آخر الأخبار

مناوي يناور بخريطة مزيفة لدارفور لحث الجيش السوداني على دعمه

شارك

أثار حاكم إقليم دارفور مني آركو مناوي جدلا سياسيا في السودان مع ظهوره في خطاب وجّهه أخيرا ظهرت في خلفيته خريطة مزيفة لإقليم دارفور اقتطع منها أجزاء من الولاية الشمالية، وبعث بإشارة أن لديه أهدافا مستقبلية قد يذهب نحو تحقيقها، حال لم يتلق دعما سخيا من الجيش للحفاظ على تماسك القوات المشتركة التي تخوض مواجهات عسكرية صعبة أمام قوات الدعم السريع التي عززت تواجدها في دارفور وكردفان بعد هزائمها في الخرطوم.

وقال مناوي في تصريحات أدلى بها خلال كلمة له في عيد الفطر إن “قواته لن تتخلى عن الفاشر، ومستعدة لتحرير كل شبر من الأراضي السودانية،” معتبرا الحديث عن تشكيل حكومة مدنية والذهاب للترويج لإعادة الإعمار ليس وقته الآن، في إشارة إلى امتعاضه من تركيز الجيش على جني المكاسب بعد تحرير الخرطوم وقبلها ولايتا الجزيرة والشمالية، بينما يشير الواقع إلى انتظار معارك أكثر صعوبة في دارفور.

وتمتد الحدود التاريخية لدارفور بشكل مواز لحدود شمال كردفان مع الولاية الشمالية، فيما تضمنت الخريطة التي ظهرت خلفه أثناء إلقاء خطابه أمام عدد كبير من القيادات السياسية والقبلية تعديلات غير قانونية في حدود الأقاليم السودانية شملت اقتطاع جزء من أراضي الولاية الشمالية وضمه إلى إقليم دارفور.

ودخل والي الشمالية عابدين عوض الله محمد على خط الأزمة وأعلن رفض حكومة الولاية للخريطة التي نشرها مناوي وأن “حدود الولاية الشمالية معروفة وثابتة تاريخيًا وقانونيًا، وفقًا للحدود الإدارية الرسمية للدولة السودانية المعتمدة منذ الاستقلال، ولا يمكن القبول بأيّ محاولات لتغيير هذه الحدود دون الرجوع إلى المؤسسات الدستورية والجهات المختصة،” وطالب الحكومة الاتحادية بـ”التدخل الفوري لتوضيح الأمر“.

المعز حضرة: مناوي يعبّر عن مصالح سياسية واقتصادية يريد تحقيقها من وراء الحرب

وشعر حاكم إقليم دارفور بفداحة ما ذهب إليه عقب تصاعد الجدل السياسي والاتهامات الموجهة إليه بالتمهيد لتقسيم السودان، وتراجع في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قال فيها “لست من الذين ينشرون خطاب الكراهية والتفرقة بين أبناء الشعب السوداني، ويجب علينا جميعاً أن نتكاتف خلف قواتنا المسلحة والمشتركة والمقاومة الشعبية حتى ينعم أهل الفاشر المحاصرة والأبيض المكلومة وبابنوسة الجريحة بالأمن والأمان“.

وقال المحلل السياسي السوداني أحمد خليل إن المعارك تأخذ في التصاعد على تخوم ولاية الفاشر بشمال دارفور، وإن حاكم الإقليم يخشى من أن يكون تحرير الجيش السوداني للخرطوم والولاية الشمالية دافعا لترك القوات المشتركة التي يشرف عليها لمصيرها في مواجهة قوات الدعم السريع وبعض الحركات المسلحة المتحالفة معها.

وأكد لـ”العرب” أن هذه رسالة إلى الجيش بأن لدى مناوي أوراق يمكن أن يحركها لضمان المزيد من المكاسب السياسية، حال استطاع السيطرة على ولايات الإقليم دون أن يحظى بدعم عسكري كبير من الجيش.

وأوضح أن خطاب مناوي يتناغم مع شعارات الكراهية المنتشرة في السودان مع تزايد النعرات الانفصالية التي لا تتعلق فقط بإقليم دارفور، لكنها تصل إلى ولايات مثل الشمالية وكردفان، مع تشكيل هياكل سياسية تدعم هذا الخطاب والاتجاه نحو تكرار انفصال الجنوب، والخريطة التي وقف أمامها مناوي ليست جديدة وظهرت من قبل دون أن تحظى بهذا القدر من الجدل، والحاصل الآن هو وجود بيئة تكرس للصراع الأهلي مع إطالة أمد الحرب.

