عاد حزب المؤتمر الوطني الحاكم في عهد الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، إلى ممارسة نشاطه في العلن، بمناطق سيطرة الجيش، وسط مخاوف من أن يقود الحزب المحلول وقيادة الجيش، إلى تقسيم البلاد، في سبيل الانفراد بالسلطة.
وظهر في الأيام الماضية رئيس حزب المؤتمر الوطني المنحل، إبراهيم محمود حامد، في مدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة، وسط استقبال رسمي من سلطة الجيش السوداني، الأمر الذي عده محللون مؤشرًا على العودة العلنية لأنصار نظام البشير.
وكذلك ظهر رئيس المؤتمر الوطني في ولاية سنار، أحمد عباس، مع نائب قائد الجيش الفريق شمس الدين كباشي، مرتديَين الزي العسكري، في منطقة جبل موية، وهما يلوحان بأيديهما المتشابكة أمام جنود الجيش والميليشيات التي تقاتل معه.
تقسيم السودان
وتعقيبًا على ذلك، عدَّ مصدر سياسي سوداني، أن “ظهور حزب المؤتمر الوطني المحلول إلى السطح في هذا التوقيت، مؤشر على بروز مخطط تقسيم السودان”.
ودعا المصدر، السودانيين والعالم، إلى “ضرورة التحرك للضغط على طرفي الحرب للذهاب للتفاوض، وتجنيب البلاد سيناريوهات التقسيم”.
وقال المصدر لـ”إرم نيوز”، إن “مجموعة المؤتمر الوطني التي ظهرت إلى العلن، لا تمثل كل أنصار الحزب المحلول، وإنما تمثل فقط مجموعة علي كرتي المسيطرة على قرار الجيش السوداني، وتريد فرض أجندتها الخاصة على حساب مصالح كل السودانيين”.
وأوضح أن “مجموعة المؤتمر الوطني التي بدأت تعود إلى الواجهة يرأسها إبراهيم محمود حامد، رجل علي كرتي، الذي تربطه علاقات مع دولة أريتريا، ومع الأمين داؤود قائد ما عُرفت بـ”الأورطة الشرقية”، وهي الميليشيا الجديدة التي أعلنت عن نفسها في شرق السودان بالتزامن مع عودة المؤتمر الوطني إلى الواجهة”.
وأشار المصدر إلى أن “مخطط هذه المجموعة يقوم على تقسيم السودان بتدخل دول مجاورة، من أجل محاولة التخلص من قوات الدعم السريع”.
وأضاف أن “هذه المجموعة ستبدأ عمليًّا في تنفيذ مشروع دولة النهر والبحر الذي روّج له ناشطون في الآونة الأخيرة”.
ويشمل المشروع، البحر الأحمر والولايات المطلة على نهر النيل، إذ تعمل على جعل هذه المناطق آمنة، بما يسمح لاستئناف عمل الدولة فيها، خاصة العملية التعليمية.
بينما ستكون بقية أجزاء البلاد خارج هذه الوضعية، ويجري التعامل معها بعدِّها مناطق صراعات قابلة للفصل والتقسيم، على حد قول المصدر.
وأكد أن “مخطط دولة النهر والبحر لا يمكن تنفيذه بمعزل عن دعم دول إقليمية، ما جعل أصحابه يأتون بإبراهيم محمود، رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول، إلى شرق السودان، ليتولى مهمة التنسيق مع الجانب الأريتري، وهو ما بدأت ثماره تظهر في الأورطة الشرقية”، وفق قوله.
وتوقع المصدر، أن “تبدأ مرحلة التمهيد، لفصل إقليم دارفور من خلال شيطنته لدى الرأي العام، وعزله عن خدمات الدولة، خاصة العملية التعليمية، وربما تغيير العُملة، وغيرها من الإجراءات التي تدفع أهل الإقليم إلى التفكير في الانفصال، وتأسيس دولتهم المستقلة”.
وجزم المصدر، أن “مخططات تقسيم السودان، ستصبح واقعًا، ما لم يعِ السودانيون ذلك، ويتحرك العالم للضغط على أطراف الصراع بوقف الحرب وتجنيب السودان شر التمزق”.
وأشار إلى أن “غضب زعيم قبائل “البجا” محمد الأمين ترك، من ظهور رئيس حزب المؤتمر الوطني إبراهيم محمود، في بورتسودان، على الرغم من أن الرجلين ينتميان لذات الحزب المحلول، دليل على أن هذه المجموعة لا تمثل كل الحزب، وأن لديها مخططات تريد تنفيذها، لجهة أن “ترك” معروف أنه ظل يرفض التدخل الأريتري في إقليم شرق السودان”.
وكان زعيم “البجا” محمد الأمين ترك، وصف عودة رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول إبراهيم محمود حامد، بــ “الفتنة”، التي ستحل بشرق السودان، مطالبًا أهل الإقليم بإغلاق الباب أمام الفتنة.
وقال ترك أمام حشد من أنصاره، وفق ما أظهره مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، إنه “إذا كان إبراهيم محمود رئيس المؤتمر الوطني، ممكن أن ننضم إلى أرئيل شارون (رئيس وزراء إسرائيل الراحل)، أحسن منه”، وفق قوله.
كما اتهم ترك، قيادات المؤتمر الوطني الذين وصفهم بــ “المجرمين”، أنهم عندما كانوا في السلطة عملوا ضد مكونات معينة، في شرق السودان، مطالبًا جماهير شرق السودان بإغلاق الأبواب أمام من وصفهم بـ”مرتزقة السلطة”.
خيوط الأحداث
ومن جهته، يقول المحلل السياسي، صلاح حسن جمعة، إن “قيادات المؤتمر الوطني المحلول خرجت إلى العلن هذه الأيام، ولكنها كانت موجودة، وظلت تسيطر في الخفاء على قرارات الدولة منذ الانقلاب على الحكومة الانتقالية بقيادة عبد الله حمدوك، في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021”.
وقال لـ”إرم نيوز”، إن “قيادات الحزب المحلول منتشرون في الأجهزة الأمنية للدولة، ويتحكمون حاليًّا في قرار الحرب الجارية”.
وأشار إلى أن “ظهور والي سنار الأسبق أحمد عباس، مرتديًا الزي العسكري للجيش وهو برفقة نائب البرهان، في محفل عسكري، يؤكد حقيقة سيطرتهم على قرار الحرب”.
ولفت إلى أن “قيادات حزب المؤتمر الوطني، ومنذ خروجهم من السجن مع بداية اندلاع الحرب، ذهبوا إلى شرق السودان، وجعلوا من مدينة كسلا مقرًّا لهم”.
واستدرك جمعة، بالقول”إن ظهورهم إلى العلن في الشرق متزامنًا مع دخول “الأورطة الشرقية” يدل على أنهم ممسكون بخيوط الأحداث التي تجري في البلاد”.
وأضاف أنه “من الواضح أن قيادة الجيش والحزب المحلول وصلوا إلى نتيجة سياسية مهمة، بعد مشاورات داخل التنظيم، وهي أنه طالما جرى تدويل قضية الحرب في السودان، وأصبحت الآن شأنًا أمميًّا، يبدو أن الحركة الإسلامية قررت أن تعلن عن نفسها للعالم بشكل صريح، أنها حقًّا تمثل الجيش والدولة السودانية، وعلى العالم أن يفاوضها أو يحاربها على هذا الأساس”.
وتوقع جمعة، أن تُعيَّن حكومة المؤتمر الوطني في بورتسودان خلال الأيام المقبلة، تليها مرحلة الخروج العلني وفتح مقراتهم لممارسة نشاطهم السياسي، مع فتح معسكرات التدريب استعدادًا لـ”الجهاد”، كما يقولون.
إرم نيوز