في عام استثنائي يشهد إعادة تشكيل موازين أسواق المال إقليمياً وعالمياً، واصلت السعودية ترسيخ موقعها كأحد أبرز المراكز المالية في المنطقة والعالم، من خلال طفرة لافتة في الطروحات العامة الأولية. فقد تحول السوق المالي السعودي إلى منصة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء، مدعوماً بخطط الخصخصة الحكومية وتوسع الشركات الخاصة، ما جعل عام 2025 محطة محورية في مسار تنويع الاقتصاد الوطني وفق مستهدفات رؤية 2030.
وأظهرت البيانات الصادرة عن سوق المال أن السوق شهد نشاطاً قياسياً مع ارتفاع عدد الشركات المدرجة حديثاً وتوسع قاعدة المستثمرين. وقد بلغ متوسط حجم الطرح للشركة الواحدة نحو 4.89 مليارات ريال، بينما وصل إجمالي الأموال التي جُمعت من الطروحات إلى 153.37 مليار ريال، وهو رقم يعكس حجم السيولة المتدفقة وثقة المستثمرين المتنامية في السوق السعودي. هذا الزخم لم يقتصر على الشركات الكبرى، بل شمل أيضاً قطاعات متنوعة أبرزها الصحة والتقنية المالية والطاقة، وهو ما يؤكد اتساع قاعدة المشاركة وتنوع الفرص الاستثمارية.
قوة الدفع الحكومية والخاصة
لم تكن هذه القفزة لتتحقق لولا الدور المزدوج لكل من القطاعين الحكومي والخاص. فقد أسهمت الحكومة عبر برامج الخصخصة وإعادة هيكلة الأصول الوطنية في إتاحة طروحات عملاقة استقطبت ملايين المستثمرين. وفي المقابل، نشطت المؤسسات الخاصة، بما فيها الشركات الصغيرة والمتوسطة، في الاستفادة من برامج الدعم والتمويل التي سهلت دخولها إلى السوق. هذه التوليفة جعلت السوق السعودي أكثر ديناميكية، وأتاحت للمستثمرين فرصاً واسعة تتراوح بين الشركات العملاقة والقطاعات الناشئة.
انعكاسات اقتصادية
ويشير تحليل البيانات إلى أن انعكاسات هذه الطفرة لا تقف عند حدود السوق المالي، بل تمتد إلى الاقتصاد الكلي في جوانب متعددة. فالطروحات أسهمت في تعزيز الشفافية والحوكمة داخل الشركات الوطنية، كما وفرت رؤوس أموال ضخمة لدعم التوسع في قطاعات إستراتيجية مثل الرعاية الصحية والتقنية والطاقة النظيفة. هذا التوسع يعزز من مكانة السعودية كاقتصاد متنوع وقادر على المنافسة، ويمنحها زخماً إضافياً في مسار التحول بعيداً عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات.
أرقام تروي القصة
الأرقام الصادرة عن السوق تؤكد حجم التحول الحاصل. ففي الربع الأول من عام 2025 وحده بلغت قيمة الطروحات 43.5 مليار ريال، فيما سجلت بعض الطروحات مشاركة تجاوزت 6.4 ملايين مستثمر بين أفراد ومؤسسات. وبالمقارنة مع الأعوام السابقة، يبرز التفوق الواضح لعام 2025 باعتباره عاماً قياسياً؛ إذ بلغ إجمالي الأموال المحصلة من الاكتتابات في 2022 نحو 79.5 مليار ريال، لتقفز في العام الجاري إلى ضعف ذلك تقريباً، مما يعكس المسار التصاعدي للنشاط الاستثماري.
تحديات وآفاق
ورغم هذا الأداء اللافت، تبقى هناك تحديات مرتبطة بتقلبات أسعار النفط وظروف الاقتصاد العالمي والتطورات الجيوسياسية. غير أن متانة البنية التشريعية وارتفاع مستويات الحوكمة واستمرار برامج التحول الاقتصادي تمنح السوق السعودي قدرة قوية على امتصاص الصدمات وتعزيز جاذبيته. ومع هذا الزخم، يزداد ترسيخ مكانة المملكة كمركز مالي عالمي يربط بين الشرق والغرب ويستقطب رؤوس الأموال العابرة للحدود.
أرقام من سوق الطروحات السعودي 2025:
153.3 مليار ريال طروحات 2025
4.89 مليارات ريال متوسط الطرح
43.5 مليار ريال بالربع الأول
6.4 ملايين مستثمر مشارك
قطاعات صاعدة:
الصحة
التقنية
الطاقة
الطروحات تعزز الشفافية والحوكمة
السوق السعودي يرسخ موقعه العالمي