ترجمة الحدث
قال العقيد في الاحتياط دورون هدار، القائد السابق لوحدة إدارة الأزمات والتفاوض في هيئة أركان جيش الاحتلال وعضو سابق في طاقم المفاوضات حول الأسرى، والذي يعمل اليوم مستشارًا في إدارة الأزمات والتفاوض، إن خبرته الممتدة على مدى 27 عامًا في التفاوض العسكري والأمني قادته إلى استنتاج واحد: في النهاية، لا يمكن استعادة ما يملكه الطرف الآخر بالقوة وحدها، بل عبر موافقته، وهذا جوهر فن التفاوض.
هدار أوضح أن استخدام القوة قد يشكل “رافعة ضغط” لتليين موقف الخصم، وأنه يمكن الاستعانة بوسطاء أو فرض كلفة الخسارة على الطرف الآخر إذا رفض الصفقة، لكن كل ذلك لا يلغي الحقيقة الأساسية: من يريد الحصول على ما بحوزة الآخر، من دون القدرة على انتزاعه بالقوة، عليه الدخول معه في تسوية قائمة على القبول المتبادل.
منذ بداية الحرب، وُضعت أمام جيش الاحتلال هدفان أساسيان: “القضاء على حركة حماس” و”تهيئة الظروف لإعادة الأسرى”. وبحسب هدار، فإن صناع القرار كانوا يدركون أن استخدام القوة لن يؤدي بحد ذاته إلى إعادة جميع الأسرى، بل فقط إلى تحسين موقع "إسرائيل" في غرفة التفاوض. واليوم، لا يزال في غزة 20 أسيرًا “إسرائيليًا” على قيد الحياة، يقبعون في ظروف قاسية وبحالة صحية هشة، داخل أنفاق ومخابئ تحت الأرض، وهم مقيدون وتحت رقابة مسلحة صارمة. وتلقت مجموعات الحراسة أوامر مباشرة بإعدامهم فور رصد أي محاولة إنقاذ من الجيش، لمنع تسجيل إنجاز بعملية تحرير حيّة.
أما جثث القتلى، فيقول هدار إنها دُفنت في مواقع سرية تحت الأرض، وإن اغتيال من يعرف أماكن دفنهم قد يؤدي إلى سيناريو مشابه لقضية الطيار المفقود رون أراد، حيث يُفقد أثر الجثامين إلى الأبد.
وأشار إلى أن عملية “مركبات جدعون” وسّعت من السيطرة الميدانية وأسفرت عن اغتيال نحو ألفي عنصر من حماس، ما دفع الحركة للموافقة على صفقة جزئية بعد رفضها لها ثلاثة أشهر. غير أن حكومة الاحتلال ترفض مناقشة هذه الصفقة وتصر على قبول صفقة شاملة فقط، تتضمن خروج حماس من غزة، وتغيير الحكم، ونزع سلاح القطاع، إلى جانب إعادة جميع الأسرى.
بالتوازي، يستعد جيش الاحتلال لتنفيذ “مركبات جدعون 2”، وهو هجوم يستهدف تعميق السيطرة خصوصًا في مدينة غزة المكتظة، حيث يُعتقد أن بعض الأسرى لا يزالون هناك. هدار يحذر من أن دخول عدة فرق عسكرية إلى بيئة حضرية مكتظة سيؤدي حتمًا إلى خسائر بشرية كبيرة في صفوف الجنود والمدنيين الفلسطينيين على حد سواء، ما سيستدعي ضغوطًا دولية لوقف العملية، لتجد "إسرائيل" نفسها في نقطة البداية: من دون استسلام لحماس، مع مزيد من القتلى في صفوف قواتها، ومع أسرى قد يُقتلون تحت وطأة القتال، فضلًا عن تصاعد الدعوات العالمية لمقاطعتها وفرض العقوبات عليها.
وختم هدار بالقول إن الاندفاع الإسرائيلي نحو هذا السيناريو “يضمن الفشل”: فلن يتحقق القضاء على حماس، ولن يعود الأسرى، وسيُراق دم الجنود والأسرى بلا طائل، لتعود غزة إلى ما كانت عليه من قبل، بينما تخسر "إسرائيل" في الميدان والسياسة معًا.