يرتفع منسوب التوتر السياسي والاجتماعي في العراق، على وقع الاستحقاق الانتخابي، والذي هو فرصة لتعزيز الديمقراطية والمشاركة، لكنه بفعل انتشار خطاب الكراهية والتحريض بين الأحزاب والفصائل السياسية المختلفة، يتحول لميدان تنابز وتنافر.
وهنا يبرز دور الإعلام على اختلاف حقوله التقليدي والرقمي، كأداة محورية لمواجهة تصاعد هذه الظاهرة الخطيرة وتداعياتها والتي تصل أحيانا لحد تفجير العنف وتهديد السلم الأهلي.
وما يفاقم هذه المشكلة وفق خبراء، أنه لطالما عمدت العديد من القوى السياسية المتنافسة لتسعير الانقسامات الطائفية خلال المناسبات الانتخابية، وجعلها عنوان حملاتها وخطابها، في محاولة لاستقطاب الناخبين أو تحييد خصوم سياسيين.
وهذه الانتخابات الحالية ليست استثناء عن هذه الظاهرة السلبية، مع بروز خطاب يكرس الانقسامات، خصوصا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث صفحات وحسابات مرتبطة ببعض الأحزاب السياسية تبث رسائل تحريضية، تصل أحيانا لحد تحقير مكونات بكاملها أو الطعن في سمعة مرشحين منافسين وهكذا.
فالمحتوى المثير للانقسام الطائفي والقومي وفق الخبراء، يحظى بتفاعل أكبر، ما يؤدي لانتشاره بسرعة مقارنة بالمحتوى الموضوعي والرصين الذي يركز على القواسم الوطنية المشتركة وعلى البرامج الانتخابية، ما يعني أن الإعلام الرقمي ليس ناقلا للأخبار فقط، بل هو بات أداة فاعلة في توجيه قطاعات واسعة من الرأي العام، وبالتالي يتحمل قسطا كبيرا من مسؤولية الحد من خطاب الكراهية.
تحديات، ولكن
لكن مواجهة خطاب الكراهية تواجه تحديات كبيرة، أبرزها الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي ما يجعل من الصعب ضبط الموضوع تماما.
ولمواجهة هذه العوائق، يقترح خبراء صياغة ميثاق إعلامي وطني لتغطية الانتخابات، يضمن الالتزام بمعايير أخلاقية كابحة لخطاب الكراهية والتحريض، مع تفعيل آليات الرقابة الرقمية على المحتوى الانتخابي لمحاصرة الخطاب التحريضي، وإطلاق حملات إعلامية بديلة تركز على الحوار الموضوعي وتقبل الاختلاف، وتعزز وعي الناخبين بالمسائل الجوهرية بدل الانجرار خلف الانتماءات العاطفية.
ويقول الأكاديمي والباحث السياسي طارق سارمي، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية": "للأسف يتحول التنافس الانتخابي غالبا لحروب وتصفية حسابات عبر المنصات الإعلامية، التي توغل في تشويه الآخر وأبلسته، بدلا من عرض ومناقشة البرامج والمشاريع التي يفترض أن الانتخاب يتم على أساسها".
ويردف: "ولذلك يجب تبني ميثاق أخلاقي للتغطية الإعلامية وخاصة خلال المواسم الانتخابية، يميز بين النقد الموضوعي في إطار التنافس لاستقطاب الناخبين وبين التحريض والافتراء وإثارة الفتن والنعرات، وبما يكفل تغطية عادلة ومتوازنة للجميع، وأن يقدم محتوى بديل يروج للحوار ولأخلاقيات التنافس، عبر برامج حوارية مثلاً يظهر فيها مرشحون من كافة المكونات والاتجاهات، يتناقشون حول مجمل القضايا المطروحة دون قيود، لكن في إطار مهني رصين ومثمر".
ضرورة التنسيق
بدوره يقول الكاتب والمحلل السياسي زينو عبد الله، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "تشكل المناسبات الانتخابية محكا لقياس مدى قدرة الدولة والمجتمع المدني والقطاع الإعلامي، على احتواء خطاب الكراهية وتعزيز التنافس الديمقراطي".
وتابع: "فالإعلام يمكن أن يكون جزءا من الحل وبالعكس، وهو ما يقتضي وضع خطط عمل وتنسيق ما بين مفوضية الانتخابات والوزارات المعنية ووسائل الإعلام والمنصات الرقمية، لضمان أن لا يسود الشحن والتحريض وخطابات الكراهية المناخات الانتخابية".
المصدر:
سكاي نيوز