آخر الأخبار

الآلية الأمريكية لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة: نموذج مشوّه للتدخل الإنساني

شارك

شبهات حول القائمين على المشروع

رفض أممي لآلية التوزيع الأمريكية

رفض فلسطيني: مخاوف من توظيف أمني

ملامح الفشل من اليوم الأول

الحدث - سجود عاصي

في ظل تصاعد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة عقب استئناف العدوان الإسرائيلي في مارس/آذار 2025، أعلنت الولايات المتحدة عن إطلاق آلية جديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية، بإشراف مؤسسة تُدعى "غزة الخيرية"، مقرها سويسرا، وتضم في هيئتها التأسيسية عددًا من المسؤولين العسكريين والأمنيين الأمريكيين السابقين. تهدف هذه الآلية إلى توزيع المساعدات الغذائية والطبية في مناطق محددة داخل القطاع، من دون المرور بالقنوات الرسمية التقليدية التي كانت تدار عبر الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الكبرى. تدّعي الآلية أنها مستقلة وتعمل بشكل "غير مسيّس"، وتُقدّم نفسها كبديل أكثر كفاءة في ظل ما تعتبره "عجزًا أمميًا" عن إيصال المساعدات بسبب تعقيدات التنسيق مع حركة حماس، والقيود الإسرائيلية. وقد تعهد القائمون على المؤسسة بعدم مشاركة المعلومات مع إسرائيل، وبالامتناع عن دعم أي خطط تتعلق بإعادة التوطين أو التهجير القسري.

غير أن هذه الآلية أُطلقت وسط حالة من الجدل، إذ أبدت الأمم المتحدة ومنظمات دولية تحفظها على الطريقة التي تم بها إنشاؤها، وعلى طابعها المؤسسي الذي يفتقر إلى الشفافية والتمثيل المحلي. كذلك، أثار موقع التوزيع المقترح – والذي يتم بالتنسيق مع جيش الاحتلال – مخاوف من تسييس المساعدات وتحويلها إلى أداة ضغط. تمثل هذه الآلية تحولًا في إدارة ملف المساعدات في غزة، حيث تحاول واشنطن تجاوز المؤسسات الدولية وفرض نموذج مباشر للتدخل الإنساني، وسط اتهامات بأنها تستخدم المساعدات كأداة هندسة سياسية – وأحيانًا ديمغرافية – في سياق الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

شبهات حول القائمين على المشروع

في سياق تزايد التعقيدات المرتبطة بتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، تكشف معلومات وتحقيقات عن خطة مريبة تقوم على تفويض شركات خاصة مجهولة، ترتبط بضباط احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي ومسؤولين سابقين في الاستخبارات الأميركية، بإدارة هذا الملف الحساس خارج الأطر الأممية التقليدية. ويبدو أن هذه الخطة لا تنفصل عن مساعٍ سياسية وأمنية أشمل تهدف إلى السيطرة على ميدان غزة من خلال أدوات تجارية ذات طابع أمني. البداية كانت مع إعلان بسيط نُشر في مارس 2025، وفق تحقيق لصحيفة هآرتس العبرية، يفيد بعزم شركة خاصة تدعى SRS على إقامة نقطة لتوزيع المساعدات داخل غزة، بالتنسيق مع جيش الاحتلال. غير أن اللافت، بحسب الصحيفة، هو غياب أي سجل لهذه الشركة في العمل الإنساني، وعدم معرفتها من قِبل المنظمات الدولية العاملة في القطاع، ما أثار شكوكاً قوية حول دوافعها والجهات التي تقف خلفها.

