أثار خطاب نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، الذي ألقاه بمناسبة "يوم الشهيد"، اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية، بعدما حمل في طياته تحذيرات وصفتها صحيفة إسرائيل هيوم بأنها "ناعمة"، وتعكس حالة من التردد داخل الحزب بين التصعيد والتهدئة.
قاسم قال في خطابه إن "استمرار العدوان الإسرائيلي لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية"، مضيفًا: "لكل شيء حدود، ولن أقول أكثر من ذلك"، في رسالة بدت موجهة لإسرائيل لكنها حملت – بحسب الصحيفة – مؤشرات على حذر الحزب من الانجرار إلى مواجهة عسكرية جديدة.
إعادة بناء بإسناد إيراني
ذكرت إسرائيل هيوم أن حزب الله ينفذ منذ مطلع العام الجاري عملية إعادة هيكلة وتجنيد واسعة تشمل آلاف المقاتلين الجدد، بدعم مباشر من إيران، التي حولت – وفق تقديرات الصحيفة – نحو مليار دولار منذ يناير 2025 تحت ما تسميه طهران "الدعم الاستراتيجي" لحليفها في لبنان.
ويشمل الدعم تطوير الإنتاج العسكري المحلي، وإصلاح منظومات الصواريخ والمخازن المتضررة من الغارات الإسرائيلية، إضافة إلى تهريب مئات الصواريخ من سوريا إلى لبنان خلال الأسابيع الأخيرة.
ضغوط داخلية وتراجع شعبي
وأشارت الصحيفة إلى أن حزب الله يواجه ضغوطًا سياسية وشعبية متزايدة داخل لبنان، ظهرت في المراسلة التي وجهها الحزب إلى رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي مطلع نوفمبر، والتي أكد فيها "حقه في مقاومة العدوان الإسرائيلي"، لكنه رفض فكرة التفاوض مع إسرائيل.
ورأت إسرائيل هيوم أن هذه الرسالة جاءت ردًا على دعوات لبنانية متزايدة – من بينها مواقف الرئيس جوزيف عون وعدد من النواب – تطالب ببحث تسوية سياسية مع إسرائيل باعتبارها "ضرورة وجودية للبنان".
وأضافت الصحيفة أن تصريحات نعيم قاسم جاءت لتهدئة الجناح المتشدد داخل الحزب، بعد تقارير عن تذمر في صفوف المقاتلين نتيجة غياب الرد العسكري القوي على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة.
رسائل مزدوجة للداخل اللبناني
وبحسب التقرير، حمل خطاب قاسم رسالة مزدوجة: الأولى موجهة إلى الحكومة اللبنانية، تدعوها إلى ممارسة الضغط على إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية.
والثانية إلى أنصار الحزب، لتأكيد أن سلاح حزب الله لا يزال "صمام الأمان" في مواجهة إسرائيل.
لكن الصحيفة لفتت إلى أن هذه الرسائل تأتي في ظل عجز الجيش اللبناني عن ضبط نشاط الحزب المسلح، واستمرار هيمنة حزب الله على الجنوب اللبناني.
الدعم الإيراني: أيديولوجيا واقتصاد
وتطرقت إسرائيل هيوم إلى أن طهران تعزز حضورها داخل البيئة الشيعية اللبنانية عبر مستويين متوازيين:
وأشارت الصحيفة إلى أن طهران أطلقت في أكتوبر الماضي النسخة العربية من كتاب خامنئي "الشعر والموسيقى في الفقه الإسلامي" خلال احتفال في بيروت شارك فيه نعيم قاسم، معتبرة ذلك خطوة لتجديد الولاء الفكري والسياسي للحزب تجاه إيران.
كما نشرت مكتب خامنئي رسمًا يظهر قاسم إلى جانب الأمناء العامين السابقين للحزب، مرفقًا بتعليق يقول إن "قصة حزب الله مستمرة... وهو ثروة للبنان وما بعده"، في إشارة إلى مكانة الحزب ضمن الاستراتيجية الإيرانية الإقليمية.
إسرائيل عند مفترق طرق
تقول الصحيفة إن الواقع الحالي لحزب الله يمنح إسرائيل فرصة استراتيجية، إذ يعاني الحزب من "هشاشة سياسية واجتماعية" داخل بيئته الحاضنة، ما يتيح لتل أبيب مواصلة استهدافه.
غير أن إسرائيل اليوم تنقل عن دوائر بحثية إسرائيلية توصيتها بعدم الاكتفاء بالعمل العسكري أو الاقتصادي، بل بضرورة توسيع المواجهة إلى الميدان الاجتماعي والفكري، عبر دعم مشاريع بديلة لشبكات حزب الله الاجتماعية والخدمية، لتقليص اعتماد المجتمع الشيعي عليه.
الانتخابات المقبلة.. اختبار لمكانة الحزب
وتختتم إسرائيل اليوم تقريرها بالإشارة إلى أن الانتخابات البرلمانية اللبنانية المقررة في مايو 2026 ستكون اختبارًا حقيقيًا لشعبية حزب الله، في ظل تزايد السخط الشعبي في مناطق نفوذه، خصوصًا الجنوب والبقاع.
وترى الصحيفة أن الحزب يحاول الموازنة بين لغة التهديد وضبط النفس، مدركًا أن أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل قد تضعف مكاسبه السياسية والعسكرية في وقت تضخ فيه إيران المليارات للحفاظ عليه كأحد أذرعها الأهم في المشرق العربي.
المصدر:
سكاي نيوز