قام الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود السبت بزيارة إلى أديس أبابا ليتلقي برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في خطوة تعكس تسارع الخطوات للتوصل إلى مصالحة بين البلدين، لكن مصر لا تضع في حسابها هذا التقارب وتسعى للاستمرار في مناكفة إثيوبيا بالدعوة إلى منع أي حضور عسكري أو بحري على البحر الأحمر للدولة غير المشاطئة له، وذلك خلال اجتماع وزاري ثلاثي في القاهرة ضم إلى جانب مصر إريتريا والصومال.
وحملت زيارة شيخ محمود إشارة قوية حتى الآن على تحسن العلاقات بين الجارتين بعد عام من التوتر بسبب إبرام أديس أبابا اتفاقا يمنحها منفذا بحريا مع منطقة أرض الصومال الانفصالية. وقد توصّل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى اتفاق في مطلع ديسمبر برعاية الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان، وهو ما قاد إلى تهدئة عسكرية وسياسية وإعلامية بين البلدين.
وذكر بيان لمكتب الرئيس الصومالي نشر على منصة إكس أن شيخ محمود يتوجه إلى إثيوبيا من أوغندا التي توجه إليها في وقت سابق لحضور قمة حول الزراعة في أفريقيا. وأضاف البيان أنه خلال وجوده في إثيوبيا سيجري مناقشات مع القيادة الإثيوبية “لتحسين العلاقات الثنائية ودفع الأولويات المشتركة”. وأوضح “يؤكد استئناف التعاون بدء عهد جديد للتعاون بين الصومال وإثيوبيا”.
وفي الثاني من يناير أرسلت إثيوبيا أيضا وزير الدفاع إلى مقديشو فيما كانت أول زيارة ثنائية منذ توتر العلاقات بين البلدين. واندلع التوتر في يناير من العام الماضي بعد أن وقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع منطقة أرض الصومال المنشقة عن الصومال.
ومن المقرر وفقا للمذكرة أن تؤجر أرض الصومال لأديس أبابا مساحة من الساحل لقاعدة بحرية إثيوبية وميناء تجاري في مقابل اعتراف محتمل باستقلال أرض الصومال. ومنذ ذلك الحين يتهم الصومال إثيوبيا بتقويض سيادته ويهدد بطرد قوات حفظ السلام التابعة لها كما يعمل على تعزيز علاقاته مع مصر وإريتريا.
وفي وقت يظهر فيه أن الوساطة التركية قد نجحت في تهدئة التوتر بين الصومال وإثيوبيا، يتحرك المصريون على واجهة أخرى تتعامل مع التقارب بين البلدين وكأنه غير موجود، وتريد مصر صياغة موقف مع إريتريا والصومال لمنع إثيوبيا من الإطلال على البحر كونها غير مشاطئة. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، السبت، إن أمن البحر الأحمر “مرهون بإرادة الدول المشاطئة فقط،” معربا عن رفض القاهرة أي حضور عسكري أو بحري لغير تلك الدول، في إشارة إلى إثيوبيا.
◙ زيارة شيخ محمود حملت إشارة قوية على تحسن العلاقات بعد عام من التوتر بسبب إبرام أديس أبابا اتفاقا يمنحها منفذا بحريا مع منطقة أرض الصومال
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده عبدالعاطي بالعاصمة القاهرة مع وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، ووزير الخارجية الإريتري عثمان صالح محمد، عقب اجتماع ثلاثي بينهم، وفق قناة “القاهرة” الإخبارية. وقال عبدالعاطي إن الاجتماع بحث عقد اجتماعات وزارية ثلاثية مماثلة في مقديشو ثم أسمرة، والاتفاق على الإعداد لقمة رئاسية ثانية قريبا بعد التي تمت بإريتريا في أكتوبر 2024.
وأوضح أنه جرى في الاجتماع “التأكيد على تقديم كل الدعم الممكن للحكومة الصومالية وبسط سيطرتها ونفوذها على كامل تراب بلادها، وتعزيز دور الجيش الصومالي، ورفض أيّ إجراءات أحادية تمس وحدة الصومال”. وأكد وزير الخارجية المصري مشاركة بلاده في بعثة حفظ السلام في الصومال، بعد ترحيب من مقديشو والاتحاد الأفريقي، دون تفاصيل أكثر بشأن البعثة التي يفترض أن تبدأ عملها مطلع 2025.
وفي أغسطس 2024، أعلن سفير الصومال في القاهرة علي عبدي أواري، وصول معدات وقوات مصرية إلى مقديشو، تمهيدا للمشاركة في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال “أوسوم”، وهو ما أكدته الخارجية المصرية. ومن المقرر أن تحل القوات الجديدة محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية الحالية في الصومال “أتميس” ابتداء من يناير الجاري.
وعقب المؤتمر الصحفي، أفاد بيان مشترك صادر عن الاجتماع الثلاثي، أن الاجتماع يعد الأول بناء على نتائج قمة أسمرة الثلاثية الرئاسية التي عقدت يوم 10 أكتوبر 2024. وبحث الوزراء الثلاثة الخطوات التنفيذية التي تم اتخاذها بناء على توجيهات رؤساء الدول الثلاث في قمة أسمرة، لتعزيز الأمن في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر.
ورحب الوزراء الثلاثة بـ”التقدم المُحرز في تعزيز التعاون بين دولهم من أجل تحقيق الأمن في الصومال، بما في ذلك التعاون القائم بين مصر والصومال للمساهمة في جهود حفظ وبناء السلام في الصومال، ومشاركة مصر في بعثة الاتحاد الأفريقي للدعم والاستقرار في الصومال أوصوم.”
وبحسب البيان المشترك “تم الاتفاق على تعزيز التنسيق، وحسن الإعداد للجولة الثانية من القمة الثلاثية بين مصر وإريتريا والصومال، في وقت قريب يتم الاتفاق عليه بين الدول الثلاث.”
وفي أكتوبر الماضي، شهدت أسمرة قمة جمعت الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ونظيريه الصومالي حسين شيخ محمود والإريتري أسياس أفورقي، وانتهت إلى التأكيد على ضرورة احترام سيادة ووحدة أراضي منطقة القرن الأفريقي. كما اتفقوا على “إنشاء لجنة ثلاثية مشتركة من وزراء الخارجية للتعاون الإستراتيجي في كافة المجالات”، وفق بيان مشترك آنذاك.
العرب