الحدث الإسرائيلي
أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو استدعى مساء أمس السبت وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بعد أن استبعدهما طوال اليوم من المداولات المتعلقة بالتطورات الأخيرة في ملف الأسرى وقرار وقف القتال في غزة استجابة لمطلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. نتنياهو كان قد اكتفى خلال ساعات السبت بتحديثهما عبر الهاتف حول المستجدات، بينما عقد معهما لقاءات مباشرة عقب انتهاء السبت، في محاولة لاحتواء غضبهما.
سموتريتش، الذي لم يلوح بالانسحاب من الحكومة، وصف خطوة نتنياهو بوقف الهجوم وفتح مفاوضات مع حماس من دون استمرار القصف بأنها “خطأ جسيم”، مؤكداً أن هذا القرار يشكل وصفة أكيدة لإطالة أمد المفاوضات ولتآكل الموقف الإسرائيلي، سواء في ما يتعلق بملف الأسرى أو بما يعتبره الهدف المركزي للحرب وهو “القضاء على حماس ونزع سلاح غزة بالكامل”. وقد أعرب عن خشيته من أن تكون هناك ضمانات أو تفاهمات سرية قدمت لحماس مقابل إعلانها استعدادها لإطلاق سراح الأسرى.
أما بن غفير، فقد ذهب أبعد من ذلك، مهدداً بانسحاب حزبه “عوتسما يهوديت” من الائتلاف إذا ظلت حماس في قطاع غزة بعد إتمام صفقة الأسرى. وأكد أن أي سيناريو يسمح ببقاء الحركة هو “خط أحمر” يعني هزيمة ستظل وصمة عار وتتحول إلى قنبلة موقوتة تمهد لهجوم آخر على حد وصفه. بن غفير شدد على أنه، رغم سعادته بعودة الأسرى، إلا أنه لن يكون شريكاً في أي اتفاق يعيد لحماس إمكانية النهوض مجدداً.
وكشفت الصحيفة أن الاتصالات بين نتنياهو وبن غفير استمرت حتى ساعات الفجر الأولى. ففي مكالمة عند الساعة الواحدة ليلاً، سأله نتنياهو إن كان يعارض إطلاق الأسرى، فأجاب: “بالطبع أريد عودتهم جميعاً، لكني لن أقبل ببقاء حماس”. وعند الثانية فجراً عاود الاتصال به، مقترحاً لقاءً ليلياً، لكن نتنياهو رفض وأجّل النقاش لليوم التالي. وفي الرابعة فجراً أجرى نتنياهو مكالمة قصيرة مع سموتريتش، وصفت بأنها “قصيرة وصعبة”، بعدما تبين حجم انتقاداته لقرار وقف القتال.
الصحيفة أشارت إلى أن بن غفير وسموتريتش سعيا لتنسيق مواقفهما خشية أن يحاول نتنياهو اللعب على وتر “فرّق تسد” بينهما. ورغم معارضتهما الشديدة، فإنهما واجها واقعاً جديداً بعدما أعلن ترامب أن حماس أبدت استعدادها لسلام طويل الأمد، وأصرّ على وقف إطلاق النار. نتنياهو أعلن إرسال وفد تفاوضي إلى القاهرة برئاسة الوزير رون ديرمر، بمشاركة ممثلين أمريكيين من بينهم جاريد كوشنر.
في المقابل، أبدت المعارضة الإسرائيلية تأييدها للاتفاق المرتقب. زعيم المعارضة يائير لابيد أكد أن الأغلبية في الكنيست وفي الشارع تؤيد صفقة ترامب، وأنه لن يسمح لتهديدات بن غفير وسموتريتش بإفشالها. فيما دعا كل من غادي أيزنكوت وبيني غانتس إلى اغتنام الفرصة وعدم تفويتها مرة أخرى، معتبرين أن عودة الأسرى تمثل أولوية مطلقة حتى لو تطلب الأمر قرارات مؤلمة.
غير أن أصواتاً من داخل الائتلاف الحكومي نفسه واصلت التحذير من الخضوع للضغوط الأمريكية. الوزير من حزب الليكود أفي ديختر اعتبر أن حماس تمارس “خديعة” وطالب باستمرار القتال حتى استعادة جميع الأسرى الأحياء خلال 72 ساعة، بينما هاجم أعضاء كنيست من الليكود خطوة وقف النار بدعوى أنها تعرض الجنود للخطر وتجعلهم أهدافاً سهلة للقناصة والعبوات الناسفة.
وبينما ينشغل نتنياهو بطمأنة وزرائه واحتواء أزمته داخل الائتلاف، تواصل الولايات المتحدة الدفع بقوة نحو إنجاز صفقة شاملة، معتبرة أن "إسرائيل" قدمت تنازلاً كبيراً بوقف الهجمات، وأن الكرة الآن في ملعب حماس. وفي ضوء هذه المعادلة، يبدو أن المشهد السياسي داخل حكومة الاحتلال يدخل مرحلة شديدة الهشاشة بين ضغوط خارجية أمريكية، وتهديدات داخلية من حلفاء نتنياهو اليمينيين، مع دعم معارض قوي لخطة ترامب.