وأشار إلى أن الحكومة الموازية ليست وحدها من تهدد وحدة السودان، فهي ما زالت ترفع شعارات تتعلق بحكم السودان كله وليس منطقة بذاتها كما يهدف مناوي، وأن الصراع على الشرعية محرك رئيسي للدعم السريع والمتحالفين في نيروبي، وسيكون الأخطر وهو وجود شخصيات تلقى رواجا مجتمعيا وأهليا تستعيد إرثا تاريخيا يقوم على حكم الأقاليم بعيدا عن الدولة الموحدة.

أحمد خليل: هذه رسالة إلى الجيش بأن لدى مناوي أوراق يمكن أن يحركها لضمان المزيد من المكاسب السياسية

واعتبر البعض من المتابعين حديث مناوي محاولة لإعادة تشكيل الجغرافيا السودانية بطريقة تتجاهل التاريخ والجغرافيا المعتمدة للدولة، وهو ما يفتح الباب أمام الحديث عن الحقوق التاريخية لأقاليم وولايات السودان المختلفة، كما أن هذا التحرك في وقت مازالت لم تضع فيه الحرب أوزارها يعكس الصعوبات التي تواجه مسألة بقاء السودان موحدا، في ظل غياب رؤى التوافق السياسي والقبلي التي قد تُعيد البلاد إلى نقطة ما قبل اندلاع الحرب.

ويُعيد هذا الموقف تقييم الحركات المسلحة في السودان التي تراجع نفوذها بشكل كبير مع الانخراط في حرب طويلة بإقليم دارفور وتشظيها إلى مجموعات صغيرة قبل سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، لكنها استعادت قوتها السياسية بعد التوقيع على اتفاق جوبا للسلام منذ نحو خمس سنوات، وما أعقب ذلك من تعزيز موقفها في هياكل السلطة ولعب دور في حرب المدن التي لا يجيدها الجيش وتوظيف ذلك لجني مكاسب، ما يشي أن أهداف السيطرة على السلطة والثورة تداعب هذه الحركات في حال كانت سببا رئيسيا في حسم الحرب.

وقال المحامي السوداني وعضو هيئة محامي دارفور المعز حضرة إن السودان يواجه مأزق وجود مسؤولين في مواقع مهمة دون أن تكون لديهم خلفية سياسية تذكر والأمر ينطبق على حاكم دارفور الذي يحكم إقليم تزيد مساحته على بعض الدول الأوروبية المتقدمة، كما أن السودان يدفع ثمن إطالة أمد الحرب وتحولها من صراع سياسي بين طرفين إلى صراع جهوي وقبلي يكرس لتقسيم البلاد، وهو ما حذرت منه القوى المدنية.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن الصراع على كعكة السلطة والثروة في دارفور قوي بين الحركات المسلحة الموالية للجيش أو الدعم السريع والمتحالفين معهما، وأن مناوي يعبّر عن مصالح سياسية واقتصادية يريد تحقيقها من وراء الحرب، فقد واجه الاندثار في عقب تلقي حركته وغيرها من الحركات هزيمة على يد ميليشيا الجنجويد (قوات الدعم السريع) أثناء حكم البشير، والآن يهدف للثأر عبر مساومات تدفع الجيش لتقديم الدعم اللازم إليه، وإلا فيمكنه الذهاب باتجاه سيناريو التقسيم وليس من المستبعد أن ينتقل إلى الضفة الأخرى عبر التحالف مع الدعم السريع.

ويقع إقليم دارفور في غرب السودان، وهو من أكبر الأقاليم في البلاد، من جهة المساحة والتنوع السكاني، وتحده من الغرب تشاد، ومن الشمال ليبيا، ومن الجنوب جمهورية أفريقيا الوسطى، ما يجعل المنطقة ذات أهمية جيوسياسية كبيرة.

وينقسم إقليم دارفور إلى خمس ولايات، شمال دارفور وجنوب دارفور وشرق دارفور وغرب دارفور، ووسط دارفور، وتبلغ مساحة الإقليم نحو نصف مليون كيلومتر مربع، أي ما يقارب مساحة فرنسا.

العرب

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا