شهدت المملكة خلال الربع الثاني من عام 2025 قفزة غير مسبوقة في نشاط صفقات الاندماج والاستحواذ، حيث ارتفعت طلبات التركز الاقتصادي المقدمة للهيئة العامة للمنافسة بنسبة 53% على أساس سنوي، لتصل إلى 87 طلباً مقارنة بـ57 طلباً في الفترة نفسها من العام الماضي، فيما تجاوزت القيمة الإجمالية لهذه الصفقات 232 مليار ريال، مما يعكس قوة تدفقات رؤوس الأموال وثقة المستثمرين في السوق السعودي.
وبحسب التقرير الإحصائي الفصلي الصادر عن الهيئة، فإن هذا النمو اللافت لم يقتصر على العدد والقيمة فحسب، بل شمل تنوع القطاعات المستفيدة، الأمر الذي يعكس نشاطاً استثمارياً واسع النطاق في الاقتصاد الوطني.
إصلاحات اقتصادية جاذبة
ويرى محللون اقتصاديون أن هذه القفزة جاءت نتيجة مباشرة للإصلاحات الهيكلية التي تنفذها المملكة ضمن إطار رؤية 2030، والتي أسهمت في تحسين البيئة التشريعية، وتسهيل ممارسة الأعمال، وفتح قطاعات جديدة أمام المستثمرين. ويبرز في هذا السياق الحضور القوي للاستثمارات الأجنبية، إذ استحوذت على 68% من إجمالي طلبات التركز الاقتصادي، وهو ما يعكس نجاح المملكة في استقطاب رؤوس أموال دولية تسهم في نقل المعرفة والتقنية، وخلق فرص عمل، ودعم التنويع الاقتصادي.
كفاءة في الإجراءات
وسجلت الهيئة العامة للمنافسة مؤشراً لافتاً في سرعة الإنجاز، حيث بلغ متوسط مدة دراسة طلبات «عدم الممانعة» 5.6 أيام فقط، مما يعكس كفاءة تنظيمية عالية تقلل من العوائق البيروقراطية وتمنح المستثمرين مرونة أكبر في التخطيط والتنفيذ.
قطاعات تقود النمو
وتصدر قطاع الصناعة التحويلية قائمة القطاعات الأكثر نشاطاً في صفقات التركز الاقتصادي بنسبة 28% من إجمالي الطلبات، يليه قطاع الأنشطة المهنية والعلمية والتقنية بنسبة 26%، وهو توجه يتسق مع مستهدفات رؤية 2030 نحو تنويع القاعدة الصناعية وبناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار.
نمو مستمر
وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، شهدت المملكة تحولًا ملحوظًا في مشهد صفقات الاندماج والاستحواذ إذ بدأ النشاط الاستثماري يتعافى تدريجيًا بعد تباطؤ عام 2023، مدفوعًا بالرؤية التنموية وتدفق رأس المال الحكومي. وفقًا لتقرير PWC، بلغ إجمالي صفقات الربع الأول من عام 2024 نحو 7.6 مليارات دولار، مع تركيز واضح على قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والبنية التحتية، وفي عام 2023، شهدت السعودية تراجعًا طفيفًا في عدد الصفقات، لكن القيم الاستثمارية عاودت الارتفاع في 2024 مع تزايد الثقة الاقتصادية، ومع ترسيخ الإصلاحات الاقتصادية وحزم التحفيز الاستثماري، يتوقع المراقبون استمرار هذا الزخم التصاعدي في الأرباع المقبلة. وتُشير التوقعات إلى أن التحوّل نحو قطاعات المستقبل كالذكاء الاصطناعي، والمياه والطاقة، والبنية التحتية للمشاريع الضخمة (Giga Projects) سيغذي موجة جديدة من صفقات الدمج والاستحواذ، لا سيما في ظل توفر بيئة تنظيمية ملائمة ورغبة قوية في تنويع مصادر الدخل الاقتصادي.
السعودية وجهة للاستثمار في 2025
53 % نموا سنويا في طلبات التركز الاقتصادي.
232 مليار ريال القيمة الإجمالية للصفقات المقدمة.
68 % نسبة الصفقات القادمة من منشآت أجنبية.
8 % من الصفقات كانت عمليات استحواذ.
5.6 أيام متوسط سرعة الهيئة في دراسة وإقرار الطلبات.
•الصناعة التحويلية
القطاع الأكثر جذباً للاستثمارات بنسبة 28%.•