تتحدث تقارير إعلامية عن ظهور أسلحة ألمانية الصنع في السودان. فأي نوع من الأسلحة تلك التي تستعمل في حرب أهلية ضارية؟ وكيف وصلت إلى هناك؟
تشن ميليشيا قوات الدعم السريع حربا ضارية في السودان، وترصد بعض التقارير وجود أسلحة أوروبية لديها. تقرير حول الموضوع نشره موقع تاغس شاو، تحدث عن أدلة مصورة حللها موقع “ريبورت ماينز” الألماني، توضح أن الميليشيا تمتلك أسلحة من ألمانيا.
ويذكر موقع تاغس شو الألماني، أن “ريبورت ماينز” حلل مقاطع فيديو وصور، يُعتقد أنها التُقطت في السودان، وتعود إلى المراحل الأولى من الحرب. تُظهر إحدى الصور رجلا يرتدي زي قوات الدعم السريع وهو يحمل بندقية. وقد تمكنت صحيفة “ريبورت ماينز” من تحديد هويته، وقد كان موجودا في العاصمة السودانية الخرطوم وقت التقاط الصورة.
تكتسب الصورة أهميةً كبيرةً، إذ يشير التعليق إلى أن السلاح المستخدم هو بندقية G36C من إنتاج شركة “هيكلر آند كوخ” الألمانية. كما تعرّف خبراء الأسلحة على البندقية خلال محادثاتهم مع “ريبورت ماينز”، وكذلك في مقطعي فيديو آخرين يُزعم أنهما يُظهران نوعًا آخر من بندقية G36 في السودان.
ردّت “هيكلر آند كوخ” على استفسار من “ريبورت ماينز”، وجاء الجواب كما ذكره موقع تاغس شاو، أن “الأسلحة المصورة في الصور تبدو وكأنها أنواع مختلفة عن بندقية G36. ومع ذلك، لا تُتيح الصور إمكانية للوصول إلى أي استنتاجات موثوقة، أي لا يمكننا تقييم ما إذا كانت الأسلحة المصورة قد وصلت إلى مثل هذا الصراع دون معرفة رقمها التسلسلي، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف حدث ذلك؟”.
بالنسبة لخبير الأسلحة مايك لويس: “من الواضح أن القوات في السودان تتلقى إمدادات مُستمرة من المعدات، جوًا وبرًا”.ولويس الذي أجرى سابقًا أبحاثا عن السودان لصالح الأمم المتحدة، يعتبر أن “كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة والمركبات العسكرية وغيرها دخلت السودان”. وتتحدث تقارير كثيرة عن وجود أسلحة أوروبية أخرى في السودان، منها قذائف هاون من بلغاريا.
ماكس موتشلر باحث في شؤون النزاعات في المركز الدولي لدراسات النزاعات في بون (BICC) يرى أنه من الملحوظ عموما في العديد من الحروب الأهلية في القارة الأفريقية “أن الأسلحة تنتقل من منطقة نزاع إلى أخرى”. وينطبق هذا أيضا على السودان، سواء بالنسبة للقوات الحكومية أو ميليشيات الدعم السريع المتمردة. علاوة على ذلك، تم تصدير قاذفات قنابل G36 إلى عدة دول خارج أوروبا.
ظهرت أسلحة أوروبية بشكل متكرر في السودان خلال الحرب الأهلية، وقد تمكنت قناة فرانس 24 التلفزيونية الفرنسية من تتبع مصدر قذائف الهاون التي عُثر عليها في الصحراء السودانية باستخدام مذكرة تسليم، والتي حصل عليها موقع “ريبورت ماينز” أيضا. ووفقًا للمذكرة، تم تسليم القذائف من بلغاريا إلى شركة في الإمارات العربية المتحدة، ولا يزال من غير الواضح كيف وصلت إلى السودان.
تُتهم الإمارات بدعم قوات الدعم السريع لسنوات، لكنها نفت ذلك في بيان لموقع “ريبورت ماينز”. تقرير موقع “تاغس شاو” يرى أن هناك مؤشرات على وجود نظام أسلحة منشأه الإمارات، وانتهى به المطاف في السودان، ومنها ناقلة الجنود المدرعة التي تصنعها شركة “نمر أوتوموتيف”.
وتُظهر لقطات من السنوات الست الماضية، والتي حللها موقع “ريبورت ماينز”، المدرعة على الطرق السودانية. ووفقًا لمراقبين، تلعب هذه المدرعات دورا مهمًا في الحرب الأهلية، وخاصة بالنسبة لقوات الدعم السريع.
عُثر على تكنولوجيا أوروبية على متن المركبات التي وُجدت في السودان وداخلها: نظام دفاع من فرنسا ومحرك مُصنّع خصيصًا في إنجلترا. قادت التحقيقات التي أجراها موقع “ريبورت ماينز” إلى شركة ألمانية تُدعى “ويباستو”، وهي شركة مُصنّعة لتقنيات التدفئة وتكييف الهواء، وقد سبق لها تقديم حلول للتحكم في مشاكل المناخ.
ورفضت “ويباستو” التعليق على أسئلة مُحددة، لكنها أوضحت سياستها العامة في التصدير: “نُبرم عقود التوريد بشرط الالتزام الصارم بحظر الأسلحة المعمول به من قِبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدولة المُصدّرة المعنية”. ولم تُجب شركة “نيمر أوتوموتيف” على أسئلة “ريبورت ماينز”.
ودعا أديس أحمدوفيتش، المتحدث باسم السياسة الخارجية في الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، الحكومة الألمانية إلى اتباع نهج مختلف تجاه صادرات الأسلحة، قائلاً: “إذا اتضح أن جهات أجنبية تستخدم أسلحة ألمانية، فيجب إعادة النظر في هذا الأمر”.
وذكرت الوزارة الاتحادية للشؤون الاقتصادية والطاقة، رداً على استفسار من “ريبورت ماينز”، أنها “لم تتوصل إلى نتائج مستقلة تتعلق بالسؤال المطروح”. وأوضحت الوزارة أنها لم تتحقق من أماكن وجود الأسلحة المُسلّمة إلى الإمارات العربية المتحدة إلا مرة واحدة منذ عام 2017، دون العثور على أي مشاكل.
المصدر:
الراكوبة