تعاني ملايين من الاسر السودانيين والعاملين بالدولة من أوضاع معيشية كارثية بسبب اتساع الفجوة الكبيرة لتكاليف الحياة المعيشية وما يتقاضونه من اجر سواء العاملين بالدولة أو القطاع الخاص، في وقت لم تبدأ حكومة الامر الواقع أي محاولات للحد من مشاكل الفقر والجوع الذي يهدد حياة ملايين الاسر، ولا يوجد اي بصيص امل في الوقت الراهن لمعالجة الامر في ظل استمرار الحرب وزيادة النفقات عليها.
ولم تتضمن موازنة 2026 التي أعدتها حكومة الأمر الواقع أي معالجات لمحدودي الدخل، في وقت حدد ناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي حجم الفجوة بين المصروفات اليومية لأسرة متوسطة تتكون من 4 الى 6 اشخاص في اليوم يحتاجون خبز بواقع 5 الاف جنيه وبلغ سعر كيلو السكر 3600 جنيه وتكلفة لبن بودرة او حليب بواقع 3 الاف جنيه، ورطل زيت طعام 3 الاف وبصل 2 الف جنيه وسلطة 3 الاف جنيه. كما تمل مستلزمات الاسرة الصغيرة اليومية بطاطس او بامية او اسود بسعر 3 الاف جنيه وعدس 1500 جنيه، وصلصة 1200 جنيه، وكسرة الف جنيه، وصابون غسيل 3 الاف جنيه، وفول 2 الف جنيه.
وتفوق المتطلبات اليومية لتكلفة الحياة المعيشية مقدرة المواطنين، بجانب تكلفة غاز الطهي بواقع 60 الف جنيه للأسطوانة وتكاليف الكهرباء والماء والمواصلات والعلاج والمدارس وهذا يعني ان تكلفة اليوم الواحد اكثر من 35 الف جنيه ما يعادل اكثر من مليون جنية شهريا بينما لا يتعدى ما يحصلون عليه من اجر حوالي 200 الف جنيه.
وارتفعت معدلات الفقر في السودان بشكل كبير، لتصل إلى 71% مقارنة بـ 33% في عام 2022، وفقد الملايين مصادر دخلهم وفرص عملهم بسبب الحرب، مما ادى لارتفاع معدلات البطالة إلى 47% بنهاية العام الماضي مقارنة بـ 32% في عام 2022.
وقال الباحث والمحلل الاقتصادي د.هيثم فتحي، إن المواطن يواجه ضغوطًا كثيرة جدًا، خاصة بعد فقدان الغالبية مصدر رزقهم بشكل كامل، ومنهم من فقد مصدر دخله بشكل جزئي، بالتالي أصبح المواطن ليس لديه مصدر دخل ثابت حاليًا.
وعزا في حديث سابق ارتفاع أسعار غاز الطهي لاستيراد المحروقات من الخارج، وهو مرتبط بقيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، بالإضافة إلى تكاليف الترحيل من الموانئ إلى مناطق الاستهلاك. ويقول المواطن ميرغني محمد إن الحياة المعيشية صعبة للغاية وكثير من الاسر باتت تعيش على وجبة اكل واحدة بسبب عدم توافر الموارد المالية لتغطية تكاليف النفقات اليومية لاحتياجات الاسرة، وكثير من الاسر لم يتمكنوا من شراء ابسط مقومات الحياة المعيشية ويضطر غالبية المواطنين لاعداد وجبة واكلها على يومين لتقليل النفقات اليومية، لان هناك احتياجات اخرى من غاز طهي وعلاج وفواتير مياه وكهرباء وهي تشكل عبء اضافي على الاسر، وأضاف ان غالبية المواطنين يعتمدون على ذويهم بالخارج ليتمكنوا من تامين قوت يومهم.
وكانت لجنة المعلمين السودانيين اعدت دراسة اجتماعية حول تكلفة المعيشة في السودان وواقع الأجور في القطاع التعليمي. وأظهرت الدراسة أن الأجور الحالية للعاملين في التعليم لا تغطي حتى الحد الأدنى لتكاليف المعيشة، وأن جميع العاملين بلا استثناء يقعون تحت خط الفقر المدقع.
وأضافت في بيان سابق ان كلفة المعيشة الأساسية لعائلة مكونة من خمسة أفراد 1,652,000 جنيه سوداني (حوالي 485 دولاراً أمريكياً). وأكدت الدراسة أن جميع العاملين في التعليم يقعون تحت خط الفقر المدقع، الذي يُعرّف عالمياً بأنه الحالة التي يعجز فيها الإنسان عن تلبية أدنى متطلبات الحياة الأساسية.
وأدى الصراع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023 لتدهور الوضع الاقتصادي بشكل متسارع حيث تضاعفت أسعار السلع الأساسية بصورة غير مسبوقة طال جميع السلع في الأسواق، وزادت تكاليف الخدمات الأساسية في جميع أنحاء السودان ويعيش غالبية المواطنين واقعًا مريرًا في ظل انفلات الأسعار وتدهور العملة الوطنية وارتفاع معدلات التضخم، الأمر الذي أدى لتدني مستوى المعيشة للمواطنين في الريف والحضر.
مداميك
المصدر:
الراكوبة