباري تابعة لها للقتال في صفوفها، بينما شرد من تبقى من النساء وكبار السن من منازلهم بعد اقتحام القرى ونهب الممتلكات والمحاصيل الزراعية المنتجة خلال خريف هذا العام.

وأشارت المصادر إلى أن هجمات الأمس استهدفت قرى كرشوم وكالنج وريبة ودراش وقردود جاما وأبو زايدة، والأرياف المحيطة بها، مما تسبب بموجات نزوح واسعة من تلك المناطق وإخلاء القرى من سكانها تحت ضغط العمليات الجارية، في ظل نهب للمنازل والمخازن والحقول، مما أدى إلى تفاقم للوضع الإنساني بصورة كبيرة.

جرائم تتكرر

إلى ذلك اتهم حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي الأربعاء الإمارات وجهات دولية أخرى لم يسمها بتوفير الإسناد لـ”الدعم السريع”، من أجل إحداث تغيير ديمغرافي في إقليم دارفور، وأضاف مناوي، لدى تفقده معسكرات النازحين من الفاشر بمحلية الدبة بالولاية الشمالية، أن “إقليم دارفور يشهد إبادة جماعية مستمرة”، مشيراً إلى أن “الجرائم التي وقعت عام 2003 لا تزال تتكرر، والفاعلين هم أنفسهم”.

وفي الـ26 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سيطرت قوات “الدعم السريع” على الفاشر آخر معاقل السلطة المركزية في إقليم دارفور، وارتكبت انتهاكات واسعة في حق المدنيين، شملت القتل والنهب والاغتصاب والتهجير القسري.

ووصف حاكم دارفور معاناة النازحين من دارفور بأنها “مأساة إنسانية عميقة”، بسبب ما وصفه بـ”الظلم وتقصير المجتمع الدولي ودعم بعض الدول للميليشيات”، متعهداً بإعادة النازحين لديارهم بمجرد انتهاء القتال وتحسن الأوضاع الأمنية.

ووصل مناوي على رأس قافلة مساعدات إلى مركز إيواء بمنطقة العفاض تحتوي على كميات من المواد الغذائية والإيوائية، وعقد اجتماعاً مع لجنة الطوارئ والأزمات بمخيم “أزهري المبارك” لتلمس احتياجات الوافدين، مشيداً بالدور الذي تقوم به الولاية ومحلية الدبة بصفة خاصة في احتضانها للوافدين وتقديم الخدمات الإنسانية.

مناوي لدى تفقده معسكرات النازحين من الفاشر بمحلية الدبة بالولاية الشمالية (أ ف ب)

ورقة وشروط

إلى ذلك جددت الحكومة السودانية أمس الأربعاء تمسكها بخريطة الطريق، التي قدمتها في وقت سابق للأمم المتحدة لحل الصراع في البلاد.

وكشف وزير الخارجية السوداني محي الدين سالم، في مؤتمر صحافي ببورتسودان أمس، عن تسليم الحكومة السودانية الأمم المتحدة ورقة إعلان مبادئ للأغراض الإنسانية، تؤكد “سيادة ووحدة السودان ودعم مؤسساته الشرعية وحماية المدنيين، والحل السوداني – السوداني”، وانسحاب “الدعم السريع” من جميع المدن التي احتلتها كشرط أساس قبل أي ترتيبات لوقف النار.

وأعلن مجلس الأمن والدفاع السوداني قبل يومين تمسكه بخريطة الطريق التي قدمها السودان إلى الأمم المتحدة في شأن تحقيق السلام في البلاد وإنهاء الحرب، كما كلف لجنة مختصة للرد على خريطة مجموعة الرباعية الدولية.

وأضاف الوزير سالم أن “الحكومة ترى أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل النزاع ولا تنتظر أي طرف كان ليفرض عليها حلاً أو يملي عليها شروط التفاوض، ولا نريد الذهاب إلى سلام ناقص يفتح الباب أمام حرب جديدة”. وطالب المجتمع الدولي بتسمية “الدعم السريع” مجموعة إرهابية، مشترطاً أن يسبق أي اتفاق لوقف إطلاق النار التنفيذ الكامل لـ”اتفاق جدة”، منتقداً في الوقت نفسه فشل المجتمعين الدولي والإقليمي في إجبار تلك القوات على تنفيذ الاتفاق الصادر عن منبر جدة.

