( CNN ) -- أعلنت إسرائيل، الخميس، أنها تمضي قدمًا في خططها المثيرة للجدل لبناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في الضفة الغربية المحتلة، وهو مشروع تطويري وصفه وزير المالية اليميني المتشدد، بتسلئيل سموتريتش، بأنه " سيدفن فكرة الدولة الفلسطينية إلى الأبد " .
وأكد سموتريتش، مما أسعد حركة الاستيطان الإسرائيلية، وأثار استياء الفلسطينيين ومراقبي الاستيطان، أن حكومته تُعيد إحياء مشروع متعثر منذ فترة طويلة شرق القدس، ومن المتوقع الموافقة عليه الأسبوع المقبل .
وقدّم سموتريتش هذه الخطوة على أنها رد فعل إسرائيلي على الموجة الأخيرة من الدول التي أعلنت عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية.
ورفضت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفضًا قاطعًا أي احتمال لقيام دولة فلسطينية، وهو موقف عززه قرار أصدره الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) العام الماضي .
ومارس سموتريتش ضغوطًا متكررة على نتنياهو لضم الضفة الغربية المحتلة وتطبيق السيادة الإسرائيلية على كامل أراضيها .
ما هي المستوطنات.. ولماذا تُعدّ حساسة للغاية؟
المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية هي قرى وبلدات ومدن يهودية مبنية على أراضٍ خصصتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لدولة فلسطينية .
وينظر المجتمع الدولي بأكمله تقريبًا إلى توسيع المستوطنات كعقبة أمام المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ووفقًا لمنظمة "السلام الآن"، وهي منظمة تتابع نمو المشروع الاستيطاني، بلغ عدد المستوطنات في الضفة الغربية 141 مستوطنة حتى العام الماضي .
ما الذي تمت الموافقة عليه؟
سيربط مشروع E1 الاستيطاني، الذي جُمّد لعقود بسبب المعارضة الدولية الشديدة، القدس بمستوطنة معاليه أدوميم، مما يجعل إقامة عاصمة فلسطينية مستقبلية في القدس الشرقية أمرًا شبه مستحيل، كما سيقسم الضفة الغربية إلى نصفين، مما يمنع إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا .
وأعلن سموتريتش، الخميس، عن الموافقة المرتقبة على بناء 3401 وحدة سكنية جديدة في مؤتمر صحفي عُقد في موقع البناء المخطط له .
وقال سموتريتش: "سيتحدثون عن حلم فلسطيني، وسنواصل بناء واقع يهودي"، وأضاف: "هذا الواقع هو ما سيدفن فكرة الدولة الفلسطينية إلى الأبد، لأنه لا يوجد ما يستحق الاعتراف به ولا أحد يستحق الاعتراف به " .
ما هو رد الفعل؟
احتفل يسرائيل غانتس، رئيس المجلس الاقليمي للمستوطنات "يشع" ، الذي يدافع عن المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان المحتلة وغزة، بهذه الخطط .
وقال غانتس: "نحن في صباح تاريخي يقربنا خطوة إضافية نحو تحقيق رؤية السيادة، نحن نمارس حقنا التاريخي في أرض أجدادنا ".
وانتقدت رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني التقدم المحرز في المشروع، ووصفته في بيان بأنه "خطة ممنهجة لسرقة الأرض وتهويدها وفرض حقائق توراتية وتلمودية على الصراع ".
وقال رئيس المجلس روحي فتوح إن "الخطة الاستعمارية تندرج ضمن سياسة الضم التدريجي للضفة الغربية، والتي تصاحبها عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين" .
كما انتقدت منظمة "السلام الآن"، وهي منظمة إسرائيلية معنية بمراقبة الاستيطان، الخطة بشدة، معتبرةً إياها "قاتلة لمستقبل إسرائيل ولأي فرصة لتحقيق حل الدولتين سلميًا" .
وأضافت، في بيان: "نحن نقف على حافة الهاوية، والحكومة تدفعنا للأمام بأقصى سرعة. هناك حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وللحرب المروعة في غزة- إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل- وسيأتي في النهاية، إن خطوات الضم التي اتخذتها الحكومة تبعدنا أكثر عن هذا الحل وتضمن سنوات طويلة أخرى من سفك الدماء " .
وحذرت منظمة "عير عميم"، وهي منظمة إسرائيلية تراقب التطورات في القدس ومحيطها، من أن "المستوطنات اليهودية في المنطقة E1 ستُرسخ احتلال إسرائيل للضفة الغربية بشكل دائم، مما يخلق واقعًا من الفصل العنصري، كما سيؤدي ذلك إلى تدهور سريع وحاد في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين، مما سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار والعنف" .
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن المملكة المتحدة "تعارض بشدة" هذه الخطط، التي وصفها بأنها "انتهاك صارخ للقانون الدولي " ، وأضاف، في بيان: "يجب وقف هذه الخطط الآن " .
وحثت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إسرائيل على التوقف، قائلةً إن الخطة "تقوض حل الدولتين بشكل أكبر".
وقالت كالاس، في بيان، إن "سياسة الاستيطان، إلى جانب عنف المستوطنين والعمليات العسكرية تؤجج وضعًا متوترًا بالفعل على الأرض وتزيد من تآكل أي إمكانية للسلام " .
وفي غضون ذلك، لم تُندد وزارة الخارجية الأمريكية بخطط بناء مساكن استيطانية جديدة كجزء من المنطقة E1. وبدلًا من ذلك، أكد متحدث باسم الوزارة على "ضرورة الاستقرار في الضفة الغربية" .
وأحال المتحدث أيضًا شبكة CNN إلى الحكومة الإسرائيلية لمزيد من المعلومات .
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "إن استقرار الضفة الغربية يحافظ على أمن إسرائيل، ويتماشى مع هدف هذه الإدارة في تحقيق السلام في المنطقة ".
وأضاف: "ما زلنا نركز على إنهاء الحرب في غزة، وضمان عدم عودة حماس إلى حكم غزة، وتحرير الرهائن، بمن فيهم رفات أمريكيين اثنين، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية الضرورية ".
هل ما تفعله إسرائيل قانوني؟
تُعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وعززت الأمم المتحدة هذا التصنيف في 2016 بقرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي أعلن أن المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة تُشكل "انتهاكًا صارخًا" للقانون الدولي، وأنها "ليست لها أي شرعية قانونية ".
لكن هذا القرار، وقرارات أخرى عديدة تعود إلى عقود مضت، لم تُسهم كثيرًا في وقف التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، الذي نما بسرعة في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وخلال إدارة ترامب الأولى، عكست وزارة الخارجية السياسة الأمريكية الراسخة، وقررت أن المستوطنات "لا تتعارض" مع القانون الدولي، أما إدارة الرئيس السابق جو بايدن، فقد أبقت على هذه السياسة كما هي .
وفي أعقاب الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، سارعت حكومتها بشكل كبير إلى تسريع وتيرة بناء المستوطنات .
وفي مايو/أيار، وافقت إسرائيل على أكبر توسع للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية منذ توقيع اتفاقيات أوسلو قبل أكثر من 30 عامًا.
وأعلن مجلس الوزراء الأمني المصغر (الكابينت) أنه سيُنشئ 22 مستوطنة جديدة، بعضها في عمق الضفة الغربية وفي مناطق انسحبت منها إسرائيل سابقًا.
وندد متحدث باسم السلطة الفلسطينية بالخطة ووصفها بأنها "تصعيد خطير وتحدٍّ للشرعية الدولية والقانون الدولي ".