أعلن وزير الخارجية المصري، السفير بدر عبد العاطي، عن اعتزام مصر استضافة الجولة الثانية لمؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية، في إطار مساعيها الرامية لتحقيق توافق بين القوى السودانية حول إنهاء الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023.
وكانت القاهرة قد استضافت الجولة الأولى من المؤتمر في يوليو الماضي، حيث ركزت النقاشات على إيجاد حلول توافقية لإنهاء الأزمة، وفشل المجتمعون في التوافق على الوثيقة الختامية الصادرة عن الاجتماع بعد امتناع قوى موالية للجيش عن التوقيع عليها.
وخلال حديث لقناة القاهرة الإخبارية أثناء زيارته للسودان يوم 3 ديسمبر 2024، أشار الوزير بدر عبد العاطي إلى أن الجولة المقبلة ستشهد مشاركة جميع الفصائل والقوى السياسية السودانية دون استثناء، بهدف تحقيق تمثيل شامل يسهم في تقريب وجهات النظر.
تقدم في الفهم المصري للأزمة في السودان
واعتبرت الدكتورة أماني الطويل، خبير الشؤون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، في تعليقها على الدعوة المصرية أن الفهم المصري إزاء المشكلة السودانية تقدم كثيرا في الفترة الأخيرة.
وأضافت في حديث لراديو دبنقا أن ما طرحه وزير الخارجية المصري بشأن الدعوة لعقد مؤتمر ثاني للقوى المدنية يتسق مع هذا الفهم، مؤكدة أنه لن يكون هناك استقرار في السوادان إلا بتوافق القوى المدنية وبوجود هذه القوى المدنية في السلطة على نحو ما.
ونوهت الخبيرة بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية إلى أن صيغة المشاركة في السلطة غير محسومة حتى الآن وتحتاج إلى مزيد من التفكير، لأن المكون العسكري لن يكون في مقدوره أن يقود السودان في مرحلة حرجة بعد أن تسكت المدافع.
واعتبرت أن جزء من الحل للأزمة في السودان هو التوافق وعلى مستويين، الأول بين القوى المدنية والثاني توافق سياسي بين القوى المدنية والفريق عبد الفتاح البرهان والمجلس السيادي.
استقطاب داخلي
واستدركت الخبيرة في الشؤون الأفريقية في حديث لراديو دبنقا أن هذه القوى المدنية تمت شيطنتها في الآونة الأخيرة كنتيجة للاستقطاب السياسي المترتب على الصراع العسكري على الأرض.
ومضت قائلة إنه كل ما تقدم الجيش عسكريا فإننا نقترب من أمرين أولهما الحل التفاوضي الذي يستطيع أن يحمي وحدة التراب الوطني السوداني وأن يسكت المدافع وينهي الحرب ويساهم في عودة النازحين إلى السودان مرة أخرى، وثانيهما أنه سيساهم في خلق مساحة من التفاهمات بين المجلس السيادي والمكون العسكري والمكون المدني.
وأشارت الدكتورة أماني الطويل إلى أن تحقيق هذه الأهداف يرتبط أيضا بنضج المكون المدني وطرح أطروحات متوازنة خصوصا بعد أن صدرت بعض التصريحات في الفترة الماضية والتي قد تكون نتائجها سلبية مثل التصريحات المرتبطة بتكوين حكومة منفى، مرتبطة بحظر طيران وتلك المرتبطة بمناطق آمنة.
وتابعت قائلة “صحيح أن الأهداف المرجوة قد تكون حماية المدنيين، لكن لا بد من أن نأخذ بعين الاعتبار أن بعض هذه المقولات لها سمعة سيئة في المنطقة وقادت إلى إسقاط دول، مثل حظر الطيران في العراق على سبيل المثال”.
وشددت الخبيرة في الشؤون الأفريقية إلى أن الذهنية العامة، وليس فقط الذهنية السودانية، تستقبل مثل هذه المقولات بصورة سيئة وتساهم في زيادة الاستقطاب السوداني وهي ناتجة في غالب الأحيان عن خبرات دولية في المنطقة لا بد من أخذها بحذر لأنها ليست في مصلحة استمرار الدولة السودانية ولا في مصلحة الأمن الإقليمي بشكل عام.
فرص وتحديات
وقالت الدكتورة أماني الطويل في حديث لراديو دبنقا أن عقد الاجتماع الثاني للقوى المدنية أمامه عدد من الفرص وتواجه تحديات.
واضافت أن التحديات مرتبطة من ناحية بطبيعة الاستقطابات الداخلية السودانية خصوصا وأن هناك اتفاق عام بأن استمرار الحرب أصبح فوق احتمال البشر العاديين (الشعب السوداني والقوى السياسية) وربما يفتح ذلك المجال للفرص.
واضافت “ومن خلال الخبرات المتراكمة، يمكن أن نقول إن الاجتماعات الأولى تشهد عادة تنفيس عن الرؤى وأيضا عن الخلافات مع الأطراف الأخرى”.
وذكرت الخبيرة في الشؤون الأفريقية أن تعدد الاجتماعات يتيح تهدئة المشاعر المضادة وأن للوسيط دورا كبيرا في هذا الجانب عبر تهيئة مناخات تهدئة وطرح أفكار فيما يتعلق بمتطلبات ومعطيات الحفاظ على الدولة السودانية والخسائر المترتبة على سقوط هذه الدولة أو انهيارها وتقديم تسهيلات محددة تجعل الحوار بين الأطراف سلسا.
واعتبرت أن كل ذلك مرتبط بالنضج السياسي للقوى السودانية وقدرتها على إيجاد الفرص خصوصا وأن العقلية التفاوضية ليست متاحة لدى كل رموز وأطراف المعادلة السياسية السودانية.
دبنقا