أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب جدلا واسعا بعد هجومه على جنوب أفريقيا واتهامها بارتكاب " إبادة جماعية " ضد المزارعين البيض، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة لإعادة إنتاج خطاب استعماري قديم يضع القارة في موقع المتهم ويقوض جهودها لتعزيز حضورها الدولي حسب ما يقول الكاتب تافي مهاكا بموقع الجزيرة الإنجليزية.
ولم تكن تصريحات ترامب الأولى من نوعها في السياق الغربي تجاه أفريقيا، فقد درجت القوى الكبرى على تصوير قادة القارة كتهديدات أو أدوات خارجية، من لومومبا إلى مانديلا (في عهد الفصل العنصري ).
ويعكس هذا النمط نزعة مستمرة لتشويه استقلالية القرار الأفريقي وتبرير التدخل الخارجي.
وقد سعت جنوب أفريقيا، التي تستضيف قمة مجموعة العشرين، إلى توسيع دور الدول النامية في صياغة قواعد النظام المالي العالمي.
لكن موقف ترامب، الذي أعلن مقاطعة القمة ووقف المساعدات، يكشف رفضا لأي تقاسم للسلطة خارج الإطار الغربي، ويعيد إنتاج ثنائية الهيمنة مقابل التعددية.
كما أن التركيز على قضية المزارعين البيض يعكس انتقائية واضحة، إذ يتم تجاهل معاناة ملايين الفقراء في بلد يعاني من فجوات طبقية صارخة.
إلا أن خطاب ترامب يجد صداه داخل شبكات مسيحية محافظة في الولايات المتحدة ، حيث يُقدَّم التدخل الأميركي في أفريقيا كواجب ديني وأخلاقي.
هذا المزج بين العقيدة والسياسة، من وجهة نظر الكاتب تافي مهاكا، يعيد صياغة العلاقة مع القارة في إطار وصاية ثقافية وأيديولوجية.
يتجاوز الهجوم على جنوب أفريقيا الخلاف الدبلوماسي، ليعرض سؤالا حول مستقبل النظام الدولي : هل سيبقى محكوما بسلطة أحادية، أم يتجه نحو تعددية أكثر عدلا وشمولا؟
بالنسبة لجنوب أفريقيا، فإن الرد على هذه الاتهامات لا يقتصر على الدفاع عن السيادة الوطنية، بل يشمل أيضا الدفاع عن مشروع عالمي أكثر توازنا.
وتكشف تصريحات ترامب عن أزمة أعمق في علاقة الغرب بالقارة الأفريقية، حيث يُستخدم الخطاب العنصري والأيديولوجي لإعادة فرض وصاية قديمة.
لكن أفريقيا التي قاومت الاستعمار، وفق الكاتب تافي مهاكا بموقع الجزيرة الإنجليزية، لن تقبل أن تُصوَّر سيادتها اليوم كـ"خطيئة حضارية"، بل تسعى إلى ترسيخ مكانتها كفاعل أساسي في النظام الدولي الجديد.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة