استغرق بناء سد النهضة الإثيوبي الضخم 14 عامًا: ما يعنيه لدول نهر النيل الإحدى عشرة ولماذا هو مثير للجدل إلى هذا الحد
دعونا نُفصّل هذا في شرح واضح وشامل، وفي سياقه الكامل، لسد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD)، مع الأخذ بعين الاعتبار نقاط المقال الأصلي من موقع conversation africa، بالإضافة إلى تفاصيل موثقة من مصادر موثوقة متعددة، لنحصل على الصورة الكاملة.
1️⃣ ما هو سد النهضة الإثيوبي الكبير وأهميته؟
الموقع: على النيل الأزرق في منطقة بني شنقول-قماز الإثيوبية، على بُعد حوالي 15 كيلومترًا من الحدود السودانية.
الحجم: أكبر سد كهرومائي في أفريقيا – بطول 1.8 كيلومتر، وارتفاع 170 مترًا، وسعة خزانه 74 مليار متر مكعب.
إنتاج الطاقة: تتراوح الطاقة المُركّبة بين 5,150 و6,000 ميغاواط، مما يُضاعف إنتاج إثيوبيا من الكهرباء.
التكلفة والتمويل: حوالي 5 مليارات دولار أمريكي، أكثر من 90% منها مُموّل ذاتيًا من قِبل الإثيوبيين من خلال السندات والتبرعات ومساهمات الرواتب؛ ولا توجد قروض كبيرة من البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي نظرًا للحساسيات السياسية.
الجدول الزمني للبناء: بدأ في أبريل 2011، واكتمل في يوليو 2025، وافتتح في 9 سبتمبر 2025.
الرمزية: يُنظر إليه محليًا على أنه مشروع وحدة وطنية ورفض لترتيبات المياه التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية.
2️⃣ سياق حوض النيل
دول حوض النيل (11): إثيوبيا، مصر، السودان، أوغندا، جنوب السودان، كينيا، تنزانيا، رواندا، بوروندي، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إريتريا.
دور النيل الأزرق: ينبع من بحيرة تانا في إثيوبيا، ويُساهم بحوالي 85-86% من إجمالي تدفق نهر النيل.
الاعتماد على دول المصب: تعتمد مصر على نهر النيل في 90-95% من مياهها العذبة؛ كما يعتمد السودان عليه بشكل كبير.
3️⃣ جذر النزاع – معاهدات الحقبة الاستعمارية
المعاهدة الأنجلو-مصرية لعام 1929: منحت مصر حق النقض (الفيتو) على مشاريع دول المنبع؛ واستثنت إثيوبيا.
معاهدة مصر والسودان لعام 1959: خُصصت 55.5 مليار متر مكعب سنويًا لمصر، و18.5 مليار متر مكعب سنويًا للسودان، ولا شيء لدول المنبع.
رفض دول المنبع: تُجادل إثيوبيا ودول أخرى بأنها لم تكن طرفًا في هذه المعاهدات، وبالتالي فهي غير مُلزمة بها.
تضارب المبادئ:
مصر/السودان: “حقوق تاريخية” تستند إلى معاهدة عام 1959.
دول المنبع: “استخدام منصف ومعقول” بموجب القانون الدولي الحديث للمياه.
٤️⃣ مبادئ قانون المياه الدولي
من اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية لعام ١٩٩٧ وقواعد هلسنكي لعام ١٩٦٦١٣:
الاستخدام المنصف والمعقول – لجميع الدول المشاطئة حقوق متساوية في استخدام المياه المشتركة بشكل منصف.
عدم إحداث ضرر جسيم – يجب ألا تُسبب الأنشطة ضررًا جسيمًا للدول الأخرى.
واجب التعاون – تبادل البيانات والتشاور والتفاوض بحسن نية.
تتعارض معاهدة عام ١٩٥٩ مع هذه المعايير باستبعاد معظم دول الحوض.
٥️⃣ نزاع الملء والتشغيل
اقتراح مصر والسودان: الملء على مدى ١٢-٢١ عامًا لحماية تدفقات المصب.
موقف إثيوبيا: فترة ملء أقصر لتلبية احتياجات الطاقة العاجلة.
فشل المفاوضات: فشلت وساطة الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة والأمم المتحدة في التوصل إلى اتفاق ملزم.
إجراءات مصر:
التوجه إلى مجلس الأمن الدولي.
تهديدات باتخاذ “جميع التدابير” لحماية الأمن المائي.
تواصل دبلوماسي مع منافسي إثيوبيا في القرن الأفريقي.
6️⃣ الفوائد المحتملة لسد النهضة الإثيوبي الكبير
بالنسبة لإثيوبيا:
كهرباء موثوقة لحوالي 60 مليون شخص يفتقرون إليها حاليًا17.
التصنيع الريفي، والحد من إزالة الغابات، وتحسين نتائج التعليم، وتوسيع شبكة الإنترنت18.
العملات الأجنبية من صادرات الكهرباء إلى كينيا والسودان وجيبوتي وتنزانيا19.
بالنسبة للمنطقة (في حال وجود تعاون):
السيطرة على الفيضانات في السودان.
تخفيف آثار الجفاف في مصر.
انخفاض ترسب الطمي في سد الروصيرص السوداني.
7️⃣ المخاطر والمخاوف
مصر: تخشى من انخفاض تدفق المياه، خاصة في سنوات الجفاف.
تعتمد على احتياطيات سد أسوان العالي كحاجز، ولكن هذا الاحتياطي محدود.
السودان: يستفيد من التحكم في الفيضانات، لكنه قلق بشأن إطلاقات المياه غير المنسقة التي تؤثر على سدوده.
المخاطر المشتركة:
لا توجد قواعد تشغيلية ملزمة لسنوات الجفاف.
مخاوف تتعلق بسلامة السد (رغم إصرار إثيوبيا على معايير هندسية حديثة).
8️⃣ لماذا الاتفاق بعيد المنال؟
تحول في عدم تكافؤ القوة: سد النهضة ينقل السيطرة على تدفق النيل الأزرق من المصب إلى المنبع.
مأزق قانوني: مصر/السودان تتمسكان بحصص الحقبة الاستعمارية؛ وإثيوبيا ترفضها.
الرهانات الجيوسياسية: النيل شريان حياة لمصر؛ سد النهضة شريان حياة لتنمية إثيوبيا.
9️⃣ الصورة الأكبر
سد النهضة شريان حياة لتنمية إثيوبيا، وهو في الوقت نفسه نقطة اشتعال جيوسياسية.
إنه يتحدى نظامًا مائيًا قائمًا منذ قرن في حوض النيل.
بدون تعاون، تبقى مخاطر التصعيد السياسي قائمة – ولكن بالتعاون، يمكن أن يكون نموذجًا لإدارة الموارد الأفريقية المشتركة.
جون موكوم مباكو
أستاذ بجامعة ويبر ستيت، يوتا، الولايات المتحدة الأمريكية