بعد مقتل ياسر أبو شباب، أصبح غسان الدهيني، الشخصية المثيرة للجدل، القائد العام لما يسمى بـ "القوات الشعبية" التي تتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي في شرق رفح.
أظهر الدهيني سلوكًا إعلاميًا أكثر شراسة تجاه المقاومين، حيث قام بتوثيق عمليتي تصفية لأربعة أشخاص خلال أقل من 24 ساعة، مدعيًا أنهم ينتمون إلى حركة "حماس"، ونشر صورًا له وهو يبتسم بجوار جثثهم.
على عكس مسيرة أبو شباب التي كانت خالية من أي تجربة سياسية أو عسكرية، فإن غسان الدهيني، الذي ينحدر أيضًا من قبيلة الترابين (نفس قبيلة أبو شباب)، لديه تاريخ مليء بالتجارب المثيرة للجدل.
التحق الدهيني، الذي انضم في شبابه إلى الجهاز العسكري في السلطة الفلسطينية (كان والده ضابطًا في السلطة)، بتنظيم "جيش الإسلام" السلفي الجهادي بعد سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة، وبقي في صفوفه لفترة قبل أن ينفصل عنه. يذكر أن التنظيم اشتهر في عام 2007 بحادثة اختطاف الصحفي البريطاني آلان جونستون.
على الرغم من التغيير الكبير في مسار الدهيني (38 عامًا)، واعتقاله من قبل الأجهزة الأمنية في قطاع غزة في عام 2020 بتهم تتعلق بالسرقة، إلا أنه لا يزال متأثرًا بالتيار السلفي، ويتضح ذلك من خلال بعض منشوراته على صفحته في "فيسبوك".
يتهم الدهيني حركة "حماس" بقتل شقيقه وليد بعد اعتقاله من قبل شرطة رفح في عام 2018 بتهمة تتعلق بالمخدرات، حيث أظهرت التحقيقات حينها أنه انتحر. كما قتلت وحدة "سهم" التابعة للمقاومة شقيقه الآخر فتحي خلال الحرب على غزة، والذي كان منضمًا إلى ميليشيات أبو شباب.
على الرغم من انتمائه السابق إلى "جيش الإسلام" السلفي الجهادي وتأثره بشخصية عبد اللطيف موسى "أبو النور المقدسي"، إمام مسجد ابن تيمية، الذي قُتل في اشتباك مع كتائب "القسام" بعد إعلانه "إمارة رفح الإسلامية" في عام 2009، يتبنى الدهيني أفكار ما يعرف بالتيار السلفي "الجامي".
وصف الدهيني عبد اللطيف موسى في تعليق على صفحة نجله نور بـ "الغالي"، علمًا أن نجل عبد اللطيف موسى يقيم حاليًا في سلطنة عُمان، وكان قد دعا أهالي رفح إلى التوجه نحو مناطق سيطرة ميليشيا أبو شباب.
ينشر الدهيني عبر صفحته أحاديث مثل "طوبى لمن قتلهم وقتلوه"، مستدلًا بها على قتاله لحركة "حماس" بحجة أنهم من الخوارج، دون الاهتمام بتعاونه مع الاحتلال الإسرائيلي في ذلك.
نشر الدهيني فيديو للشيخ الإماراتي محمد غيث يتحدث فيه عن قتال الخوارج، وضرورة "قتلهم دون رحمة". وعلق الدهيني على الفيديو: "الإرهابيون الخوارج قتالهم دين فيه لا نلين".
عند وفاة الشيخ السلفي السعودي ربيع مدخلي، أحد منظري التيار الجامي، نعاه الدهيني واصفًا إياه بـ "شيخ الإسلام"، وأضاف "فقدت الأمة الإسلامية جبلًا من جبال العلم، ورمزًا من رموز المنهج السلفي، وعلمًا ناصر السنة، وجاهد في الله بالحجة والبيان، وذبّ عن حياض التوحيد والسنة سنوات طوال، حتى صار مرجعًا للعلماء وملاذًا لطلاب العلم في النوازل والمهمات".
لا يبدو تأثر الدهيني بوفاة المدخلي بعيدًا عن نشاط الأخير في الحرب الليبية، حيث كان من أبرز داعمي قوات خليفة حفتر. وقد نشر الدهيني قبل شهور صورة للواء ونيس بوخمادة، القائد السابق لكتيبة القوات الخاصة المعروفة باسم "القوات الصاعقة" التابعة لحفتر.
كتب الدهيني "لروحك السلام" في إشارة إلى بوخمادة الذي توفي في العام 2020، وكان متهمًا بارتكاب مجازر بحق المدنيين في بنغازي.
كما تغزل الدهيني بمحمود الورفلي، أحد أبرز المتهمين بجرائم الحرب في ليبيا، التابعين لقوات حفتر، واصفًا إياه بـ "قاهر الخوارج".
يواصل الدهيني إظهار ميوله السلفية، إذ نعى مفتي عام السعودية الراحل عبد العزيز آل الشيخ، وبارك للمفتي الجديد صالح الفوزان تعيينه في هذا المنصب.
وقال الدهيني "نفع الله بكم الإسلام والمسلمين سعادة المفتي العام صالح الفوزان خلفًا للإمام عبد العزيز ال الشيخ، عرف عن الشيخ تحذيره الدائم من خطر الإرهاب وأهله وقوى الشر ودعواته الدائمة لنشر السلام والتعايش بين الناس جميعًا بقواعد شرعية متينة بعيدة عن أهواء الأحزاب والفرق الضالة".
على الرغم من تبنيه للسلفية، إلا أن غسان الدهيني أظهر أن تحالفه مع قوات الاحتلال ليس فقط لوجود مصلحة مشتركة في قتال "حماس"، إذ نشر تهنئة لليهود بحلول رأس السنة العبرية. ونشر الدهيني تهنئة بخط يده باللغة العبرية، متمنيًا الخير لليهود في العالم.
كان لافتًا في منشورات الدهيني، تغزله بالمقاتلين الأكراد الانفصاليين في تركيا وسوريا، رغم عدم وجود قواسم مشتركة فكرية تجمعه بهم.
نشر الدهيني صورة لمقاتلتين من حزب العمال الكردستاني، وعلق عليها "خوفًا من خصلات شعرهن وأفواه بنادقهن، خشي العالم أجمع من عظمة مقاتلات الكرد، من غزة العزة تحية لقاهرات الإرهاب الكرديات، نحو التحرر من الاحتلال التركي البغيض".
على الرغم من تقلباته الفكرية، إلا أن غسان الدهيني يقر بأنه مؤيد للسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، كما أثنى مرارًا على رئيس مصر عبد الفتاح السيسي، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
المصدر:
القدس