مع اقتراب عام 2025 من نهايته، تبدو الضفة الغربية وقد تعرضت لتصعيد إسرائيلي متدرج ومركب، جمع بين الاقتحامات العسكرية، والتوسع الاستيطاني، وهدم المنازل، والتهجير القسري، في مسعى واضح لفرض واقع ديموغرافي جديد.
من الخليل، يصف منتصر نصار المحافظة الجنوبية بأنها من أكثر مناطق الضفة تعرضا للإغلاقات والحواجز، مع انتشار واسع للبوابات الحديدية، وتكثيف الوجود الاستيطاني خلال العام الجاري.
ويشير نصار إلى أن الحكومة الإسرائيلية صدّقت على تحويل عشرات المواقع إلى مستوطنات رسمية، منها موقع "طاروسة" غرب دورا، وهو واحد من 19 موقعا أُعلن عن شرعنتها خلال 2025.
شهد الاستيطان خلال عامي 2024 و2025 تصاعدا لافتا، مع زيادة بنحو 40% منذ تولي بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة، وإنشاء نحو 114 بؤرة استيطانية جديدة في مختلف أنحاء الضفة.
ويؤكد نصار أن معظم هذه البؤر أُقيمت لربط مستوطنات قائمة ببعضها بعضا، ما أدى إلى مصادرة مئات الدونمات الفلسطينية لشق طرق استيطانية وتوسيع النفوذ الجغرافي للمستوطنين.
وفي نابلس، يقول محمد الأطرش إن سياسات الاستيطان انعكست بوضوح على التجمعات البدوية، التي تعرضت لتهجير قسري نتيجة اعتداءات المستوطنين المتواصلة.
ويضيف الأطرش أن تجمع "يانون" جنوب نابلس أُخلي بالكامل خلال الساعات الأخيرة، لينضم إلى 33 تجمعا بدويا هُجرت منذ عامين، من أصل نحو 200 تجمع بدوي في الضفة الغربية.
ويوضح أن إسرائيل تعتبر هذه التجمعات عائقا أمام مشاريعها الاستيطانية، ما دفع إلى تصعيد الهجمات والحرق المتعمد، حيث سُجل نحو 450 حريقا نفذها مستوطنون خلال عام واحد.
ولا يقتصر التهجير، وفق الأطرش، على التجمعات البدوية، إذ أدت العمليات العسكرية شمالي الضفة إلى تهجير نحو 40 ألف فلسطيني من مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، في إطار إعادة هندسة أمنية وجيوسياسية للمنطقة.
ومن قلنديا شمالي القدس، ترصد ثروت شقرة مشاهد الدمار التي خلفتها جرافات الاحتلال، مؤكدة أن الهدم طال منازل ومنشآت سكنية وتجارية في مختلف بلدات الضفة.
وتقول شقرة إن قوات الاحتلال هدمت منذ بداية 2025 أكثر من ألف منشأة، في حين تجاوز عدد المنشآت المدمرة منذ السابع من أكتوبر 2023 نحو 3500، ما أدى إلى تهجير آلاف الفلسطينيين.
وتشير إلى تسارع غير مسبوق في تنفيذ قرارات الهدم، بذريعة البناء دون ترخيص أو تصنيف الأراضي "أراضي دولة"، إضافة إلى هدم منازل عائلات الشهداء والمعتقلين.
سياسيا، تربط فاطمة خمايسي من رام الله هذا التصعيد بخطاب اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي يتعامل مع الضفة الغربية باعتبارها ساحة لتكريس مشاريع انتخابية.
وتوضح خمايسي أن الحكومة الإسرائيلية، بقيادة نتنياهو، تمضي في تعزيز الاستيطان وتقويض حل الدولتين، بالمصادقة الأسبوعية على مشاريع استيطانية وتحويل البؤر إلى مستوطنات رسمية.
وتلفت إلى أن قرارات مثل إلغاء أوامر الاعتقال الإداري بحق المستوطنين وفرت غطاء كاملا لاعتداءاتهم، في مسار يهدف إلى فرض سياسة الأمر الواقع رغم الانتقادات الدولية المتصاعدة.
بهذا المشهد المركب، ينتهي عام 2025 على ضفة غربية مثقلة بالدمار، حيث يتقاطع الاستيطان والتهجير والهدم في مشروع واحد، يسعى إلى إعادة رسم الجغرافيا الفلسطينية بالقوة.
المصدر:
القدس