جدّد ناشطون ومنظمات حقوقية مطالباتهم بالإفراج عن عشرات العاملين في القطاع الصحي الذين لا يزالون محتجزين لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينهم الطبيب حسام أبو صفية، الذي اعتقل في مثل هذا اليوم من العام الماضي من داخل مكان عمله بمستشفى كمال عدوان، شمال القطاع.
وقالت منظمة "كود بينك": لن ننسى الدكتور أبو صفية، ولا أكثر من 360 عاملًا صحيًا اختطفتهم إسرائيل من غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023".
وقبل الذكرى السنوية الأولى لاختطاف الاحتلال للدكتور حسام أبو صفية من المستشفى الذي كان يديره في غزة، قال الدكتور ييبينغ غي، عضو منظمة "أطباء ضد الإبادة الجماعية"، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: "قبل عام، اختطف الجيش الإسرائيلي الدكتور حسام أبو صفية إلى جانب عشرات من أفراد الطاقم الطبي خلال اقتحام مروّع لمستشفى كمال عدوان في غزة. أطلقوا سراح حسام أبو صفية. أطلقوا سراحهم جميعًا".
بدورها، قالت الناشطة بيترا شورنهوفر: "مرّ عام على اختطاف واحتجاز الدكتور حسام أبو صفية بشكل غير قانوني. ومنذ ذلك الحين، وهو يقبع في سجن إسرائيلي ويتعرّض لمعاملة قاسية وغير إنسانية. لا تنسوه، ولا تتوقفوا عن المطالبة بالإفراج عنه"، وفي نداء مؤثر، قالت ألبينا أبو صفية، زوجة الطبيب المعتقل: "أنقذوا زوجي قبل فوات الأوان. جريمته الوحيدة كانت إنقاذ الجرحى ومداواة أطفال مصابين".
وكان أبو صفية (52 عامًا)، مدير مستشفى كمال عدوان، قد اعتُقل في 27 كانون الأول/ديسمبر 2024، خلال استمرار حصار واقتحامات قوات الاحتلال للمستشفى في بيت لاهيا شمال غزة، وزعم الجيش الإسرائيلي، دون تقديم أدلة أن المستشفى الذي كان آنذاك آخر مشفى رئيسي يعمل في شمال القطاع، على إنه يُستخدم مركزًا لقيادة حركة حماس، وخلال هجوم سابق للاحتلال على المستشفى، استشهد نجل أبو صفية البالغ 15 عامًا في غارة بطائرة مسيّرة، كما أُصيب الطبيب نفسه بجروح خطيرة في هجوم منفصل، خلّف ست شظايا في ساقه.
ونُقل أبو صفية بعد اعتقاله إلى سجن سديه تيمان في صحراء النقب، حيث سُجّلت وفيات عديدة للمحتجزين، وتقارير عن تعذيب واعتداءات جنسية، قبل نقله لاحقًا إلى سجن عوفر في الضفة الغربية المحتلة.
وأفاد أبو صفية بتعرّضه للتعذيب، بما في ذلك الضرب بالعصي والصعق بالكهرباء، إضافة إلى فقدان شديد في الوزن وكسور في الأضلاع وإصابات أخرى، قال إنه حُرم بسببها من الرعاية الطبية المناسبة، وهو ما أكدته تقارير موثقة عديدة أشارت إلى تعرض عاملين صحيين للتعذيب، أحيانًا حتى الموت، كما في حالة الدكتور عدنان البرش، رئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
ووفق المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، فإن البرش "يُرجّح أنه تعرّض للاغتصاب حتى الموت"، وهو مصير قيل إن فلسطينيين آخرين تعرّضوا له أثناء احتجازهم في سجون الاحتلال، وفقاً لمنصة "كومن دريمز".
ولا يزال أبو صفية رهن الاحتجاز دون توجيه أي تهم رسمية إليه، فيما مددت المحاكم الإسرائيلية اعتقاله مرات عدة بموجب ما يُعرف بقوانين "المقاتل غير الشرعي"، وفي كانون الثاني/يناير الماضي، توفيت والدة أبو صفية إثر نوبة قلبية، وقالت منظمة "ميدغلوبال" الأمريكية، التي كان يعمل معها كطبيب رئيسي في غزة إن الوفاة جاءت نتيجة "حزن شديد" على مصير ابنها.
من جهتها، أكدت منظمة العفو الدولية أن اعتقال الدكتور أبو صفية واحتجازه التعسفي المستمر من دون توجيه تهم أو عرضه على محاكمة – استنادًا إلى قانون المقاتلين غير الشرعيين المسيء – يُمثل تجسيدًا لاستهداف إسرائيل الممنهج للعاملين في المجال الصحي الفلسطينيين، وتدميرها لنظام الرعاية الصحية في غزة، بهدف فرض ظروف معيشية يراد بها التدمير المادي للفلسطينيين.
وبحسب وكالات الأمم المتحدة وخبراء دوليين، دمّرت القوات الإسرائيلية أو ألحقت أضرارًا جسيمة بمعظم مستشفيات غزة في مئات الهجمات منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، فيما استشهد أكثر من 1500 من العاملين الصحيين الفلسطينيين، وكانت لجنة تحقيق مستقلة تابعة للأمم المتحدة قد خلصت العام الماضي إلى أن دولة الاحتلال انتهجت سياسة متعمّدة لتدمير النظام الصحي في غزة، ما يرقى إلى ارتكاب جرائم حرب وجريمة ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة.
وتواجه دولة الاحتلال حاليًا دعوى تتعلق بالإبادة الجماعية رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من بينها القتل والتجويع القسري.
المصدر:
القدس