آخر الأخبار

ترامب و 3 سيناريوهات لمستقبل غزة

شارك

الحدث الفلسطيني

تتسارع وتيرة النقاشات داخل الدوائر السياسية في واشنطن حول صياغة المشهد القادم لقطاع غزة، في ظل ضغوط متزايدة تواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لحسم رؤيته قبل لقائه المرتقب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتبرز في الأفق ثلاث استراتيجيات متباينة، يسعى كل منها لتقديم إجابة عن تساؤل معقد حول هوية الجهة التي ستحكم غزة وكيفية تأمين استقرارها، بينما يطمح ترامب إلى تحقيق إنجاز دبلوماسي تاريخي يضعه على أعتاب جائزة نوبل للسلام.

إرث الصراعات وتحدي التخطيط لليوم التالي

يؤكد المحلل الأميركي البارز توماس واريك، الذي قاد سابقاً عمليات التخطيط لما بعد النزاعات في العراق وكوسوفو وأفغانستان، أن أي خطة سلام طموحة تحتاج إلى قوة دفع استثنائية لتجاوز العقبات الميدانية. ويرى واريك أن غياب التخطيط المحكم لمرحلة ما بعد الحرب يمثل الخطر الأكبر، مستنداً في ذلك إلى تجربته الطويلة في وزارة الخارجية الأميركية. وقد ساهم واريك مع مجموعة من كبار المسؤولين السابقين في وضع تصور يرتكز على حكم دولي لفترة انتقالية، تديره هيئة إشراف دولية بالتعاون مع كوادر فلسطينية من داخل القطاع، وبدعم من قوة استقرار دولية مفوضة من مجلس الأمن. هذا المقترح يضع جنرالاً أميركياً على رأس القوة الأمنية، بينما يتولى مسؤول غير أميركي الجانب المدني، وهو ما يراه الخبراء أقرب التصورات لتوجهات ترامب الرامية لإنهاء النزاع مع ضمان أمن إسرائيل.

الخيار العسكري وتفكيك بنية المقاومة

تتمثل الرؤية الأولى، والتي يُتوقع أن يدفع بها بنيامين نتنياهو بقوة، في استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة ضد مقاتلي حركة حماس. يعتمد هذا التوجه على منطق استراتيجي مفاده أن إضعاف الحركة إلى حد العجز التام هو السبيل الوحيد لضمان عدم عرقلة أي خطة سلام مستقبلية يطرحها البيت الأبيض. ويهدف هذا المسار إلى تجريد الفصائل الفلسطينية من قدراتها القتالية قبل الانتقال إلى أي ترتيبات سياسية، مما يجعل السيطرة الأمنية الإسرائيلية هي حجر الزاوية في المرحلة الانتقالية، وهو أمر قد يجد صدى لدى ترامب إذا ما اقتنع بأن الحسم العسكري هو الممر الإلزامي للاستقرار.

بيروقراطية توني بلير ومعضلة السلطة التنفيذية

في المقابل، تبرز خطة معهد توني بلير كخيار ثانٍ يركز على الجوانب الإدارية والمدنية. وتعتمد هذه الخطة على تأسيس أمانة تنفيذية دولية مصغرة تضم خمسة مفوضين يشرفون على سلطة تنفيذية فلسطينية تدير الشؤون اليومية للقطاع. ورغم طابعها المؤسسي، يرى منتقدون مثل واريك أن هذه الرؤية تعاني من نقاط ضعف جوهرية، لا سيما فيما يتعلق بكيفية التعامل مع سلاح حماس ومنعها من ممارسة ضغوط على السكان أو المسؤولين المحليين. كما أن الجدول الزمني المقترح لنشر القوات، والذي يبدأ فعلياً في العام الثالث، يُعتبر متأخراً جداً لمواجهة التحديات الراهنة، فضلاً عن أن الميزانية المرصودة للسنة الأولى تبدو ضئيلة للغاية مقارنة بحجم الدمار والحاجة الماسة لإعادة الإعمار الاجتماعي والمادي.

نظام الإمداد والخصخصة الأمنية كحل اضطراري

أما الرؤية الثالثة، فتتجه نحو تبني "نظام إمداد" يعتمد على رؤوس الأموال الخاصة لتسريع عمليات إعادة الإعمار، مع اللجوء إلى شركات أمن خاصة لتغطية الفراغ الذي قد ترفض القوات الدولية ملأه. هذا النموذج يهدف إلى خلق مناطق استقرار في أجزاء من غزة لبدء الحياة الطبيعية، لكنه يصطدم بعقبتين رئيسيتين؛ الأولى هي غياب الالتزام المالي العربي بمليارات الدولارات اللازمة للإعمار، والثانية هي المخاطر الأمنية التي ستواجه المقاولين الخصوصيين في مواجهة حماس، خاصة مع إصرار الولايات المتحدة على عدم نشر جنودها على الأرض ورفض دول أخرى تعريض قواتها لمخاطر المواجهة المباشرة.

قرار ترامب الحاسم

يجد الرئيس ترامب نفسه أمام ضرورة اتخاذ قرار عاجل بين هذه المقترحات المتصارعة، حيث إن المراهنة على نزع سلاح حماس طوعاً تبدو خياراً غير واقعي يهدد بإطالة أمد المعاناة الإنسانية لسكان القطاع وتفاقم المخاطر الأمنية. ويرى مراقبون أن "نموذج نظام الإمدادات"، رغم تعقيداته، قد يمثل النهج الأسرع للبدء في تحقيق مستوى من الأمن في أجزاء من غزة. وفي نهاية المطاف، سيحدد خيار ترامب ما إذا كان القطاع سيمضي نحو إعادة إعمار حقيقية أم سيظل غارقاً في دوامة النزاع المسلح والجمود السياسي.

المصدر: الحدث/ وكالات

الحدث المصدر: الحدث
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا