في منطقة الكلاكلة، الواقعة جنوبي العاصمة السودانية، ومع عودة العديد من الأسر من الولايات ودول الجوار مثل مصر، تبدو الحياة وكأنها غائبة في شوارع تغلفها الظلمة، حيث تتجمع مياه الأمطار في برك تعكس حالة من السكون. ويتوارى القطاع الصحي في ظل سلسلة من الأزمات المتلاحقة، حيث يفتقر إلى المحاليل الوريدية وأدوية الملاريا في الوحدات الصحية الصغيرة المنتشرة في الأحياء السكنية.
بينما نجا عشرات الآلاف من سكان العاصمة الخرطوم من حرب استمرت في مدينتهم قرابة العامين، إلا أن الحياة لا تزال تشهد تعقيدات يومية مع انهيار شبكات الكهرباء والمياه والقطاع الصحي.
وفي منتصف يوليو 2025 خاطب رئيس الوزراء كامل إدريس حشدا من المواطنين في أم درمان مطالبا السودانيين بالعودة إلى إعمار العاصمة السودانية واستعادة الحياة العامة.
وتقول اشتياق السيد وهي طبيبة متطوعة في وحدة صحية صغيرة جنوب العاصمة السودانية لـ(عاين): إن “غالبية المراكز الصحية والصيدليات تعاني شح المحاليل الوريدية وانقطاع مستمراً لأدوية الملاريا والسكري وضغط الدم وجميع الأدوية المنقذة للحياة”.
وترى السيد، أن الحياة في الخرطوم متوقفة تماما والناس يجلسون بين جدران منازلهم، ويسألون أنفسهم عما إذا كانت هناك حلول أمامهم؛ لأن الدمار تركز على القطاعات الاقتصادية والصحية والتجارية، وأُصيبت الحياة العامة بالشلل.
وتحذر هذه الطبيبة، من عدم قدرة القطاع الصحي على النهوض بالخرطوم نتيجة التأثر بعمليات النهب والحرب التي استمرت قرابة العامين، وتشير إلى أن المواطنين يواجهون الأوبئة المنتشرة مثل الملاريا والحميات والعشى الليلي والكوليرا. أما بالاستسلام أو البحث عن أدوية بطرق صعبة.
شح مصادر المال
كان مازن وأحمد حسين الشقيقين يحاولان العثور على أدوية لوالدتهما المريضة طافا غالبية الصيدليات في منطقة يثرب والكلاكلة اللفة جنوب الخرطوم، ثم قررا التوجه إلى أم درمان في كل مرة كان يشاهدان الدمار وسط العاصمة السودانية إلى أن وصلا وعثرا على الأدوية بأسعار باهظة.
وعلاوة على نقص الأدوية، فإن مصادر كسب العيش لا تزال ضعيفة وفق مازن الذي عاد للتو مع عائلته من رحلة نزوح شمال السودان مضيفا أن :”المظاهر العسكرية تخيم على الخرطوم”.
وأنهت الحرب سلاسل الإمداد الخاصة بالأدوية الحيوية في العاصمة السودانية، وتقول هيئة حكومية مركزية وسط الخرطوم إن خسائرها تقدر بنصف مليار دولار بسبب تعرضها للنهب إبان سيطرة الدعم السريع على مباني الإمدادات الطبية.
وذكرت عائشة حسن السيدة البالغة من العمر 55 عاما وهي عاملة صحية في مستشفى خاص قبل أن يتعرض للإغلاق بسبب الحرب وسط العاصمة السودانية أن بعض المواطنين يلجأون إلى الطب الشعبي لتعويض ندرة الدواء وارتفاع الأسعار.