كشف تقرير صحفي عن محاولات إسرائيلية متكررة لدعم فصائل مسلحة في قطاع غزة بهدف مواجهة حركة حماس، مشيراً إلى أن هذه المحاولات انتهت في كثير من الأحيان إلى أعمال عنف وفوضى.
وأوضح التقرير أن إسرائيل قدمت الدعم والتسليح لجماعة ياسر أبو شباب، قبل أن يُقتل على يد عشيرة فلسطينية أخرى. ويؤكد مقتل أبو شباب على حقيقة مفادها أن الفلسطينيين الذين تدعمهم إسرائيل لمواجهة حماس يواجهون مصيراً مأساوياً.
كانت جماعة أبو شباب تعتبر الأقوى بين عدة جماعات مسلحة في غزة، وقد اعترف مسؤولون إسرائيليون بتقديم الدعم والتسليح لها، ثم تراجعوا عن هذا الاعتراف لاحقاً. وقد أثار هذا الدعم استياءً واسعاً في الأوساط الفلسطينية، حيث اعتبر الكثيرون أبو شباب خائناً.
في مقابلة صحفية سابقة، لم ينكر أبو شباب وجود علاقات مع إسرائيل، مشيراً إلى وجود تعاون أمني وعمليات مشتركة، وأن الهدف من ذلك هو منع أي عناصر مسلحة من اختراق المنطقة التي يسيطر عليها.
وذكر التقرير أن أبو شباب قُتل خلال اشتباكات مع عشيرة فلسطينية في جنوب غزة، ولا يبدو أن لحماس علاقة بمقتله. ومع ذلك، احتفلت وزارة الداخلية في غزة بوفاته، معتبرة ذلك "المصير المحتوم لكل خائن"، وحثت بقية أعضاء الفصائل الفلسطينية القريبة من إسرائيل على تسليم أنفسهم.
لا يزال مصير القوات الشعبية التي كان يقودها أبو شباب مجهولاً بعد مقتله. وقد نشرت الجماعة مقطع فيديو يظهر تولي نائبه، غسان الدهيني، قيادة المجموعة. وتسعى إسرائيل منذ بداية الحرب إلى تجنيد حلفاء محتملين من غزة للمساعدة في تقويض سيطرة حماس، وقامت بدعم ما لا يقل عن أربع مجموعات مسلحة صغيرة.
بعد وقف إطلاق النار، حافظت حماس على سيطرتها على نصف القطاع تقريباً، بينما تسيطر إسرائيل على الجزء الآخر. وتعمل الفصائل الفلسطينية المناهضة لحماس في الغالب في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل.
ويعتبر المحللون أن القوات الشعبية هي الأكبر والأفضل تنظيماً من بين هذه المجموعات. وقد زعم أبو شباب في وقت سابق أن عدد أفراد جماعته يصل إلى 3000 شخص، إلا أن عدد المقاتلين الفعلي أقل من ذلك بكثير. ورغم التفوق العسكري لحماس، إلا أنها اشتبكت مع مقاتلي القوات الشعبية، وتمكنت الأخيرة من أسر أحد مقاتلي حماس.
ويرى شالوم بن حنان، وهو مسؤول كبير متقاعد في جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي (الشاباك)، أن هذه الفصائل الصغيرة ساعدت في تأمين أجزاء من غزة نيابة عن الجيش الإسرائيلي، مما أتاح للقوات الإسرائيلية القيام بمهام أخرى.
إلا أن ماضي أبو شباب في عمليات النهب وعلاقاته مع إسرائيل جعله شخصية غير مقبولة لدى معظم الفلسطينيين. وقد اشتهر أبو شباب في أواخر عام 2024 عندما اتهم بمداهمة قوافل المساعدات خلال أزمة جوع حادة، وسيطر على منطقة قريبة من معبر كرم أبو سالم.
في مقابلة سابقة، أقر أبو شباب بأن جماعته المسلحة قامت بنهب عدد من الشاحنات، لكنه ادعى أنه فعل ذلك لإطعام نفسه وعائلته وجيرانه. وقد وصفه مسؤول كبير في الأمم المتحدة بأنه "الوسيط المسيطر على شرق رفح"، واتهم الأمم المتحدة إسرائيل بتجاهل هجمات أبو شباب على المساعدات.
أثارت عمليات النهب المتكررة غضب حماس، وقتل ما لا يقل عن 20 عضواً من جماعة أبو شباب في اشتباكات مع مقاتلي حماس. وفي وقت سابق من هذا العام، بدأ أبو شباب بالترويج لنفسه كقائد فلسطيني على وسائل التواصل الاجتماعي، واصفاً جماعته المسلحة بأنها "قوة مكافحة إرهاب" معادية لحماس.
وعلى الرغم من دعم إسرائيل، لم تكن هناك توقعات كبيرة بأن تشكل جماعة أبو شباب ولا المجموعات المسلحة الأخرى تهديداً كبيراً لحماس، وذلك بسبب قلة عدد أفرادها وارتباطها بإسرائيل، الأمر الذي شوه سمعتها في أذهان معظم الفلسطينيين.
ويرى العديد من سكان غزة أن هذه الفصائل ليست أفضل من العصابات التي استغلت فوضى الحرب لتكديس السلطة. ويؤكدون على أن الفلسطينيين بحاجة إلى قيادة جديدة من أجل الوصول إلى مستقبل أفضل، ولكن ذلك لا يمكن أن يأتي من أشخاص مثل أبو شباب.
المصدر:
القدس