دماء في حي التفاح.. "عربدة" عسكرية تقوض التهدئة وتفاؤل أميركي يشوبه التعقيد
تتصاعد حدة التوتر الميداني في قطاع غزة وسط سلسلة من الانتهاكات المتلاحقة لاتفاق وقف إطلاق النار، حيث استيقظ أهالي حي التفاح شمال شرقي المدينة على وقع مجزرة جديدة استهدفت مركزا لإيواء النازحين.
وأفادت مصادر طبية ودفاعية باستشهاد خمسة فلسطينيين، أغلبهم من الأطفال، وإصابة آخرين بجروح بليغة إثر قصف مدفعي "إسرائيلي" مباشر استهدف مدرسة "شهداء غزة"، في خطوة وصفتها الأوساط المحلية والمراقبون بأنها استمرار لسياسة استهداف المدنيين خارج مناطق العمليات العسكرية المعلنة.
ميدان ملتهب وخروقات متزايدة
على الأرض، لم يتوقف أزيز الرصاص وقذائف المدافع؛ إذ رصد مراسلون ميدانيون غارات مدفعية مكثفة طالت شرق مدينة خان يونس، وتحديدا في المنطقة المصنفة بـ"الخط الأصفر"، بالتزامن مع قصف استهدف الأطراف الشرقية لحي الزيتون.
وترافق هذا القصف مع إطلاق نار كثيف من المروحيات القتالية، مما أدى إلى حالة من الذعر في صفوف المواطنين الذين يحاولون العودة إلى حياتهم الطبيعية في ظل التهدئة الهشة.
ومنذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، وثقت الجهات الحقوقية نحو 738 خرقا، أسفرت عن ارتقاء ما يزيد على 400 شهيد، مما يرفع حصيلة الضحايا منذ أكتوبر 2023 إلى أرقام صادمة تجاوزت 70 ألف شهيد.
اقرأ أيضا: جيش الاحتلال يعرب عن "أسفه" للمساس بالمدنيين و يزعم التحقيق في قصف "حي التفاح"
وفي تعليقها على هذه التطورات، وصفت حركة "حماس" القصف بأنه "جريمة وحشية" وخرق فاضح للالتزامات الدولية، مؤكدة أن حكومة الاحتلال تواصل استهدافها المتعمد للمدنيين.
من جانبه، اكتفى جيش الاحتلال بالإعلان عن فتح تحقيق في الحادثة، وهو ما يراه خبراء عسكريون مجرد "محاولة لامتصاص الغضب الدولي"، معتبرين أن القصف اليومي يشكل عملا ممنهجا يهدف إلى ممارسة "عربدة" عسكرية دون رادع حقيقي.
السباق الدبلوماسي وتعقيدات "المرحلة الثانية"
سياسيا، تبدو الإدارة الأميركية في سباق مع الزمن لتثبيت المرحلة الأولى من الاتفاق؛ حيث أعرب وزير الخارجية ماركو روبيو عن تفاؤله بإكمال هذه المرحلة قريبا لضمان تدفق المساعدات وبدء الإعمار الذي تقدر كلفته الأممية بنحو 70 مليار دولار.
ومع ذلك، لم يخل تصريحه من واقعية قاسية حين أشار إلى أن تنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة قد يمتد لأكثر من ثلاث سنوات، نظرا للملفات الشائكة المتعلقة بقوات الاستقرار الدولية والتعامل مع سلاح الفصائل.
وفي مشهد مواز، ادعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب تحقيق سلام في الشرق الأوسط "لأول مرة منذ 3 آلاف عام"، وهو تصريح يتناقض بحدة مع المشاهد الدامية القادمة من حي التفاح ومراكز الإيواء.
وبين تفاؤل واشنطن وواقع الميدان، يظل المواطن الفلسطيني في غزة هو الحلقة الأضعف، بانتظار استقرار حقيقي ينهي فصول "حرب الإبادة" ويفتح الباب أمام حياة خالية من قذائف المدافع.
المصدر:
القدس