آخر الأخبار

"عائدون" حراك سوداني لتعويض متضرري الحرب

شارك الخبر

 

جمال عبد القادر البدوي

ملخص

تشير تقديرات رسمية إلى أن حجم الخسائر الناجمة عن عمليات السرقة والنهب، تقارب مبلغ 150 مليار دولار، وطاولت عمليات النهب مصفاة الذهب في الخرطوم ومطابع العملة وخزائن البنوك والشركات والمكاتب التجارية والحكومية.

بعد أكثر من شهر ونصف الشهر من بداية الحرب في السودان ظل خلالها التاجر محمد مصطفى البشرى (49 سنة) صامداً في منزله بضاحية الصافية في الخرطوم بحري ينتظر سكوت صوت المدافع والقصف ونهاية القتال، لكن سرعان ما تواترت الأنباء عن عمليات النهب والتخريب والحرائق في عمارة الذهب، أشهر مجمعات الخرطوم للمشغولات ومنتجات الذهب، إذ فقد البشرى ثلاثة من محاله التجارية بكل ما فيها ليقرر بعدها النزوح للنجاة بنفسه وأسرته.

إفقار كامل

لكن بحسب البشرى، وقبل أن يغادر هو وأسرته بيوم واحد، أفاق عند منتصف الليل على أصوات وابل من الرصاص أمام باب منزله، لتقتحم مجموعة بزي قوات “الدعم السريع”، مدججة ببنادق الكلاشنكوف والرشاشات، البيت وانهالت عليه ضرباً مبرحاً مطالبة بمفاتيح سيارتين والمشغولات الذهبية والنقود وإخلاء المنزل خلال نصف ساعة مقابل النجاة بأرواحهم.

خرجت الأسرة الصغيرة لتجد أن كل الحي تحت وطأة عمليات السلب والنهب، لم يكن أمامها خيار سوى التوجه شمالاً بسبب إغلاق كل جسر بالعاصمة، وهكذا بدأت رحلة نزوح أسرة أفقرتها الحرب بين ليلة وضحاها أسوة بعديد من الأسر السودانية ممن فقدت كل ما تملك لتنضم مع أخريات سابقات في إحدى المدارس المخصصة كدور لإيواء الفارين من جحيم حرب الخرطوم، بالولاية الشمالية.

قلق وانزعاج

منذ ذلك الحين ظل عديد من السودانيين ممن عبثت بهم أقدار الحرب وفقدوا كامل ممتلكاتهم وأموالهم بخاصة في ولايتي الخرطوم والجزيرة وبعض المناطق الأخرى، يتساءلون على مدى أكثر من عام ونصف العام، عن عدم تطرق مفاوضات ومساعي وقف الحرب اللاحقة، لتعويضهم أو جبر ما لحق بهم من أضرار، ولماذا ظلت قضية التعويضات مسكوتاً عنها طوال تلك الفترة؟ وما مصيرها؟

على رغم القرار الذي أصدره الفريق عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش في أغسطس (آب) العام الماضي، بتكليف النائب العام برئاسة لجنة تضم ممثلين لجميع الأجهزة العدلية والنظامية ومفوضية حقوق الإنسان، لاتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهة قيادات وأفراد “الدعم السريع” داخلياً وخارجياً، وكل من يثبت تورطه بالاشتراك أو التحريض أو المعاونة في أي عمل تخريبي، لكن ذلك لم يبدد مخاوف وقلق المتضررين في شأن الإهمال الذي يستشعرونه تجاه مسألة التعويضات وجبر الضرر وعدم الإشارة إليها بالوضوح الذي تستحقه بما يرضيهم ويطمئنهم.

وتشير تقديرات رسمية إلى أن حجم الخسائر الناجمة عن عمليات السرقة والنهب تقارب مبلغ 150 مليار دولار، من دون احتساب التدمير والتخريب الذي حدث في البنية التحتية للبلاد.

ودونت سجلات وزارة الداخلية السودانية خلال العام الأول من الحرب بلاغات بنهب أكثر من 150 ألف سيارة مملوكة للمواطنين معظمها من ولاية الخرطوم، كما طاولت عمليات النهب مصفاة الذهب في الخرطوم ومطابع العملة، وخزائن البنوك والشركات والمكاتب التجارية والحكومية.