مسعد بولس يطلب خطوة حاسمة

من جهته قال كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية والعربية مسعد بولس أمس الأربعاء إن واشنطن تتوقع من الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” الالتزام بهدنة إنسانية من دون أي شروط مسبقة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بصورة كاملة ومن دون عوائق.

وأضاف بولس، في تغريدة على حسابه بمنصة “إكس”، أن الهدنة تمثل خطوة حاسمة لإنقاذ الأرواح، ومرحلة أساسية لتهيئة الطريق نحو حوار مستدام وانتقال حقيقي إلى حكم مدني يضمن السلام الدائم في السودان.

وفي مقالة نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، جدد البرهان التزامه بالانخراط مع واشنطن والرياض في أي مسار سلام “عادل ومتوازن”، مشدداً على أنه لا سلام دائم في السودان من دون تفكيك “الدعم السريع” ومرتزقتها، مع إمكان دمج عدد محدود من عناصرها في الجيش الوطني شريطة ألا يكونوا متورطين في جرائم.

في السياق أوضح المتخصص في إدارة الأزمات والتفاوض اللواء أمين إسماعيل مجذوب أن “قوات ‘الدعم السريع’ بعد الانهيار الذي تشهده في إقليم كردفان، بدأت تلجأ لمناورة القوى الإقليمية والدولية عبر إعلان هدنة أحادية، وهو أمر مخالف للطبيعة العسكرية وغير معهود في الحرب، ما دام أن المعارك ما زالت مشتعلة، وهي تهاجم الآن بابنوسة وغيرها من البلدات والقرى، لكنها أرادت من خلال الإعلان تحقيق مكاسب سياسية وإعلامية”.

ويرى مجذوب أن “الدعم السريع” تعاني الآن “مشكلات حقيقية في انقطاع الإمداد اللوجستي من حيث المؤن الغذائية والعتاد، لذلك تعلن هدنة إنسانية بغرض دخول المساعدات للاستيلاء عليها، لسد الفجوة المزمنة لديها في هذا الجانب”.

وفي شأن الاشتراطات الجديدة التي طرحها وزير الخارجية السوداني أمس، وعلى رأسها تصنيف “الدعم السريع” كمنظمة إرهابية، أشار مجذوب إلى بعض الاشتراطات تجيء في سياق اختبار جدية الوسطاء.

ويتابع أن “رؤية حكومة السودان حول ضرورة تصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية تشكل مقدمة لاجتثاثها بصورة كاملة في المستقبل، وذلك بتسليم سلاحها عقب انتهاء مرحلة وقف النار، بوصفها قوة عسكرية كانت تتبع للجيش بموجب قانون اتحادي صدر في 2013، لكنها تمردت عليه”.

وأوضح أن “مرحلة العملية السياسية اللاحقة تخص القوى السياسية، ولن تكون ‘الدعم السريع’ مشمولة بالحوار السياسي التالي، كونها ليست حزباً سياسياً أو منظمة مدنية”.

الاعتراف بالكيماوي

وفي تطور لافت، طالبت الخارجية الأميركية الحكومة السودانية بالاعتراف بالانتهاكات التي ارتكبها الجيش باستخدام أسلحة كيماوية خلال الحرب المستمرة في البلاد منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023.

وذكرت إدارة الشؤون الأفريقية بالخارجية الأميركية في منشور على حسابها بمنصة (إكس) أنه “على حكومة السودان الاعتراف فوراً بانتهاكاتها، ووقف أي استخدام آخر للأسلحة الكيماوية، والتعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية”.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بعد تثبتها من استخدام الجيش السوداني أسلحة كيماوية في عام 2024، وفق روايتها.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا