آخر الأخبار

بين الذهب والبحر الأحمر: القواعد الروسية العسكرية تهدد استقرار السودان

شارك الخبر

(تقرير : SPT : ترجمة الراكوبة)

أظهرت صور الأقمار الصناعية أعمال إعادة بناء لقاعدة عسكرية ليبية مهجورة منذ الثمانينيات، تقع جنوب شرق ليبيا على الحدود مع السودان وتشاد.

ونشرت منصة ConflictX، المتخصصة في مقاطع الفيديو التحليلية الجيوسياسية، صوراً تُظهر العمل في القاعدة العسكرية، وذكرت أن روسيا تقوم بتشييدها كقاعدة عسكرية لها.

وأوضحت الصور والبيانات أن القاعدة العسكرية الروسية تقع في نقطة استراتيجية هامة، بالقرب من الحدود بين السودان وتشاد، وعلى مقربة من مناجم الذهب في منطقة “كوري بوغودي” شمال تشاد، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً عن الحدود الليبية.

🔺فاغنر في السودان مجدداً:

أفادت مصادر عسكرية سودانية أن القاعدة التي يتم تشييدها حالياً هي قاعدة عسكرية قديمة بُنيت في الثمانينيات، وكانت تُعرف وقتها باسم قاعدة السارة الجوية. وقد تم إنشاؤها لإدارة العمليات الجوية خلال الحرب الليبية التشادية في ذلك الحين.

وأكدت المصادر أن القاعدة تُعاد بناؤها لتصبح قاعدة عسكرية تابعة لقوات الفيلق الإفريقي (المعروفة سابقاً باسم فاغنر)، التابعة لوزارة الدفاع الروسية.

وحذرت المصادر من خطورة وجود الفيلق الإفريقي على أمن السودان في هذه المنطقة الاستراتيجية، مشيرين إلى أن روسيا تسعى إلى تعزيز نفوذها في إفريقيا بهدف السيطرة على مواردها، خاصة الذهب واليورانيوم، إلى جانب تأمين موقعها على طريق التجارة الدولية في البحر الأحمر، حيث تضع السودان نصب أعينها.

وقال خبير عسكري سوداني إن الخطورة تكمن في أن روسيا تسعى لتعويض فقدانها قاعدة حميميم في سوريا عبر قاعدة الخادم القريبة من بنغازي في ليبيا، واتخاذ طبرق على البحر الأبيض المتوسط بديلاً عن ميناء طرطوس في سوريا. هذا التوجه يعزز وجودها الدائم في المنطقة القريبة من السودان.

وذكرت تقارير دولية أن الفترة التي تلت سقوط نظام بشار الأسد في سوريا شهدت تنظيم عدة رحلات جوية روسية من سوريا إلى ليبيا، وذلك ضمن خطة روسية لتوفير بديل لخط الإمداد العسكري، وضمان حضورها في إفريقيا مع الحفاظ على موطئ قدم لها في البحر الأبيض المتوسط.

🔺طائرة مريبة من دمشق إلى بورتسودان:

في السادس من ديسمبر 2024، وصلت طائرة من طراز إليوشن Il-76T تحمل الرقم YK-ATA إلى مطار بورتسودان، قادمة من مطار دمشق. أثار توقيت وصول الطائرة الريبة، إذ كان قبل يومين فقط من سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

مصادر عسكرية وأمنية موثوقة في بورتسودان أكدت أن الطائرة كانت تحمل أجهزة ومعدات عسكرية، من بينها أنظمة دفاع جوي متقدمة، وفقاً لما أفاد به أحد المصادر.

كما أكدت المصادر أن الطائرة نقلت عدداً من الأفراد العسكريين الذين شوهدوا أثناء نزولهم منها. وقد مكثت الطائرة حوالي سبع ساعات في مطار بورتسودان قبل أن تقلع عائدة إلى دمشق، حيث أقلت معها بعض الأشخاص. ولم يكن واضحاً ما إذا كانوا عسكريين روساً أو مدنيين، نظراً لأن الطائرة كانت محاطة بحراسة مشددة من عناصر الاستخبارات العسكرية السودانية، بحسب المصدر.

