آخر الأخبار

خلف ستار الجيش.. مليشيات مسلحة تضع شمال السودان تحت فوهات البنادق

شارك

وضعت مليشيات مسلحة مناطق واسعة في شمال السودان ، فوق “برميل بارود”، لتنامي نفوذها وتكاثر تجاوزاتها التي وصلت إلى قتل رجال شرطة ومعدنين عن الذهب، وسط اتهامات لنافذين برعاية وحماية هذه المليشيات.

وحسب ما حصلت عليه “ دروب ” فإن هنالك ثلاث مليشيات رئيسية في الولاية الشمالية تتخفى خلف لافتات مثل “المقاومة الشعبية” و”المستنفرين”، تجاوز عدد منسوبيها نحو 10 آلاف مقاتل معظمهم من أصحاب السوابق الجنائية في التهريب، وتجارة المخدرات، والنهب المسلح، وبعضهم مدمني مخدرات.

وكانت مدن الولاية الشمالية آمنة، هادئة، لا تعرف الصراعات القبلية، ولا تشهد الحروب الأهلية أو انتشار عصابات النهب المسلح، حيث اعتاد سكانها سماع أخبارها في مواقع أخرى من البلاد. إلا أنه منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023م، تحولت تلك المدن الحالمة إلى منطقة تقف على فوهة بركان بسبب المليشيات المسلحة، وفق ما رصدته “دروب”.

عصابات اجرامية

على امتداد طريق “شريان الشمال” وصولًا إلى مدينة وادي حلفا، تجوب مركبات دفع رباعي وشبه عسكرية مُحملة بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، يعتليها مقاتلون غير نظاميون.

يقود هذه المجموعات المسلحة أفرادًا كانوا في السابق جزءًا من عصابات وتنظيمات إجرامية تنشط في تهريب السلاح والبشر والمخدرات، لكنهم تحوّلوا بعد اندلاع الحرب إلى ميليشيات تُنسَب لاستخبارات الفرقة (19)، وتزعم القتال إلى جانب الجيش، وفق ما يتردد وسط سكان هذه المناطق.

وبحسب روايات سكان محليين استمعت اليها “دروب”، فإن هذه المجموعات لا تزال تمارس أنشطتها الإجرامية في تهريب المخدرات والبشر، إضافة إلى توفير الحماية لمن يدفع من أصحاب مشاريع التعدين عن الذهب.

وفي أبريل الماضي، أطلقت ميليشيا تُعرف بـ”أولاد قمري” النار تجاه معدنين أهليين في منطقة “تركمان” الواقعة على بُعد نحو 80 كيلومترًا جنوب مدينة وادي حلفا، ما أدى إلى وفاة أحدهم لاحقًا متأثرًا بجراحه.

وأعقبت المليشيا الحادثة باحتجاز عدد من أبناء المنطقة العاملين في التعدين الأهلي لفترة قبل أن تُفرج عنهم دون أن تسألها السلطات، الأمر الذي أثار دهشة المواطنين من حجم النفوذ الذي تتمتع به.

وحسب معدنون متضررون من هذه المليشيا تحدثوا لـ”دروب” شريطة عدم الكشف عن هوياتهم لمخاوفهم الأمنية، فإن نافذين في الولاية الشمالية بستخدمون هذه الميليشيات لابتزاز منافسيهم في مجال التعدين عن الذهب، الأمر الذي يجعل السلطات الرسمية تتجاهل تجاوزاتها تجاه المعدنيين التقليدين.

يقولون إن مليشيا أولاد قمري، لديها علاقات مشبوهة بمسؤوليين أمنيين يوفرون لها الحماية، مشيرين إلى أن حادثة “منجم تركمان” تباطأت كل القوات النظامية في حسم المجموعة التي أطلقت النار على المعدنيين.

وأشاروا إلى أن أحد أصحاب المنجم الذي هاجمته المليشيا هرب إلى دولة مجاورة خوفا من انتقام مليشيا “أولاد قمري” والنافذين الذين يوفرون لها الحماية بعدما دخل معهم في مواجهات.

الدعم السياسي والمالي

“تكمن خطورة هذه التشكيلات المسلحة في حصولها على دعم رسمي، وارتباطها برجال أعمال فاسدين نافذين، أغلبهم ينتمون إلى حزب المؤتمر الوطني، على رأسهم رجل أعمال معروف يقود ميليشيا مسلحة تُعرف باسم أولاد أزهري”، هكذا تحدث مصدر موثوق طلب عدم الكشف عن اسمه.

وحسب المصدر فان قائد مليشا “أولاد أزهري” دفع نحو 3 ملايين دولار لجلب أسلحة وسيارات قتالية، مدعيًا أن قواته تتبع للمقاومة الشعبية، في حين أنها لا تخضع لقيادتها.

