ترجمة الحدث
في تطوّر غير مسبوق، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن وحدة الشرطة الفيدرالية الكندية المختصة بجرائم الحرب فتحت تحقيقًا جنائيًا ضد جنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي، على خلفية الاشتباه بضلوعهم في ارتكاب انتهاكات جسيمة خلال العدوان على قطاع غزة، وذلك بعد تقديم بلاغ رسمي من قبل منظمات حقوقية كندية.
وبحسب ما أوردته الصحيفة، فإن منظمة "العدالة من أجل الفلسطينيين" (Just Peace Advocates) قدمت للمحققين الكنديين أسماء عشرات الجنود الإسرائيليين الذين يُشتبه في تورطهم في عمليات قتل جماعي، واستهداف للمدنيين والبنية التحتية المدنية في قطاع غزة، مطالبين بتطبيق قانون جرائم الحرب الكندي الذي يتيح محاكمة مواطنين أو مقيمين متورطين بجرائم دولية جسيمة، بغض النظر عن موقع الجريمة.
وأشارت يديعوت أحرونوت إلى أن قائمة المتهمين تشمل ضباطًا كبارًا في الجيش، بعضهم يحملون الجنسية الكندية أو يقيمون في كندا، ما يجعلهم عرضة للملاحقة القضائية وفقًا للقوانين الفيدرالية المحلية. ولفتت الصحيفة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التحقيق مع جنود إسرائيليين في كندا على خلفية جرائم ارتُكبت في الأراضي الفلسطينية.
وبينت الصحيفة العبرية أن التحقيق لا يزال في مراحله الأولية، لكنه أثار قلقًا كبيرًا داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، لا سيما وأنه يأتي في ظل تصاعد الجهود الحقوقية الدولية لمحاكمة المسؤولين عن الانتهاكات في قطاع غزة، سواء في المحاكم الوطنية أو أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ويأتي هذا التطور في وقت يتصاعد فيه الضغط الدولي على الاحتلال الإسرائيلي بعد المجازر المتكررة في رفح وجباليا ومناطق أخرى في غزة، وسط اتهامات متزايدة باستخدام القوة المفرطة وتجاهل القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك استهداف المستشفيات ومراكز الإيواء والمخيمات الإنسانية.
ويعكس هذا التحقيق الكندي، بحسب يديعوت أحرونوت، اتساع رقعة المواجهة القانونية مع الاحتلال خارج نطاق مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية، حيث تبدأ الدول بممارسة ولايتها القضائية وفق مبدأ "الاختصاص العالمي"، الذي يُتيح محاسبة مرتكبي الجرائم الكبرى بغض النظر عن مكان ارتكابها أو جنسية الضحايا.
وفي سياق متصل، أفادت يديعوت أحرونوت بأن التحقيق أثار حالة من القلق داخل أوساط الجالية اليهودية والإسرائيلية في كندا، حيث عبّر عدد من النشطاء المقربين من مؤسسات الاحتلال عن خشيتهم من تحوّل التحقيق إلى سابقة قانونية قد تُفتح بموجبها ملفات أخرى بحق جنود وضباط شاركوا في عمليات عسكرية ضد الفلسطينيين. وتخشى هذه الأوساط من أن يؤدي ذلك إلى ملاحقات قضائية أوسع، أو إلى تقييد حرية تنقّل بعض الإسرائيليين داخل الأراضي الكندية.
وتنقل الصحيفة عن مصادر مقربة من الجالية أن المخاوف لا تقتصر على الجانب القانوني فقط، بل تشمل أيضًا تداعيات سياسية وإعلامية، في ظل ازدياد التضامن الشعبي الكندي مع القضية الفلسطينية، وتنامي حملات المقاطعة والمحاسبة التي تقودها مؤسسات المجتمع المدني في عدد من المدن الكندية الكبرى.