الحدث الإسرائيلي
أفادت القناة 12 العبرية أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في “إسرائيل” (الكابينت) سيعقد اليوم اجتماعًا حاسمًا لبحث خيار شن عملية برية في قطاع غزة، وسط تحذيرات من الخسائر الكبيرة التي قد تنجم عن خطوة كهذه، إضافة إلى المخاطر الجدية على حياة الأسرى الإسرائيليين. ومن المتوقع أن يقدم رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، خلال الاجتماع خطتين عسكريتين واضحتين، يعارض إحداهما ويدعم الأخرى، علمًا أن كلتا الخطتين توصفان بأنها معقدة وعالية الكلفة ميدانيًا وبشريًا.
وفقًا للتفاصيل التي عرضتها القناة، فإن الخيارات المطروحة تشمل تطويق مدينة غزة والمخيمات الوسطى لعزلها ميدانيًا، وتكثيف الضربات النارية لاستنزاف المقاومة، إلى جانب تنفيذ عمليات توغل محدودة بشكل محسوب على مراحل زمنية لتقليل الخسائر في صفوف الجيش والأسرى. كما تركز الخطط على استغلال القوة المتوفرة حاليًا رغم تراجع الكفاءة نتيجة الاستنزاف، والحذر من التوغل في مناطق تعتبر شديدة التفخيخ وسط المدينة، لتجنب السقوط في الكمائن أو الإضرار بالأسرى.
في ظل هذه المعطيات، نقلت القناة عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله “من سيتولى مسؤولية مليوني إنسان إذا تم احتلال القطاع؟”، مضيفًا أن “رئيس الحكومة، إن أراد حُكمًا عسكريًا مباشرًا، فعليه أن يصدر توجيهًا واضحًا بذلك، وإلا فستبقى الأسئلة دون إجابة: من يدير القطاع؟ ولأي جهة تُنقل الصلاحيات؟ وما هو الحل السياسي؟”، مؤكدًا أن “هذا المخطط مليء بالثقوب”.
التوجه المفضل لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وفق القناة، لا يقوم على احتلال كامل للقطاع دفعة واحدة، بل يقتصر مبدئيًا على مدينة غزة فقط، والتي يُقدّر عدد سكانها بما بين 900 ألف إلى مليون نسمة، أي نحو نصف سكان القطاع. وبحسب الخطة المسرّبة، سيتلقى السكان إشعارًا بإخلاء المدينة مسبقًا، على أن تُهيأ مناطق الإيواء في وسط القطاع بدعم إنساني أمريكي، خلال فترة إعداد تمتد عدة أسابيع تشمل إقامة بنى تحتية مؤقتة. خلال هذه الفترة، لن تُنفّذ أي عملية برية، وبعد الانتهاء من الترتيبات اللوجستية، تبدأ العملية البرية المنظمة نحو المدينة.
إلى جانب ذلك، سيتم طرح مقترح بضم الشريط الحدودي الذي يسيطر عليه جيش الاحتلال منذ بداية الحرب وتحويل السيطرة فيه إلى وضع دائم، في خطوة تُعرف باسم “ضم الحزام الأمني”. وكشفت القناة أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يعتزم إلقاء خطاب يدعو فيه إلى إعادة إعمار غزة بقيادة وتمويل أمريكي، بشرط مغادرة حركة حماس للسلطة، وهو شرط ترفضه قطر التي تضغط باتجاه إعادة الإعمار دون ربطه بتغيير سياسي.
رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قال خلال زيارة لمعسكر تجنيد إنه لا تراجع عن أي من أهداف الحرب: دحر حماس، وتحرير الأسرى، وإنهاء التهديد القادم من غزة، مضيفًا أن تحقيق هذه الأهداف سيتم عبر “تضحيات جنودنا وجندياتنا”. وزير الأمن يوآف غالانت أكد أن الجيش سيلتزم بتطبيق القرارات التي سيتخذها المستوى السياسي، مشددًا على أن مهمته كوزير للأمن هي ضمان ذلك.
بدوره، طالب وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير رئيس الأركان بأن يُعلن بوضوح التزامه الكامل بتنفيذ أي قرار يصدر عن القيادة السياسية، حتى لو تضمّن احتلالًا بريًا كاملًا. على النقيض، شدد وزير الخارجية جدعون ساعر على أهمية أن يعبّر رئيس الأركان عن موقفه المهني بصراحة أمام القيادة السياسية، موضحًا أن تأكيد تبعية الجيش للحكومة أمر بديهي، خصوصًا من شخص خدم في الجيش لعقود.
زعيم المعارضة يائير لابيد هاجم ما وصفه بانكشاف الخلافات بين المستوى السياسي والعسكري، مشيرًا إلى أن تسريب النقاشات الداخلية يضعف المؤسسة العسكرية ويقوّض الثقة بقيادة الجيش. وأضاف أن “الجنود لا يجب أن يشعروا بأنهم يُقادون من قيادة منقسمة ومتصارعة”. لاحقًا، وبعد لقائه بنتنياهو ضمن جلسة الإحاطة الأمنية، صرّح لابيد بأنه أبلغه معارضته لخطة احتلال غزة، واصفًا إياها بـ”الفكرة السيئة جدًا”، مضيفًا: “لا يجب تنفيذ خطوة كهذه دون دعم شعبي واسع، والجمهور الإسرائيلي لا يريد هذه الحرب، وسندفع ثمنها غاليًا”.