يحتفل العالم بحقوق الصغار في "اليوم العالمي للطفل"، في وقت يقدم فيه الواقع الفلسطيني صورة مغايرة تماما، حيث يتصدّر الأطفال واجهة المأساة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
وبلغة الأرقام، يواجه 350 ألف طفل خطر الموت جوعا في غزة بسبب انعدام الغذاء، بينما يتهدد الخطر ذاته 40 ألف رضيع نتيجة نقص حليب الأطفال، حسب آخر الأرقام الواردة من المؤسسات الفلسطينية.
كما ارتقى 20 ألف طفل شهيد خلال عامين من حرب الإبادة الإسرائيلية، وفقد أكثر من 56 ألف طفل يتيم أحد الوالدين أو كلاهما، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في حين يحتاج أكثر من 5100 طفل إلى إجلاء طبي عاجل لإنقاذ حياتهم.
وأمام هذه الأرقام، يقول رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري إن أطفال فلسطين "يعيشون أكثر مرحلة دموية تمر بها القضية الفلسطينية منذ عقود"، مؤكدا أن الجرائم الطبية وجرائم التجويع جعلت الطفولة الفلسطينية "ضحية لإبادة مستمرة ينفذها الاحتلال بدعم من بعض الدول الغربية".
ويشير الزغاري -خلال نافذة إنسانية بثتها الجزيرة- إلى أن الإحصاءات المتداولة "جزء من حالة الاستهداف المتواصل" للطفولة الفلسطينية، التي حُرمت من كل الحقوق الإنسانية التي يكفلها القانون الدولي.
ففي غزة، لم يعد الأطفال يبحثون عن التعليم أو اللعب، بل يبحثون "كل صباح عن ماء أو طعام أو مكان يقضون فيه حوائجهم"، لافتا إلى أن دول الغرب التي تقدّم مليارات الدولارات لدعم إسرائيل "عاجزة عن إدخال الماء والدواء والعلاج" لآلاف الأطفال المحاصرين.
ويلفت إلى أن الأطفال الرضع تحت الرماد والركام هم جزء من "مأساة حقيقية" يشاهدها العالم دون أن يتحرك، إذ "لا تزال جثامينهم محتجزة لدى الاحتلال".
وبشأن الأطفال الأسرى، أوضح الزغاري أن الاحتلال "لا يفرّق بين طفل وشيخ أو امرأة وشاب"، كاشفا اعتقال الاحتلال أكثر من 1600 طفل خلال العامين الماضيين في ظروف "صعبة وقاهرة"، يتعرضون للتعذيب الممنهج منذ لحظة الاعتقال وخلال التحقيق، إضافة إلى سياسات التجويع التي أودت بحياة الطفل الأسير وليد أحمد نتيجة الإهمال الطبي المتعمّد.
وأصدرت مؤسسات الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين تقريرا مشتركا قالت فيه إن منظومة الاحتلال الإسرائيلي تمارس سياسات تدمير جسدي ونفسي ممنهجة بحق الأطفال المعتقلين، مؤكدة أن التصعيد بحق الأسرى الأطفال والكبار وصل إلى حد لم يسبق له مثيل ويقبع داخل سجون الاحتلال حاليا نحو 350 طفلا -بينهم طفلتان- في ظروف تتعارض مع المعايير الدولية لحماية القاصرين.
بينما يواجه أكثر من 90 طفلا الاعتقال الإداري، مما يجعلهم محتجزين بلا توجيه تهم واضحة أو محاكمات، وفق هذه المؤسسات.
وكذلك، تمتد انتهاكات الاحتلال إلى حق الأطفال في التعليم -حسب الزغاري- حيث تحرم الحواجز العسكرية أطفال الضفة من الوصول إلى مدارسهم، في حين "لا توجد أماكن للتعليم بشكل مطلق في غزة"، في ظل غياب كامل لمواد الإعمار وإعادة الحياة الطبيعية.
كما ينسحب الأمر ذاته على الأطفال الأسرى "المحرومين من زيارة المحامين، وذويهم أو الصليب الأحمر، والمعزولين تماما عن العالم الخارجي".
وخلص إلى أن ما يجري هو "استهداف ممنهج" لأطفال فلسطين، داعيا العالم إلى أن يفيق أمام حجم المأساة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وطفولته المحرومة من كل شيء، في ظل غياب دور المنظمات الدولية والاتفاقيات ذات الصلة.
وقد وثّقت مؤسسات الأسرى شهادات واسعة حول تعرض الأطفال لشكل واحد على الأقل من أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي، بما في ذلك الضرب، التقييد المفرط، العزل، والحرمان من الزيارات والاتصالات.
المصدر:
القدس