حملة “عائدون”

في هذا الوقت أطلق ناشطون حقوقيون حملة للتعويضات تحت اسم “عائدون” الحقوقية المسجلة خارج السودان التي تهدف إلى وقف الحرب وتأكيد حق العودة للبيوت وضمان تحقيق العدالة الجنائية والتعويض وجبر الضرر.

وتسعى الحملة التي تضم قانونيين ومتخصصين ضمن خطواتها إلى تأكيد وضمان حق المتضررين في التعويضات بحشد أكبر قدر ممكن من الأسر المتضررة والدفع في اتجاه تدخل الأمم المتحدة ومطالبة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بتشكيل لجنة أممية متخصصة لتعويضات متضرري حرب السودان، وعدم الاكتفاء بتشكيل اللجان الحكومية المحلية.

ترى الحملة أن تقرير البعثة الأممية لتقصي الحقائق للتحقيق في جرائم وانتهاكات حرب السودان من خلال التوصية بمحاكمة المجرمين لدى “الجنائية الدولية”، فتح الباب أمام تعويض الضحايا المتضررين الذين وقعت في حقهم جرائم الحرب، مما دفعها إلى تكثيف نشاطها من أجل حشد أكبر عدد من مطالبات المتضررين بحضهم على تعبئة استمارات التسجيل عبر مواقعها الافتراضية المخصصة لذلك مع أرقام البلاغات لرفع القضية إلى المحافل القانونية الدولية.

بداية فعلية

وكشفت مصادر بالحملة عن نجاحها بالفعل في تسليم شكاوى وبيانات نحو 5663 من الأسر المتضررة بصورة مباشرة إلى البعثة الأممية لتقصي الحقائق حول جرائم الحرب بالسودان، مبينة أن الحملة بدأت المرحلة الثانية لتسليم بيانات مجموعات متضررة جديدة.

وأوضح الناشط الحقوقي في قيادة حملة “عائدون”، أحمد النصري، أن الحملة تعمل على الاطلاع على تجارب تعويضات سابقة مماثلة في بلدان شهدت أحداثاً وحروباً مشابهة مثل جنوب أفريقيا ورواندا وسيراليون واليابان وأخرى، للتعرف من خلالها إلى التكييف القانوني والأسس والوثائق التي قامت عليها تعويضات الضحايا وجبر الضرر، بخاصة في المناطق التي كان بها تدخل دولي.

أضاف النصري “لا بد من النظر كذلك في الطريقة التي تعامل بها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1593 لعام 2005، الخاص بإحالة الوضع في دارفور إلى المحكمة الجنائية في ما يخص تعويضات ضحايا الحرب، والوقوف على الصيغة التي جاءت عليها وطبيعة الصندوق الاستئماني المخصص للضحايا الذي أشار إليه القرار، ومن هم ممولوه والمساهمون فيه؟ وهل مجرمو الحرب معنيون بالدفع للضحايا وتعويضهم؟”.

الانشغال بالحرب

في السياق يرى حمدي حسن أحمد، الناشط السياسي والحقوقي والمرشح المستقل السابق لرئاسة الجمهورية، أن تعويضات الحرب إلى جانب كونها حقاً للمواطنين المتضررين، فهي تمثل خط الصفر للتمهيد لبداية عودة الحياة والأوضاع إلى طبيعتها قبل أزمة الحرب، لذلك يجب أن تكون في مقدمة أولويات وواجبات أقرب حكومة تشكل بعد الحرب، التي سيقع على عاتقها عبء استقطاب الموارد وحشد الدعم الإقليمي والدولي لمقابلة التزامات التعويضات وجبر الضرر.

يعزو أحمد الصمت وعدم فتح ملف تعويضات المتضررين من الحرب طوال الفترة الماضية، إلى انشغال السلطات المحلية والدوائر الإقليمية والدولية بقضية وقف الحرب نفسها، إلى جانب التركيز على القضايا الإنسانية الملحة، وقد يكون ذلك أيضاً خوفاً وخشية من الدخول مبكراً في التزامات قد يصعب الوفاء بها بالنظر إلى ضخامة الخسائر.

يطالب الناشط السياسي السلطات بضرورة الشروع في وضع الترتيبات والخطوات المرتبطة بإيجاد الآلية المناسبة لإدارة قضية التعويضات، وحسم الكيفية ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر

إقرأ أيضا