وأشار المصدر إلى تنامي مخاوف السكان من تمدد هذه الميليشيات، التي تجاوز عدد عناصرها 10 آلاف مقاتل، معظمهم من أصحاب السوابق الجنائية في التهريب، وتجارة المخدرات، والنهب المسلح، وبعضهم من مدمني المخدرات.

وأضاف المصدر في حديثه لـ”دروب” أن “انتشار السلاح بين المواطنين أصبح ظاهرة مقلقة، تُهدد باندلاع حرب أهلية في أي لحظة”.

وتابع: “الميليشيات، وعلى رأسها أولاد قمري وأولاد أزهري وأولاد شاذلي، تزعم أنها أنشئت لحماية الحدود، لكنها في الواقع تنشط بوضوح في عمليات التهريب بين السودان ومصر وليبيا، بل وتقوم أحيانًا بنهب المهربين أنفسهم تحت تهديد السلاح”.

مخاوف أمنية

وحسب مصدر أمني تحدث لـ”دروب” فإن “المخاوف بدأت تدب وسط الأجهزة الأمنية من نفوذ المليشيات المسلحة في شمال السودان لجهة أن تجاوزاتها لم تعد مجرّد أحاديث مجالس أو تقارير أمنية، بل أصبحت واقعًا ماثلًا لا يختلف كثيرًا عمّا شهدته دارفور من انفلات أمني” وفق قوله.

وأشار المصدر إلى سلسلة حوادث رصدتها الأجهزة الرسمية، منها مهاجمة مسلحين مجهولين مراكز الشرطة في مناطق “الغدار وأمنتقو” بمحلية دنقلا وحادثة اطلاق النار على معدنين في منطقة “تركمان” بمحلية وادي حلفا، فضلاً عن الاشتباكات المسلحة بين قبيلتي “الهواوير والكبابيش” بمدينة الدبة.

وفي 14 يوليو الجاري قتل الشرطي محمد عثمان إمباش، وأصيب آخرين برصاص مسلحين مجهولين هاجموا قسم الشرطة في حي القدار بمدينة دنقلا العجوز شمالي السودان، فيما لم يتم القبض عليهم حتى اليوم.

وأضاف المصدر الأمني أن “تلك الحوادث مؤشرات تنذر بتحول الولاية الشمالية إلى بؤرة صراع مشابهة لبقية الولايات التي تشهد حروبًا ونزاعات مسلحة، في ظل توفر السلاح دون أي رقابة أو ضوابط”.

وكشف المصدر عن سماه بـ”احتقان أمني خطير” في منطقة دلقو بين الميليشيات المسلحة والقوات المشتركة التابعة لحركات دارفور المتحالفة مع الجيش السوداني، مضيفًا: “الوضع قد ينفجر في أية لحظة، والجميع مسلحون، ولا توجد أي تحركات رسمية لاحتواء التوتر”.

وفي هذا السياق رصدت “دروب” تنامي الخطاب الجهوي ورسائل التحريض ضد المجموعات السكانية المنحدرة من غرب السودان الذين يشكلون وجَودا كبيرا في مناطق التعدين عن الذهب.

قال ناشط من أبناء الولاية الشمالية إن السيولة الأمنية وانتشار السلاح مع صعود الخطاب التعبوي ضد عمال مناجم الذهب من غرب السودان يشكل “قنبلة موقوتة”.

ابتزاز علني

يقول أحد المواطنين، وهو صاحب مجمع تجاري على طريق شريان الشمال، إن ميليشيا “أولاد قمري” تجبرهم على دفع أموال مقابل الحماية من المسلحين الذين يجوبون الطرقات. وأضاف “المنطقة لم تعد آمنة، فالسلاح منتشر بكثافة، ولم نعد نثق في الأجهزة الأمنية”.

وأعرب سكان من منطقة “كرمة النزل” تحدثوا لـ”دروب” عن مخاوفهم من تزايد مخاطر المليشيات المسلحة، وناشدوا السلطات المحلية للتدخل لإزالة مظاهر التفلت والمخدرات.

وقال السكان إن عناصر مسلحة ترتدي ملابس عسكرية تروج المخدرات جهارا في قهوة معروفة داخل المنطقة، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية على علم بما يحدث ولكنها لا تتدخل.

وناشد السكان المسؤولين بالولاية الشمالية ومجلس السيادة بالتدخل وإزالة “الظواهر الاجرامية الدخيلة”، محذرين من تحول المنطقة لبؤرة أمنية يصعب السيطرة عليها.

دروب

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا