يرى خبيران لبنانيان أن إسرائيل أسقطت اتفاق وقف إطلاق النار باغتيالها رئيس أركان "حزب الله" هيثم علي الطبطبائي، مشيرين إلى أن رد الحزب مستبعد في الوقت الحالي.
دون سابق إنذار، خرقت غارات إسرائيلية الهدوء في الضاحية الجنوبية لبيروت أمس الأحد، بهجوم أسفر عن اغتيال الطبطبائي، و4 عناصر آخرين إلى جانب عدد من الجرحى، في أكبر خرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بين الحزب وتل أبيب.
ونعى" حزب الله" في بيان، الطبطبائي، و4 من عناصره قتلوا في الغارة الإسرائيلية أيضا.
ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كثف الجيش الإسرائيلي هجماته على لبنان، وصعد خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2024، مع تسريبات إعلامية عن خطط لشن هجوم جديد على البلد العربي.
وأنهى اتفاق وقف إطلاق النار، عدوانا بدأته إسرائيل على لبنان في أكتوبر 2023، وتحول في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى حرب شاملة، وأسفر عن مقتل أكثر من 4 آلاف شخص وإصابة نحو 17 ألفا آخرين.
يقول الخبير العسكري اللبناني حسن جوني إن "بعد 27 نوفمبر لم تعد هناك اشتباكات فعلية، بقدر ما باتت إسرائيل تتابع الحرب من جهة واحدة".
ويضيف العميد المتقاعد أن إسرائيل "أعادت تركيزها على الجبهة اللبنانية بعد أن كان الاهتمام منصبا على غزة، فبعد توقيع الاتفاق هناك (بغزة في 10 أكتوبر الماضي)، ورغم هشاشته، صعد الجيش الإسرائيلي عسكريا ضد حزب الله بشكل واضح".
وبشأن اغتيال الطبطبائي، يعتبره الخبير "خطوة تصعيدية في اتجاه الحرب والمواجهة التي وعدت بها تل أبيب، والتي قالت إنها قد تمتدّ لأيام، ويبدو أن إسرائيل ستقوم بخطوات تصعيدية متتالية وصولاً إلى تلك المرحلة".
ومتحدثا عن رسائل إسرائيل من عملية الاغتيال، يرى جوني أنها "تحاول دفع حزب الله إلى الرد كي تتمكّن من تنفيذ خطتها المسبقة، المتمثّلة بضربات تدميرية واسعة داخل لبنان، ومن جهة أخرى، تحاول إحراج حزب الله وإظهاره بمظهر العاجز عن حماية بيئته وسلاحه".
وعن احتمال ردّ "حزب الله"، يقول: "لا أعتقد الآن"، مضيفا أن "هناك اعتبارات كثيرة تحكم هذا القرار، من بينها أن لبنان على موعد مع زيارة للبابا لاون الرابع عشر من 30 نوفمبر الجاري إلى 2 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ولا أحد يريد تخريب الزيارة".
ويتابع: "لا نعلم إن كان حزب الله يملك القدرات الكافية لدخول الحرب من جديد".
ويعتبر العميد المتقاعد أن "الوضع دقيق والظرف صعب، وحزب الله في موقف حرج جدًا، إذ ما زال مكشوفًا أمنيًا أمام الأجهزة الإسرائيلية، وهذا مؤشر خطير سيؤخذ بالحسبان عند التفكير بأي قرار رد أو طريقة التعامل مع عملية الاغتيال".
ويردف: "على حزب الله أن يعمل على سدّ كل الثغرات، سواء كانت تكنولوجية أو بشرية قبل التفكير بأي خطوة أخرى، لأن وصول الاختراق إلى مستوى هذا النوع من القيادات يُفشل أي مواجهة محتملة".
كما أن بقاء "حزب الله" في موقع المتلقي سواء تحت تهديد المسيرات أو الاغتيالات أو الهجمات الجوية، وفق الخبير، "هو استنزاف مستمر له".
من جانبه، يعتبر المحلل السياسي اللبناني طوني بولس، أن "الرسائل الأساسية من التطورات الأخيرة واضحة، أولا: لم يعد هناك أي خطوط حمراء: الضاحية وغيرها من المناطق أصبحت جميعها ضمن دائرة الاستهداف الإسرائيلي".
أما الرسالة الثانية وفق بولس، فهي تندرج في سياق أن "هذا الاغتيال أعلى عملية استهداف لشخصية سياسية أو عسكرية منذ وقف إطلاق النار، ما يعني أن كل القيادات باتت في مرمى إسرائيل، ولم تعد قادرة على حماية نفسها".
بولس يشير إلى أنه "لم يعد هناك سقف للاغتيالات، ولا حدود للمستوى القيادي أو للمناطق التي يمكن أن تُستهدف، وهذه رسالة مباشرة إلى الدولة اللبنانية مفادها: "أنتم لم تنفّذوا ما هو مطلوب منكم، فإسرائيل تمتلك اليوم ضوءًا أخضر أمريكيا، غربيًا، وإقليميًا لاستكمال حربها".
ويرجح المحلل أن يكون هناك "تصعيد كبير بعد رأس السنة (مطلع 2026)، كون لبنان لن يتمكن من تنفيذ أي خطة لحصر السلاح".
وفي 5 أغسطس/ آب الماضي، أقر مجلس الوزراء اللبناني حصر السلاح بما فيه سلاح "حزب الله" بيد الدولة، وتكليف الجيش بوضع خطة وتنفيذها قبل نهاية عام 2025.
لكن أمين عام "حزب الله" نعيم قاسم أكد في أكثر من مناسبة، أن الحزب لن يسلم سلاحه، وطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية.
بولس يشير إلى أن "قواعد الاشتباك سقطت، واتفاق نوفمبر لم يعد قائمًا فعليًا".
ويلفت إلى أن "الحزب يعرف أنه غير قادر على ردّ عسكري كبير، ولا يمتلك القوة التي تمكّنه من مواجهة إسرائيل حاليًا".
وبشأن حديث "حزب الله" عن الجهوزية والقدرات العسكرية، يعتبره بولس أنه "يمنح إسرائيل ذرائع إضافية للتصعيد"، وفق قوله.
وكان "حزب الله" قال في بيان نعي الطبطائي، إن مقتله "سيزيد عناصر الحزب "إصرارا على متابعة الطريق، كما كان في حياته مصدر قوة وإلهام لهم".
وأكمل أن مقاتلي الحزب "سوف يمضون قُدمًا لإسقاط كل مشاريع العدو الصهيوني وراعيته أمريكا".
وخلال الحرب الأخيرة، احتلت إسرائيل 5 تلال لبنانية في الجنوب، ونص الاتفاق على أن تنسحب منها بعد مرور 60 يوما إلا أنها لم تلتزم بذلك، فيما تواصل إضافة لذلك احتلال مناطق لبنانية أخرى منذ عقود.
المصدر:
القدس