في خطوة تعكس تحولات تدريجية في السياسة المالية والرقابية، كشفت مصادر مطلعة لصحيفة بلومبيرغ أن السلطات التركية تستعد لإنهاء العمل بحظر البيع على المكشوف في سوق الأسهم بحلول نهاية الشهر الجاري، وهو الحظر المفروض منذ مارس/آذار الماضي.
وتأتي هذه الخطوة في إطار مساع حكومية لتعزيز جاذبية بورصة إسطنبول أمام المستثمرين الأجانب وزيادة عمق السيولة وحجم التداول.
الحظر فُرض بدايةً للحد من تداعيات اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بتهم تتعلق بالفساد، وهي القضية التي أثارت مخاوف من اضطراب الأسواق.
ومنذ ذلك الحين، تم تمديد الحظر 3 مرات متتالية، ليصبح الآن على وشك الانتهاء في 29 أغسطس/آب الجاري، وفق ما أوردته "بلومبيرغ".
ويتزامن القرار مع صعود المؤشر القياسي "بورصة إسطنبول 100" إلى مستويات قياسية مدفوعًا بتوقعات خفض أسعار الفائدة من البنك المركزي ، إذ ارتفع المؤشر بنسبة 0.8% يوم الاثنين عند الساعة 12:56 بتوقيت إسطنبول، محققًا مكاسب إجمالية بلغت 17% منذ بداية العام الجاري بالليرة التركية.
ووفقًا لبيانات جمعتها "بلومبيرغ" بلغت القيمة الإجمالية لأسهم البورصة التركية المملوكة من قبل المستثمرين الأجانب 33.7 مليار دولار حتى 15 أغسطس/آب، أي ما يعادل نحو 40% من إجمالي السوق. ورغم أنها نسبة مهمة، فإنها تبقى أدنى بكثير من متوسطها التاريخي البالغ نحو 60%، مما يعكس تراجع ثقة المستثمرين في السنوات الأخيرة.
وقد تحدثت مصادر إلى الصحيفة موضحة أن رفع الحظر قد يسهم في إعادة جذب السيولة الخارجية، لكنه قد يرافقه أيضا إنهاء تدابير أخرى استثنائية مثل قواعد إعادة شراء الأسهم التي تم تخفيفها خلال فترة الاضطراب.
ويأتي التحرك الحالي بعد أيام قليلة من إعلان "المركزي" التركي إنهاء العمل ببرنامج حماية الودائع بالليرة من تقلبات سعر الصرف ، وهو أداة أُطلقت عام 2021 في خضم أزمة العملة، وتكلفت عشرات المليارات من الدولارات.
وأكد وزير المالية والخزانة محمد شيمشك مرارًا أن "إزالة الأدوات الاستثنائية التي شوّهت النظام المالي هدف أساسي لتعزيز الاستقرار".
والبيع على المكشوف، الذي يسمح للمستثمرين بالمراهنة على هبوط أسعار الأسهم عبر اقتراضها وبيعها ثم القيام بشرائها بسعر أقل لتحقيق الربح يعد ممارسة شائعة في الأسواق العالمية. لكن في بيئة هشة -مثل السوق التركية- هناك ارتباط دائمًا بمخاوف من تفاقم التقلبات.
وبحسب ما نقلته "بلومبيرغ" فإن عودة هذه الآلية قد تساهم في زيادة عمق السوق وشفافيتها، لكنها في الوقت نفسه تضع السلطات أمام تحدي الحفاظ على ثقة المستثمرين وسط مزيج من الاضطرابات السياسية والضغوط الاقتصادية الناجمة عن التضخم المرتفع والرسوم الأميركية التي تثقل التجارة التركية.