يواجه اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة اختبارا صعبا أمام الغارات الإسرائيلية المتكررة، إذ يعد التصعيد الأخير أكثر من مجرد استهداف عسكري ويشكل اختبارا أيضا لموقف الفلسطينيين وردة فعل الوسطاء الدوليين.
من وجهة نظره، يرى الخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى أن الغارات الإسرائيلية تستهدف تحقيق أهداف مزدوجة أحدها خارجي لضرب البنية العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
كما يبعث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب من قِبل المحكمة الجنائية الدولية (من خلال شن هذه الغارات) رسالة سياسية داخلية مفادها بأن "الأمن الإسرائيلي لا يدار من قبل أي ممثل أميركي، وأن إسرائيل هي من تحدد مصالحها".
وفق مصطفى، فإن إسرائيل تسعى لترسيخ السيطرة على غزة، على غرار لبنان، وتهيئة الأرضية لـ"تبرير عمليات مستقبلية ضد حماس إذا لم تتحقق أهداف نزع سلاحها من خلال القوة الدولية".
وجدد الاحتلال الإسرائيلي غاراته على قطاع غزة اليوم الخميس بعد يوم من استشهاد 34 فلسطينيا على الأقل في سلسلة غارات زعم أنها استهدفت قيادات في كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- التي اتهمت نتنياهو بالسعي لاستئناف الإبادة الجماعية في غزة.
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني إياد القرا إن إسرائيل استخدمت ذريعة اغتيال قيادات من كتائب القسام لتبرير الغارات، مؤكدا أن المقاومة الفلسطينية التزمت بالانضباط في "المناطق الصفراء" لتجنب الانزلاق إلى مواجهة شاملة.
وفي هذا السياق، قالت حركة حماس إن الاحتلال يرتكب خرقا فاضحا بعمله المستمر على إزاحة الخط الأصفر بشكل يومي باتجاه الغرب وما يصاحب ذلك من نزوح جماعي للفلسطينيين، مع تأكيد أنه يخالف الخرائط المتفق عليها باتفاق وقف الحرب.
يفصل "الخط الأصفر" بين الجزء من غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس والمنطقة العازلة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال، والتي تمثل 53% من مساحة قطاع غزة، وتم تمييزه على الأرض بواسطة كتل خرسانية صفراء.
أما بشأن الخيارات الفلسطينية، فيرى القرا أنها محكومة بالضغوط الواقعية والتوازن الميداني، إذ أشار إلى أن الفلسطينيين يسعون إلى الضغط على الوسطاء لضمان الالتزام بالاتفاق والانتقال إلى المرحلة الثانية.
وحسب القرا، فإن هناك إمكانية لمناورة محدودة في الميدان، لكنها "مناورة خطيرة قد يستخدمها نتنياهو ضد الفلسطينيين إذا أدت إلى مواجهة مباشرة" مؤكدا أن هذه الخطوات تُعد أوراق قوة متاحة للمقاومة.
بدوره، يؤكد روب أرليت، وهو مدير سابق لحملة الرئيس ترامب في ديلاوير، أن الإدارة الأميركية تسعى للحفاظ على صمود وقف إطلاق النار وتحويل الاتفاق إلى سلام مستدام، عبر القوة الدولية دون إشراك مباشر للقوات الأميركية، مع مراقبة التزام إسرائيل.
ويرى أرليت أن الرئيس ترامب حريص على إنجاح الصفقة كإنجاز شخصي، مع الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف "العنف" وضمان انتقال الاتفاق إلى المرحلة الثانية.
المصدر:
القدس