لا زالت الأوساط العسكرية والأمنية الإسرائيلية تدرس تبعات اغتيال قائد حماس العسكري، رائد سعد، باعتباره همزة الوصل بين التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ على الأرض، ويشكل استهدافه إصابة خطيرة، مما سيترك آثاره على طريق المرحلة الثانية من اتفاق ترامب لوقف إطلاق النار في غزة.
البروفيسور عوزي رابي، خبير الجغرافيا السياسية الإقليمية، والباحث الكبير بمركز ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، ومركز الدراسات الإيرانية بجامعة تل أبيب، ذكر أن "اغتيال سعد، رئيس دائرة العمليات في حماس، وأحد مهندسي هجوم السابع من أكتوبر، ليس حدثًا تكتيكيًا معزولًا، بل هو خطوة ذات أهمية نظامية، لأنه لم يكن ضابطًا ميدانيًا كبيرًا فحسب، بل وحدة أساسية تربط بين التخطيط الاستراتيجي والعقيدة القتالية والتنفيذ العملياتي".
وأضاف في مقال نشره أن "سعد ترأس ركن الصواريخ، وكان شريكاً رئيسياً في تحديث المفهوم القتالي لحماس، وتكييفها مع واقع القتال الطويل الأمد، واستنزاف الإسرائيليين، وزيادة الضغط الدولي على الاحتلال، مما يجعل استهدافه يبعث برسالة مزدوجة وواضحة، أولاها إلى داخل حماس، مفادها أنه لا توجد حصانة لأحد ممن تبقى من قادتها، خاصة العسكريين، ممن يعملون خلف الكواليس، ويصممون النظرية القتالية، ويديرون استمرارية العمليات، بأنهم في مرمى النيران أيضًا".
وأوضح أن "الرسالة الخارجية مفادها أن دولة الاحتلال لا تكتفي بإدارة القتال، بل تعمل على تصفية الحسابات مع مهندسي الطوفان، وبهذا المعنى، فإن اغتياله قد يُعبِّد الطريق أمام تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق ترامب لوقف إطلاق النار في غزة، فهو يقلل من قدرة حماس على التفاوض تحت التهديد، أو الحفاظ على السيطرة العملياتية، أو التمسك بالدعم الخارجي والدولي".
وأكد أن" اغتيال سعد بالنسبة للاحتلال فهو يحمل إشارة واضحة، أهمها أنه لا ينتظر القرارات السياسية فقط، بل يستغل منطقة الغموض بين المرحلتين الأولى والثانية، ويدل الاغتيال على أن عدم إنجاز مسألة جثامين القتلى الإسرائيليين قد يترجم إلى خسارة الأصول في عمق مدينة غزة، حتى في ظل القيود الدولية، وهذا استخدام قد يكون محسوبًا لنافذة زمنية يوجد فيها ضغط على الاحتلال، لكنه لم يتشكل بعد في آلية ملزمة".
وأضاف أن "تبعات الاغتيال على موضوع القوة متعددة الجنسيات المستقبلية، تحمل رسالة مفادها أن الاحتلال لن يقبل بواقع تصبح فيه القوة الدولية مظلة لقانون الحصانة لحماس، وسيواصل اتخاذ المزيد من الإجراءات المستهدفة، حتى لو كانت عمليات جراحية".
وختم بالقول إن "اغتيال سعد يتزامن مع مواصلة واشنطن السير على حبل مشدود، فمن ناحية تدفع الأطراف قدما نحو المرحلة "ب"، وكبح جماح الاحتلال، والإشارة إلى أن حماس ليست لاعبًا سياسيًا في طور التكوين، لكنها قيادة مسلحة نشطة، ومن ناحية أخرى، فإن إلغاء المساعدات يوفر للولايات المتحدة مجالًا مناسبًا للعمل الإسرائيلي المستهدف ضد هدف محدد، دون انهيار المسار السياسي على الفور، مما يجعل الاغتيال ليس حدثًا لمرة واحدة، بل تشكيل لشروط اليوم التالي".
المصدر:
القدس