في الوقت الذي تتسارع الخطى الإقليمية والدولية نحو الانتقال الى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تواصل دولة الاحتلال التلكؤ بهذه الخطوة، وإصدار المزيد من التصريحات التي تدفعها لتبنّي مواقف متشددة في المفاوضات.
وذكر إيلي كلوتشتاين، الباحث في معهد مسغاف للأمن القومي، أن "تصريح الرئيس دونالد ترامب بأنه سيحقق فيما إذا كان اغتيال القيادي البارز في حماس، رائد سعد، انتهاكاً لوقف إطلاق النار، بمثابة جرس إنذار لإسرائيل، لأن معنى هذه الكلمات أن الأمريكيين سيدققون في كل تحركات إسرائيل في قطاع غزة، ولن يكون كل ما نرغب بفعله هناك مقبولاً لديهم، رغم أن البيت الأبيض يولي أهميةً بالغةً لأمن إسرائيل، ورؤية ترامب لشرق أوسط مُحسّن ومُجدّد، تتمحور حول استقرار غزة".
وأضاف كلوتشتاين في مقال أن "تصريحات ترامب تتوافق مع تصريحات كبار مسؤولي حماس، الذين أعلنوا أن الاغتيال يُعدّ انتهاكًا لوقف إطلاق النار، وأكدوا عدم وجود أي شرعية لمثل هذه العمليات التي يقوم بها الجيش على الجانب الغربي من الخط الأصفر، ويُمكن من خلال هذه التصريحات الصادرة عن قادة الحركة أن نستشفّ رؤيتهم للمستقبل القريب، وكيف سيتطور الصراع مع إسرائيل في الأشهر القادمة، وعلاقتها بفكرة نشر قوةٍ متعددة الجنسيات، أو وقف إطلاق النار".
وأوضح كلوتشتاين أن "موقف حماس باقتصار دور القوة الدولية على الحفاظ على وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على طول حدود غزة، ولن يكون لها أي دور فيها، أو تدخل في شؤونها الداخلية، لا يتوافق مع خطة ترامب ذات النقاط العشرين، التي تنص صراحةً على أن القوة متعددة الجنسيات ستكون حلاً طويل الأمد للأمن الداخلي لغزة".
وأكد كلوتشتاين أن "هذا ليس التناقض الوحيد بين رؤية حماس والخطة، فالخلاف الأبرز يدور حول مسألة نزع السلاح، فقد صرّح خالد مشعل، زعيم حماس في الخارج، بأن "مطالبة الفلسطينيين بنزع سلاح المقاومة أشبه بمطالبتهم بنزع أرواحهم"، مما يُعدُّ رفضاً صريحاً لوجود القوات الدولية في القطاع، أو لإقامة سلطة فلسطينية، وأن الحركة من ستتحكم بمستقبل القطاع، وهو إعلان يُعدّ رفضًا صريحًا لوجود القوات الدولية فيه، أو إنشاء مجلس دولي لإدارة شؤونه".
وأشار الكاتب إلى أن "هذه التطورات تدفع للتساؤل عن كيفية رؤية حماس للمستقبل القريب، عن استعدادها لوقف إطلاق نار طويل الأمد، بهدف تمكينها من الحفاظ على قدراتها واستعادتها خلال السنوات القادمة، وفي نهايتها ستتمكن من العودة للقتال بقوة متجددة، ولعل أكبر تنازل أبدت استعدادها لتقديمه هو التزامها بدمج أسلحتها في القوات المسلحة التي ستُنشأ في الدولة المستقبلية التي ستُقام يوماً ما في غزة، ويبقى السؤال كيف يُمكن تجميد نفق، أو تخزين مخرطة".
وأكد أنه "حتى بعد انسحاب الجيش، سيُبقي، وفقًا للاتفاق، على طوق أمني حول القطاع، حتى يصبح آمنًا من أي احتمال لظهور تهديد مسلح، وبالتالي، تستطيع إسرائيل وضع شروط واضحة وصارمة بشأن الظروف التي ستسمح بانسحاب قواته من الأراضي التي تسيطر عليها حاليًا في غزة، حتى لا يؤدي لسيطرة حماس على المزيد من المناطق في القطاع، وفي هذا السياق، فإن تصريح رئيس الأركان بأن الخط الأصفر هو الحدود الجديدة في غزة يُوضح بجلاء الاتجاه الذي يسعى إليه نتنياهو بهذه المرحلة".
وأضاف كلوتشتاين أن "السؤال المطروح ما إذا كان نشر القوة متعددة الجنسيات يعني أن إسرائيل ستكون مُلزماً بوقف إطلاق النار، وأنها ستُمنع من إلحاق الأذى بقادة حماس، أو عناصرها الذين يحاولون تنفيذ أعمال مسلحة، واستعادة سلطتها، على غرار ما يفعله الجيش في لبنان، ومن خلال قراءة خطة ترامب، يتضح أن حماس مُطالبة بنزع سلاحها، وأن مراقبين مستقلين سيشرفون على العملية، التي ستُزيل في نهاية المطاف خطر العميات في القطاع، وبالتالي فإن تلميحات الأمريكيين بأن هذه القوة لن تقاتل حماس لا تبشر بالخير للاحتلال".
وتشير هذه القراءة الإسرائيلية إلى إن عمليات الاغتيال التي يقوم بها الاحتلال في غزة ليست مجرد إجراءات لمنع حماس من استعادة قوتها، بل خطوة ستساهم بشكل كبير في تقليص هيكلها القيادي، مما سيقودها لصراع متجدد معه على المدى البعيد، وفقاً لمزاعم الاحتلال، الساعي لاستغلال تعاطف ترامب معه، وإظهار اهتمامه باحتياجاته الأمنية.
المصدر:
القدس