تحليل بقلم ماثيو تشانس، كبير مراسلي الشؤون العالمية في شبكة CNN
(CNN)-- علق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الضربات الروسية المكثفة بالطائرات المسيرة والصواريخ على أوكرانيا خلال عطلة نهاية الأسبوع بقوله: " لطالما كانت علاقتي جيدة جدًا مع فلاديمير بوتين، رئيس روسيا، ولكن حدث له شيء ما".
وفي الواقع، يبدو أن زعيم الكرملين لم يتغير تقريبًا، على الرغم من حثّ البيت الأبيض، بل يواصل سياسته القائمة على الحرب الطاحنة في أوكرانيا، حيث أصبحت الهجمات الجوية سمة شائعة جدًا .
والسؤال الحقيقي هو ما إذا كان ترامب قد تغير، أو على الأقل ما إذا كان موقفه تجاه بوتين قد بدأ يتغير وسط ما يبدو أنه جهود الأمريكية عديمة الفائدة لإحلال السلام في أوكرانيا، وهو أمر تفاخر ترامب بأنه قادر على فعله - دعونا لا ننسى - في وقت قصير .
ويعتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الوضع قد تغير، إذ صرّح للصحفيين في فيتنام أن توبيخ ترامب الأخير لنظيره الروسي ووصفه إياه بـ"المجنون تماما" يعني أن الرئيس الأمريكي "يدرك" أن بوتين "كذب" بشأن الحرب في أوكرانيا، مضيفًا أنه يأمل أن "تترجم كلمات ترامب إلى أفعال " .
لكن سجل الأحداث يُشير إلى خلاف ذلك .
هذه هي المرة السادسة خلال هذه الولاية التي يُعرب فيها ترامب، الذي يُصرّ باستمرار على أن لديه علاقة قوية مع بوتين، علنًا عن نفاد صبره أو انزعاجه الصريح من زعيم الكرملين .
ففي مارس/آذار الماضي، كشف ترامب عن "غضبه" من بوتين لرفضه الموافقة على وقف إطلاق نار لمدة 30 يومًا .
و في إبريل/نيسان، طالب ترامب بوتين بالتوقف، بعد أن أسفرت ضربة صاروخية روسية على كييف عن مقتل 12 شخصا، وتساءل لاحقا: " ربما لا يريد حقًا وقف الحرب، ويستغلني فقط".
ولطالما صاحبت انتقادات ترامب تعبيرات عن خيبة أمل شخصية وتهديدات بالرد المحتمل، مثل فرض رسوم جمركية على "جميع النفط القادم من روسيا"، أو "عقوبات إضافية" غير محددة .
وعندما سُئل ترامب مجددًا، بعد التوبيخ الأخير لبوتين، عما إذا كان سيفكر الآن في فرض المزيد من العقوبات على روسيا، أجاب: "بالتأكيد " .
وحتى الآن، لم تظهر أي مؤشرات حقيقية على استعداد ترامب لاستخدام نفوذه الاقتصادي الكبير لإجبار الكرملين على إعادة النظر في موقفه المتشدد .
ولكن هذا لم يحدث في مجلس الشيوخ الأمريكي، حيث طُرح مشروع قانون مشترك بين الأحزاب ليصعّب على روسيا تمويل حربها .
ولا يقتصر مشروع القانون، الذي يحظى الآن بدعم 81 عضوًا في مجلس الشيوخ، على اقتراح فرض عقوبات مباشرة أكثر على روسيا فحسب، بل يتضمن أيضًا عقوبات ثانوية، مثل فرض رسوم جمركية ضخمة بنسبة 500% على الدول التي تشتري الطاقة الروسية .
لكن هذه الإجراءات، التي ستؤثر بشكل خطير على الاقتصاد الروسي الهشّ والمعتمد على النفط، مثيرة للجدل للغاية، إذ ستُعاقب أيضًا الصين والهند والاتحاد الأوروبي، وهي لا تزال من كبار مستهلكي الطاقة الروس .
ومن الممكن بالطبع أن يُلقي ترامب بثقله الآن خلف مشروع القانون، أو ربما نسخة مُخففة منه لكن هذا سيُمثل تغييرًا جذريًا في التوجه، نظرًا لتردده المستمر في مواجهة الكرملين ومعاقبته حتى الآن .
والأرجح أن التصعيد الأخير في العنف في أوكرانيا قد يُقنع الرئيس الأمريكي المُحبط أصلًا بأنه ببساطة غير قادر على جمع الأطراف المتحاربة في أي وقت قريب.
ووسط كل غضبه وتهديداته لبوتين، قد يختار ترامب ببساطة الانسحاب .