يشير التحقيق إلى أن الإعلان تزامن مع الحديث عن صفقة تبادل أسرى، في وقت كان من المفترض أن تستأنف فيه العمليات العسكرية، ما يعزز فرضية أن الخطة جرى تمريرها في سياق مرتب ومقصود، خاصة أن اختيار الشركة تم من قبل فريق غير رسمي بقيادة رومان غوفمان، السكرتير العسكري لرئيس حكومة الاحتلال. هذا الفريق، المسمّى بـ"فريق غوفمان"، ضم رجال أعمال وضباط احتياط، تجاوز الوزارات الرسمية، وتولى وحده التفاوض مع الشركة وتحويل مبالغ مالية ضخمة لها، من دون رقابة أو مناقصات قانونية.

التحقيق يكشف كذلك أن SRS تدار من قبل ضباط سابقين في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، أبرزهم فيل رايلي، ويُقال إنها تعمل بأسماء متعددة مثل Orbis وSolutions-UG، وتنشط في تأمين طريق نيتساريم داخل غزة. وتقوم بتجنيد عناصر أمنية – بينهم عرب – في أدوار مزدوجة، إنسانية وأمنية، وهو ما يشير إلى طابع استخباراتي للمشروع يُخفي نفسه خلف ستار الإغاثة. ويُظهر التحقيق أن اسم رجل الأعمال الإسرائيلي شلومي فوغل، المقرب من نتنياهو، ورد في نقاشات داخلية حول المشروع، رغم نفيه لأي علاقة مباشرة، في حين لم تُخضع الجهات الإسرائيلية الفريق العامل في الشركة لأي فحص أمني من قبل الشاباك، رغم وجود عناصر أجنبية بينهم. وحين وصل طاقم الشركة إلى غزة، لم يكن لديهم حتى زي موحد، ما اضطر ضباطاً من الشاباك إلى شراء ملابس لهم من الأسواق المحلية.

المثير للقلق أن الشركة حصلت على مبلغ أولي بقيمة ثلاثة ملايين شيقل فقط من أجل إعداد عرض تقديمي، قبل اختيارها رسمياً، ما يشي بوجود فساد أو تبديد ممنهج للمال العام. ويُقدّر حجم التمويل الذي قد تتلقاه الشركة خلال ستة أشهر بنحو 200 مليون دولار، في ظل غياب تام لأي جهة رقابية أو إشراف دولي، فيما لا تعترف الأمم المتحدة أو أي من منظمات الإغاثة الدولية الكبرى بالشركة أو بالصندوق الداعم لها، المسمى "صندوق غزة للمساعدات"، والمسجل في سويسرا.

تحقيق آخر لصحيفة نيويورك تايمز يؤكد أن الفكرة الأصلية وراء توزيع المساعدات عبر شركات خاصة، تعود لضباط احتياط في جيش الاحتلال خدموا في وحدة تنسيق أعمال الحكومة، وعملوا تحت قيادة غوفمان نفسه. هؤلاء الضباط، بالتعاون مع رجال أعمال، سعوا لتجاوز الأمم المتحدة التي تُعتبر "معادية" في نظر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وشرعوا منذ ديسمبر 2023 في بلورة خطة بديلة، بدأت بورشة مغلقة قرب تل أبيب، وجاءت ضمن ما يُعرف بـ"منتدى مكفيه إسرائيل".

القائمون على الخطة وضعوا هدفاً معلناً يتمثل في "إضعاف حركة حماس" من خلال التحكم المباشر بتوزيع الغذاء، ومنع تسربه إلى السوق السوداء أو إلى كوادر الحركة، عبر نقل مراكز التوزيع إلى مناطق خاضعة لسيطرة الجيش. لكن هذا التصور أثار تحذيرات جدية من الأمم المتحدة، التي رأت أن الخطة ستُقيّد قدرة المدنيين على الوصول إلى المساعدات، وتُجبرهم على التنقل في مناطق خطرة، بل وقد تُستغل كوسيلة لتعميق التهجير القسري لسكان شمال القطاع.

في قلب هذه الشبكة يظهر اسم فيليب رايلي، الذي تولى سابقاً مهام في تدريب ميليشيات يمينية في نيكاراغوا، وقاتل في أفغانستان، ويقود الآن شركة "سيف ريتش سوليوشنز"، المسؤولة ميدانياً عن تنفيذ الخطة. ويعمل رايلي بالتنسيق مع الجندي الأميركي السابق جاك وود، مدير صندوق "GHF"، الذي يمول المشروع. ورغم ادعاءات الاستقلال عن الحكومة الإسرائيلية، فإن الجذور الأمنية الإسرائيلية للمشروع باتت موثّقة. تضيف الوثائق أن كلاً من ليران تانكمان، رجل الأعمال في قطاع التكنولوجيا، ويوتام كوهين، نجل جنرال احتياط، ومايكل أيزنبرغ، أحد أكبر المستثمرين في "إسرائيل"، هم من طوروا الفكرة وعملوا على إخراجها إلى حيز التنفيذ. كوهين كان قد نشر مقالاً صريحاً دعا فيه إلى خصخصة توزيع المساعدات لتفكيك "سيطرة حماس"، وتجاوز الحلول السياسية.

رفض أممي لآلية التوزيع الأمريكية

أعلنت الأمم المتحدة، عبر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، رفضها التعامل مع الآلية الأمريكية الجديدة، معتبرة أنها تفتقر إلى المعايير الأساسية للعمل الإنساني، خاصةً مبدأ الحياد. وأشارت مصادر أممية إلى أن وجود مسؤولين عسكريين سابقين في قيادة المؤسسة يُقوّض مصداقيتها كمزود إنساني مستقل، ويجعل منها أداة سياسية في صراع معقّد، حيث تعجز المساعدات نفسها عن الانفكاك من الشروط الأمنية.

وأعربت منظمات إغاثة دولية رائدة مثل "أوكسفام"، و"أطباء بلا حدود"، و"أنقذوا الأطفال"، عن قلقها من أن الآلية الأمريكية قد تخلق نظامًا موازيًا لتوزيع المساعدات، يُقصي الجهات الإنسانية ذات الخبرة، ويعرض الموظفين الميدانيين لخطر الاستهداف أو الوصم السياسي. واعتبرت بعض هذه المنظمات أن تهميش دور الأمم المتحدة من قبل الولايات المتحدة يشير إلى رغبة في "هندسة المساعدات" لتتماشى مع أولويات أمنية أكثر من كونها استجابة لاحتياجات السكان.

الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من علاقته الوثيقة بالولايات المتحدة، أبدى تحفظه على الآلية، وأكد في تصريحات متعددة لمسؤولين في بروكسل أن "قنوات الأمم المتحدة يجب أن تظل المرجع الرئيسي لتوزيع المساعدات الإنسانية، لضمان الامتثال للقانون الدولي الإنساني". كما طالبت دول مثل إيرلندا وإسبانيا بتقييم مستقل للآلية الجديدة قبل أي دعم محتمل لها.

من جانبها، عبرت منظمات حقوقية دولية مثل "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" عن خشيتها من أن تتحول الآلية الجديدة إلى وسيلة لإدارة الأزمة الإنسانية بطريقة تبرر استمرار الحصار الإسرائيلي على غزة. واعتبرت أن تصميم الآلية بشكل يسمح لإسرائيل بفرض اشتراطات توريد من داخلها، أو ربطها بالسياسات الأمنية، يمثل انتهاكًا للمبادئ الإنسانية ويكرّس منطق العقاب الجماعي.

رفض فلسطيني: مخاوف من توظيف أمني

أجمعت الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، والجهاد الإسلامي، والجبهتان الشعبية والديمقراطية، على رفض هذه الآلية، واعتبرتها جزءًا من "هندسة الأزمة الإنسانية" بما يخدم المصالح الإسرائيلية والأمريكية. ورأت حماس أن الآلية تمثّل تجاوزًا للإرادة الوطنية الفلسطينية، وتشكل غطاءً لتكريس واقع الحصار، عبر توزيع المساعدات من خلال مؤسسة على صلة بأجندات أمنية وعسكرية، لا تمت للعمل الإنساني بصلة. كما عبّرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن خشيتها من أن تُستخدم المساعدات كأداة لابتزاز الناس، أو كممرّ لتمرير تفاهمات أمنية، خاصة أن التوزيع سيتم في مناطق خاضعة لرقابة جيش الاحتلال. ودعت الفصائل إلى إعادة الاعتبار للقنوات الإنسانية الدولية المعترف بها، وإلى وضع خطة فلسطينية موحدة لتنسيق دخول المساعدات ضمن رؤية وطنية شاملة.

من جهتها، انتقدت مؤسسات حقوقية فلسطينية بارزة مثل "مركز الميزان لحقوق الإنسان"، و"الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان"، و"مؤسسة الحق"، اعتماد آلية تتجاوز التمثيل الفلسطيني وتتجاهل الشفافية في التوزيع، معتبرة أن إشراف جهات عسكرية سابقة على توزيع المساعدات يطرح تساؤلات خطيرة حول سلامة المستفيدين وضمان عدم جمع بيانات حساسة. وأكدت هذه المؤسسات أن أي عملية إنسانية يجب أن تراعي مبادئ القانون الدولي الإنساني، وعلى رأسها الحياد والاستقلال والشفافية، وهو ما لا يتوفر في الآلية الأمريكية التي جاءت - بحسبها - نتيجة تفاهمات سياسية غير معلنة، وتعمل خارج إطار الأمم المتحدة.

وعبرت منظمات المجتمع المدني في غزة، خصوصًا الاتحادات والمراكز التي تنشط في مجال الإغاثة، عن استيائها من تغييب الدور الفلسطيني المحلي في هذه الخطة. وأكدت "شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية" أن هذه الآلية تسحب البساط من تحت المبادرات المحلية، وتضع العمل الإغاثي في أيدي جهات مشبوهة. كما حذّرت من أن التمويل قد يتحول إلى وسيلة ضغط سياسية، تُمنح بموجب "حسن السلوك" السياسي، وليس وفق الاحتياج الإنساني الفعلي

أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، صرّح بأن الاحتلال الإسرائيلي بدأ توزيع المساعدات الإنسانية من قواعد عسكرية تحت حراسة مسلحين أمريكيين سابقين وجنود من جيش الاحتلال، في نقاط تبعد ساعتين ونصف عن أماكن سكن المواطنين في رفح. وأشار الشوا إلى افتتاح نقطة جديدة لتوزيع المساعدات في جنوب نتساريم، ضمن خطة تهدف إلى فرض آليات "آمنة" من منظور الاحتلال، دون مراعاة للبعد الإنساني. ولفت إلى أن الأيام الماضية شهدت استهداف مواطنين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات، محذرًا من أن هذه الآلية تفرض النزوح القسري على السكان وتجبرهم على الجوع كأداة للضغط.

ملامح الفشل من اليوم الأول

في اليوم الأول من بدء تشغيل آلية توزيع المساعدات في 27 مايو، برزت بوضوح مؤشرات فشلها الميداني، حيث سادت حالة من الفوضى والارتباك في مواقع التوزيع. غابت التنظيمات الإنسانية المحترفة، وحلّت محلّها شركات أمنية خاصة تفتقر للخبرة الميدانية في التعامل مع الكثافة السكانية والاحتياجات العاجلة. العديد من الشاحنات لم تصل إلى وجهتها المحددة، بسبب عراقيل لوجستية وتداخل الصلاحيات بين الجهات المشغّلة، فيما ظلّت آلاف العائلات تنتظر لساعات طويلة تحت أشعة الشمس دون الحصول على أي معونات، ما أدى إلى توتر كبير واندلاع اشتباكات في بعض المواقع بين المواطنين والقوى الأمنية المرافقة للقوافل.

في مراكز التوزيع التي أقيمت قرب ما يُعرف بـ"طريق نيتساريم"، واجه المواطنون ظروفًا مهينة وغير آمنة، إذ اضطروا للسير مسافات طويلة وسط مناطق مدمّرة للوصول إلى النقاط المحددة. تفاجأ البعض بأن المساعدات التي وُعدوا بها لم تكن متوفرة أو تم توزيعها بشكل غير عادل، وسط غياب أي آلية شفافة لتحديد المستحقين. ولم تُخصّص أماكن مهيّأة لاستقبال النساء وكبار السن، ما تسبب في حالات إغماء وتدافع، بينما التزم موظفو الشركة الأمنية موقف المتفرّج، مكتفين بالمراقبة دون تدخل يُذكر لتصويب الوضع أو تقديم الإسعافات الأولية.

في ظل هذه الفوضى، تحوّلت نقاط توزيع المساعدات إلى كمائن للقتل والاعتقال، حيث أطلق جنود الاحتلال الرصاص على مجموعات من المدنيين الذين تجمّعوا للحصول على الغذاء، ما أدى إلى استشهاد عدد من المواطنين، بينهم أطفال، وإصابة آخرين بجراح خطيرة. كما نفّذت القوات الخاصة عمليات اعتقال طالت شبّانًا لم يكن بحوزتهم أي شيء سوى أكياس فارغة. وثقت منظمات محلية هذه الانتهاكات، مؤكدة أن الاحتلال استخدم المساعدات كوسيلة للابتزاز والسيطرة، وليس كاستجابة إنسانية.

نموذج مشوّه للتدخل الإنساني

في ضوء ما تقدّم، تكشف آلية توزيع المساعدات الأمريكية في قطاع غزة عن نموذج مشوّه للتدخل الإنساني، تحكمه حسابات أمنية وتجارية أكثر من كونه مسعى إغاثيًا خالصًا. فالآلية، التي صُمّمت خارج الأطر الدولية وجرى تنفيذها عبر شركات غامضة مرتبطة بعناصر استخباراتية وعسكرية، لا تفتقر فقط إلى الشفافية والمساءلة، بل تقوّض المبادئ الأساسية للعمل الإنساني، وعلى رأسها الحياد والاستقلال. بل إنّها أعادت إنتاج مشهد الحصار من زاوية أكثر تعقيدًا، حيث بات الوصول إلى الغذاء مشروطًا بالامتثال لمحددات جغرافية وأمنية يفرضها الاحتلال، ويُنفذها وكلاء غير معترف بهم دوليًا.

وفي الوقت الذي يفترض فيه أن تكون المساعدات أداة لتخفيف المعاناة، تحوّلت في هذه التجربة إلى وسيلة ضغط وترويض سياسي، بل وإلى فخاخ ميدانية ذهب ضحيتها مدنيون أبرياء. إن غياب التمثيل الفلسطيني، وتهميش المؤسسات الإنسانية ذات الخبرة، والانتهاكات التي رافقت اليوم الأول للتوزيع، جميعها مؤشرات على فشل منهجي يُنذر بعواقب وخيمة، ليس فقط على مستوى الثقة بالمجتمع الدولي، بل على مستقبل العمل الإنساني ذاته في مناطق النزاع. من هنا، تبدو هذه الآلية – بمضامينها وأدواتها – امتدادًا لعقيدة "الهندسة الإنسانية" التي تُوظَّف لتكريس السيطرة لا لإنقاذ الأرواح، ما يفرض إعادة النظر جذريًا في مقاربات الإغاثة الدولية، وضرورة العودة إلى مرجعية القانون الدولي الإنساني، وإلى الشراكة مع الفاعلين المحليين كضمانة وحيدة لصون الكرامة الإنسانية في قلب المأساة.



الحدث المصدر: الحدث
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا