نظم منتدى شروق الثقافي إسفيريا السبت الماضي منبره الأسبوعي الذي جاء تحت عنوان (خطاب الكراهية والعنصرية علي الميديا من منظور العهود الدولية والقوانين السودانية). وقال المتحدث الرئيس الأستاذ رمزي يحيى المحامي ليس هناك تعريف جامع لخطاب الكراهية بسبب الاختلافات الثقافية بين دول العالم. ولكن خطاب الكراهية يتضمن استخدام أي عبارات أو إشارات بغرض التحقير والتقليل من قيمة أشخاص معينين أو مجموعات عرقية أو ثقافية أو دينية.
وقال إن إعلان الرباط خلُص إلى المبادئ الستة التي تعرف خطاب الكراهية: السياق الاجتماعي والسياسي، وكذلك حالة المتحدث إن كان مؤثرا أم لا، وتوفر النية لدى المتحدث، ومحتوى وشكل الخطاب، وأرجحية الضرر.
وأضاف رمزي هنالك نصوص في الاتفاقات الدولية تتناول خطاب الكراهية. وأكد أن حرية الرأي هي إحدى مبادئ حقوق الإنسان التي لا تقبل التجزئة، ولا تقبل التنازل عنها في أي مكان وأي زمان، مثل حرية الانتظام في حزب او اعتقاد في دين معين.
وأوضح رمزي أن حرية الرأي تختلف عن حرية التعبير، التي يكون لها تاثير على المجتمع، لذلك حرية التعبير غير مطلقة، وإنما تخضع للقانون. وقال ان المادة 20 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تحظر بالقانون اي دعوة للكراهية او العنصرية الدينية تحرض على التمييز او العداوة أو العنف. وقال إن هنالك شعرة رقيقة تفرق بين حرية الرأي وخطاب الكراهية.
وأكد رمزي أن السودان لم يصدر أي قانون يعمل على الحد من خطاب الكراهية حتى في الفترات الديمقراطية، بل وحتى في الفترة الانتقالية بعد العام 2019 (تقاعسنا ولم نصدر مثل هذه القوانين المهمة) .
وأكد رمزي أن المادة الوحيدة الموجودة في القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 التي تطرقت لخطاب الكراهية، هي المادة المتعلقة بإثارة الكراهية ضد الطوائف الدينية أو فيما بينها. وان القانون الثاني الذي تطرق لذلك هو قانون مكافحة جرائم المعلوماتية.
وكشف رمزي أن التعديلات التي تمت على قانون مكافحة جرائم المعلوماتية في العام 2020 نحت لتقييد حرية التعبير أكثر من خطاب الكراهية. حدث ذلك رغم تنامي خطاب الكراهية في 2019 مثل ما حدث في القضارف وكسلا. ولم تفعل الحكومة الانتقالية شيئا، ولم تشرع حتى في سن قانون للحد من خطاب الكراهية، وكان هذا وبال على الفترة الانتقالية وفقا لرمزي.
وقال رمزي إن اكثر من 90% من خطاب الكراهية يتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأن الوسائل التقليدية مثل التلفزيون يمكن ان نجد فيها خطاب كراهية، لكن يتم ذلك في نطاق ضيق.
واضاف رمزي إن الأمم المتحدة احاطت حرية التعبير ببعض القيود في ظل الطوارئ، مثل ما حدث في جائحة كورونا أو يحدث في الحروب، وأكد أنه لا يمكن تقييد حرية الرأي، ولكن يمكن تقييد حرية التعبير بشرط أن تكون هذه القيود ضرورية ومحددة بنص القانون، هذا وفقا للامم المتحدة. وأكد رمزي أن من حق الشخص تأييد الحرب، ويمكن ان تكون الحرب مشروعة، وهنالك قانون ينظم الحرب، وأن القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربعة كلها تتحدث عن الحرب. وأكد رمزي أنه لا توجد اتفاقية دولية على الإطلاق تمنع مقاتلة العدو، من حقك ان تقاتل العدو ولكن ليس من حقك ان تقتل المدنيين وتسيء معاملة الأسرى. وأضاف رمزي إن حق الدفاع عن النفس حق مشروع لكن يجب ألا يتحول الى خطاب كراهية.
ومن ناحيته قال الاستاذ الطاهر باشري – معقبا – إن خطاب الكراهية خطاب مهين الغرض منه إهانة مجموعة أو فئة معينة او التشهير بها او التحريض على العنف ضدها. وأضاف إن المشكلة في خطاب الكراهية أن يكون خطابا منظما وهذا ما حدث في الفترة الانتقالية، فقد كان هنالك خطاب كراهية منظم وخطاب مضاد له غير منظم، لذلك لم يستطيع الصمود امام خطاب الكراهية. وقال باشري في الوقت الحالي في ظل الحرب هنالك خطابان منظمان يحتويان على الكراهية.
وأفاد باشري أن المجتمع المدني في شرق السودان كان دوره ضعيفا حتى قبل الحرب، وأدى ذلك الى تمدد العسكر والإدارات الأهلية. وقال كان دور المجتمع المدني ضعيفا وسيظل خجولا ومحدودا جدا، ما لم يتبلور له دور بسلطة القانون يتيح له التأثير على خطاب الكراهية. وأضاف باشري حتى التمويل الذي تحظى به منظمات المجتمع المدني لا نرى أثره.
وقال إن الدعوة لمراجعة الجنسية في الفترة الانتقالية شكليا دعوة عادية وبسيطة ومقبولة، ولكن حين تنظر لها في سياق شرق السودان، ستعرف ما المقصود بهذا.
وأضاف إن خطر الردة والعودة للقبيلة في شرق السودان ظهر منذ العام 2021 حيث بدأت الردة تدريجيا في بعض المجموعات مثل غاضبون. ولم يتصد لها الناس في حينها، مما أدى إلى تطورها وقد حمل بعضهم السلاح.
وقال باشري إن أخطر ما في خطاب الكراهية منذ العام 2018 أنه خطاب رسمي، أي أنه خطاب حكومة يظهر ذلك في غض الطرف عن بعض مثيري الكراهية، وهنالك اموال تدفع لمجموعات لتأجيج الكراهية.
وقال الأستاذ رمزي يحيى : يمكن الحد من خطاب الكراهية بالتثقيف ورفع الوعي، وإنشاء مجموعات من الشباب والنساء لرتق النسيج الاجتماعي والحث على التعايش السلمي، وكذلك إنفاذ القانون. كما يمكن استخدام الذكاء الإصطناعي للحد من خطاب الكراهية، ولكن يواجه استخدام الذكاء الإصطناعي تحديات، لأن اللغة المستخدمة في السودان مثلا لا يستطيع الذكاء الصناعي التعرف عليها مثل لغة “متك وفتك”
واضاف رمزي أن منتدى شروق أحد المنتديات الرائدة الرافضة للعنصرية والقبلية والتمييز. ودعا المنتدى لتبني مبادرة تعمل على جمع المجتمع المدني للحفاظ على وحدة السودان ومحاربة خطاب الكراهية.
وأكد المشاركون في المنبر الأسبوعي لمنتدي شروق الثقافي الذي أقيم حول خطاب الكراهية والعنصرية ضرورة وضع إستراتيجيات لمكافحة خطاب الكراهية والعنصرية علي الميديا ، وأشاروا إلي عدد من الآليات القانونية والإعلامية للتصدي للظاهرة.