🔺وفد عسكري من الفيلق الإفريقي في شمال السودان:

وفي ذات السياق، وصل في الفترة نفسها إلى بورتسودان فريق عسكري روسي، قالت المصادر إنه تابع للفيلق الإفريقي.

وبحسب المصادر، كان الفريق العسكري الروسي يتألف بشكل أساسي من متخصصين في الدفاع الجوي، خصوصاً في تشغيل الرادارات والطائرات بدون طيار. وقد مكث الفريق عدة أيام في بورتسودان قبل نقله إلى مدينة مروي في الولاية الشمالية، الواقعة على الضفة الشرقية لنهر النيل.

ولم يتسنَّ لنا التأكد مما إذا كانت مدينة مروي، التي تضم مطاراً، هي وجهة الفريق الأخيرة، أم أنه توجه إلى منطقة أخرى.

🔺القاعدة الروسية على سواحل البحر الأحمر في السودان:

لا يزال منح روسيا قاعدة بحرية على سواحل السودان في البحر الأحمر من المواضيع التي يكتنفها الغموض والسرية، حيث إنها، وفقاً لمصادر متطابقة، من القضايا التي لا يعرف عنها سوى قائد الجيش وعدد قليل من مساعديه المقربين.

وسبق وصرح الجنرال عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، في نوفمبر 2021، عقب انقلابه على الحكومة المدنية الانتقالية في الخرطوم، بأن بلاده ملتزمة ببناء قاعدة بحرية روسية وستنفذ الاتفاق – في إشارة إلى الاتفاق الذي وقعه الرئيس المعزول عمر البشير مع روسيا في عام 2017.

وأكدت مصادر عسكرية سودانية مطلعة أن البرهان أعاد فعلياً إحياء الاتفاق الخاص ببناء القاعدة البحرية في أبريل 2024، خلال زيارة الجنرال الروسي ميخائيل بوغدانوف إلى بورتسودان. يُذكر أن بوغدانوف هو المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إفريقيا والمسؤول عن قوات الفيلق الإفريقي.

وفي الأول من يونيو 2024، صرّح السفير السوداني لدى روسيا، محمد سراج، لوكالة سبوتنيك الروسية، أن السودان لن يتخلى عن التزاماته ببناء القاعدة البحرية الروسية في البحر الأحمر، مؤكداً أن المشروع سيتم تنفيذه. وأضاف أن القاعدة ستكون “نقطة دعم لوجستي في البحر الأحمر”، وأن الاتفاق قد تم توقيعه بين البلدين، مشيراً إلى أن ما تبقى لتنفيذه هو بعض الإجراءات الإدارية فقط.

🔺خاتمة:

وفيما يلف الغموض مستقبل السودان في ظل الحرب وما خلفته من حالة انقسام أصبحت تهدد وحدة البلاد، يرى سياسيون وقادة مدنيون أن التواجد الروسي في السودان ومحيطه يمثل تهديداً كبيراً لأمن السودان وسلامه واستقراره وحرية شعبه، سواء في الوقت الراهن أو في المستقبل. إذ يسهم هذا التواجد في إطالة أمد الحرب عبر دعم أطراف النزاع لتحقيق مصالحه الاستراتيجية، ما يهدد مستقبل البلاد ويعيق أي جهود لوقف الحرب، وبناء السلام، أو إعادة الإعمار. كما يعزز النفوذ الروسي خطر المساس بسيادة السودان ومستقبل الحكم المدني الديمقراطي في البلاد، مما يجعل إنهاء الحرب ومواجهة التدخلات الخارجية ضرورة ملحة لضمان مستقبل آمن ومستقر للسودان.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا