آخر الأخبار

جريدة القدس || الجريمة والعقاب.. لماذا تُفلت إسرائيل من العقاب؟ وهل ستُحاكَم يوماً على جرائمها؟

شارك الخبر
مصدر الصورة

د. عمر رحال: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي لا تسقط بالتقادم تحت أي ظرف من الظروف

نور عودة: تأثيرات محاكمة إسرائيل على جرائمها بدأت تنعكس في السياسات الدولية تجاهها

د. سعد نمر: المؤسسات الدولية قادرة على تشخيص الجرائم لكنها تفتقر إلى القوة لتنفيذ قراراتها

ساري عرابي: ملاحقة إسرائيل دولياً لا تزال محدودة وغير عادلة واحتمال إفلاتها من العقاب وارد

محمد هواش: المحاكم الدولية تواجه عراقيل عدة في محاسبة إسرائيل نتيجة الهيمنة الأمريكية

 

تثير الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبخاصة في قطاع غزة، تساؤلات متزايدة حول إمكانية تقديم إسرائيل للمحاكمة أمام الهيئات الدولية، في ظل ضغوط سياسية وقانونية معقدة. 

ويعتقد كتاب ومحللون سياسيون ومختصون، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أنه "بالرغم من أن محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية تمتلكان الاختصاص لملاحقة مجرمي الحرب، فإن هناك عوائق كبيرة تعترض طريق محاكمة المسؤولين الإسرائيليين، نتيجة التدخلات الدولية والضغوط التي تمارسها بعض القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما ينطبق أيضاً على اتخاذ قرارات أُممية تدين إسرائيل.


ويشير الكتاب والمحللون والمختصون إلى أن إسرائيل تتمتع بحماية سياسية وقانونية واسعة، لا سيما من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية التي تمنحها غطاءً داخل المؤسسات الأممية، ما يعزز موقفها ويمنحها القدرة على الإفلات من العقاب، وهذا الدعم يجعل من الصعب على المحاكم الدولية اتخاذ قرارات حاسمة أو إلزامية ضد إسرائيل، بالرغم من وجود قرارات سابقة تدين ممارساتها العدوانية.


وعلى الرغم من هذه التحديات، يؤكد الكتاب والمحللون السياسيون والمختصون أن بوادر محاولات لملاحقة إسرائيل قانونياً بدأت بالظهور، إلا أن هذه التحركات ما زالت محدودة وغير فعالة بشكل كامل.

 

تحديد موعد لمحاكمة إسرائيل يعتمد على موازين القوى الدولية

 

يوضح الكاتب والمحلل السياسي د. عمر رحال، مدير مركز شمس لحقوق الإنسان، أنه من الممكن محاكمة دولة الاحتلال على الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، سواء أمام محكمة العدل الدولية أو أمام المحكمة الجنائية الدولية، خاصة أن ما ترتكبه من جرائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة يندرج في إطار ممارسة الاختصاص القضائي للمحكمة الجنائية الدولية، لا سيما المواد (5، 6 ،7 ،8) من نظام روما الأساسي، حيث يمكن محاكمة إسرائيل على الجرائم التي يرتكبها ضباطها وجنودها ومسؤولوها السياسيون، علماً أن المادة (25) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تتحدث عن الاختصاص الشخصي للمحكمة، الذي يقتصر على محاكمة الأشخاص الطبيعيين، وبالتالي استبعد النظام المسؤولية الجنائية للدولة.


ويشير رحال إلى أنه من الناحية الفعلية قد يبدو الأمر بعيد المنال حالياً، وذلك بسبب الضغوط التي تمارسها بعض الأطراف الدولية على مدعي عام المحكمة الجنائية، وعلى قضاة المحكمة. 


ويؤكد أن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي لن تسقط بالتقادم تحت أي ظرف من الظروف، حتى لو بقيت دون محاكمة لفترات طويلة، مشيراً إلى أن ما يرتكبه الاحتلال يعد جرائم موصوفة في الاتفاقيات الدولية. 


ويشير رحال إلى أن تحديد موعد لمحاكمة إسرائيل يعتمد بشكل أساسي على موازين القوى الدولية التي تمنحها الحماية، وخاصة من قبل الولايات المتحدة التي تقدم غطاءً قانونياً وسياسياً للاحتلال داخل المؤسسات الأممية لا سيما في مجلس الأمن الدولي.


ويؤكد رحال أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لا سيما المــادة (16)، يتيح إرجاء التحقيق أو المقاضاة من قبل المحكمة، وهذا أيضاً يعد تدخلاً في عمل المحكمة.


وبالرغم من هذه الحماية، يؤكد رحال أنه لن يكون بمقدور إسرائيل الإفلات من العقاب في حال تم فعلاً تقديمها لمحاكمة العدل الدولية التي تخص بمحاكمة الدول.


ويوضح رحال أن المحكمة الجنائية الدولية يمكنها إصدار مذكرات اعتقال بحق المسؤولين الإسرائيليين، وفي هذه الحالة تكون الدول الموقعة على نظام روما ملزمة باعتقال وتسليم هؤلاء المسؤولين للمحكمة، كما أن المحكمة الجنائية الدولية لديها سجون خاصة لتنفيذ الأحكام، ببنما محكمة العدل الدولية بإمكانها التوجه لمجلس الأمن لتنفيذ أي قرارات صادرة عنها وذلك استناداً لميثاق الأمم المتحدة لا سيما المادة (94).

 

الدعم الأمريكي شجع إسرائيل على جرائمها

 

ويؤكد رحال أن الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل، إلى جانب تبرير بعض الدول لجرائم الاحتلال وغياب موقف عربي حازم، ساهم في تشجيع إسرائيل على الاستمرار في ارتكاب جرائمها. 


ويلفت رحال إلى أن بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة لم تدعم يوماً من الأيام حركات التحرر الوطني، باعتبارها دولاً استعمارية، موضحاً أن إسرائيل هي الامتداد الطبيعي لهذه القوى الاستعمارية في المنطقة، فهذه الدول غادرت الاستعمار من حيث الجغرافيا، ولكنها لم تغادره من حيث الفكر والممارسة.


ويشدد رحال على أن الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية المتخصصة ما هي إلا تعبير عن إرادات الدول، وبالتالي لن يكون بمقدورها فعل أي شيء بمعزل عن ارادت الدول، كما أن تحرك للأمم المتحدة مرتبط بتوازنات القوى، وبطبيعة وشكل النظام الدولي السائد. 


ويشير رحال إلى أن هناك توازنات دولية تحول دون قيام الأمم المتحدة بدور فعال في محاسبة إسرائيل، وذلك استناداً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

 

 

المحاكمات بدأت تؤتي أُكُلها

 

ترى الكاتبة والمحللة السياسية والمختصة بالشأن الدبلوماسي والعلاقات الدولية نور عودة أن محاكمة إسرائيل على جرائمها أمام المؤسسات الدولية قد بدأت بالفعل، مشيرة إلى أن هذا المسار قد يستغرق سنوات. 

وتؤكد عودة أن القضية ليست فقط في محاكمة إسرائيل، بل في كيفية تأثير هذه المحاكمات على السياسات الدولية تجاهها.


وتوضح عودة أن هناك دلائل بدأت تظهر على هذا التأثير، فقد اتخذت عدة دول تدابير حظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل بعد إصدار محكمة العدل الدولية أوامر احترازية أولية في قضية الإبادة الجماعية التي تقدمت بها جنوب أفريقيا، ومن بين هذه الدول كندا واليابان، وبالرغم من أن بعض الدول الأخرى لم تصل إلى مستوى الحظر الكامل، فإنها اضطرت إلى تقليص صادراتها العسكرية إلى إسرائيل على الأقل، مدركة مسؤوليتها القانونية وعدم رغبتها في تحدي القانون الدولي علناً. 


وتلفت عودة إلى أن تلك الدول لا تتخذ هذه التدابير بالضرورة بدافع التعاطف مع القضية الفلسطينية، بل لأنها تسعى للحفاظ على استقرار النظام الدولي الذي يعتمد على احترام القانون الدولي، وخاصة في ما يتعلق بجريمة الإبادة الجماعية التي تعد أكبر الجرائم في القانون الدولي.


وفي ما يتعلق بإمكانية إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق شخصيات إسرائيلية مثل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، توضح عودة أن بعض الدول أعلنت أنها ستحترم تلك الأوامر في حال صدورها، وستقوم بتنفيذ الاعتقالات وفقاً للقانون الدولي.


ومع ذلك، تشير عودة إلى أن هناك تهديدات حقيقية من الولايات المتحدة بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية والعاملين بها، خاصة انها تزامنت مع الموسم الانتخابي بين الديمقراطيين والجمهوريين.

 

إسرائيل تشعر بضغط حقيقي

 

وبالرغم من هذه التهديدات، ترى عودة أن إسرائيل قد بدأت تشعر بالضغط الحقيقي، إذ بدأت محاكمتها، وهو ما سيؤثر على مكانتها الدولية. 


وتتوقع عودة أن تكون لهذا الأمر تداعيات على قدرة إسرائيل ومسؤوليها على التنقل بحرية بين الدول، مشيرة إلى إمكانية البناء على هذه الديناميكية وصولاً إلى فرض عقوبات دولية وعزل إسرائيل بسبب سياساتها الإجرامية.


وتتطرق إلى دور المجتمع الدولي في هذه القضية، موضحة أن هناك فارقاً بين موقف الدول الغربية الاستعمارية التي تسعى للحفاظ على موازين القوى التي تخدمها، وإسرائيل جزء من هذه المنظومة التي تحميها مالياً وسياسياً وعسكرياً، وبين بقية دول العالم التي سئمت ازدواجية المعايير وتشعر بالقلق على مستقبل النظام الدولي بسبب هذه السياسات. 


وتؤكد عودة أن هناك صراع إرادات قائم بين هاتين المجموعتين من الدول، وأن فلسطين أصبحت هي الاختبار الحقيقي لنزاهة هذه المنظومة وقدرتها على الاستمرار.

 

النفوذ الأمريكي في مواجهة القانون الدولي

 

وبالرغم من أن المؤسسات الدولية تحاكم مجرمي الحرب، وتوقف الحروب، إذا كانت هناك إرادة سياسية من الدول الأعضاء، فإن عودة تشدد على أن عجز هذه المؤسسات عن وقف الحروب، بما في ذلك الحرب في فلسطين، يعود إلى النفوذ الأمريكي الذي يحول دون اتخاذ إجراءات فعالة ضد إسرائيل. 


ومع ذلك، تؤكد أن هذه المؤسسات تبقى حافظة للذاكرة الدولية والقانون الدولي، ولا يمكن تجاوز القرارات المتعلقة بالحقوق الفلسطينية لأنها تعد جزءاً من التشريع الدولي.


وتشير عودة إلى أن هذه الديناميكية يمكن البناء عليها، إذا قررت الدول ذات المصالح المشتركة التحالف والتصرف بشكل جماعي للضغط على إسرائيل ومحاسبتها.

 

 

عدم محاسبة إسرائيل هو انعكاس لمصالح القوى الغربية

 

بدوره، يوضح د. سعد نمر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، أن ما يجري على الساحة الدولية تجاه عدم محاسبة إسرائيل هو انعكاس لمصالح القوى الغربية، خاصة الدول التي كانت دولاً استعمارية سابقة، فإنها تدعم إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر كحليف ممثل لها في المنطقة. 


ويشير نمر إلى أن هذه الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، لا تجد مصلحة في إدانة إسرائيل، لأنها تدرك أن دعمها يتماشى مع مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية، ما يتيح لإسرائيل التصرف بوقاحة وارتكاب جرائمها دون خوف من العقاب الدولي، نظراً لأنها تحظى بدعم الكتلة الاستعمارية من المجتمع الدولي.


ويؤكد نمر أن تلك الدول تحمي إسرائيل من أي إجراءات حقيقية ضدها، ما يدفعها إلى مواصلة سياساتها العدوانية دون اكتراث بالعواقب. 


وبالرغم من هذا الدعم، يوضح نمر أن بعض الدول التي تشكل الجانب الأكبر من المجتمع الدولي ولا هيمنة لها قد تقوم بخطوات فردية تجاه القضية الفلسطينية، مثل الاعتراف بدولة فلسطين أو تقليص علاقاتها مع إسرائيل. 


ويعتقد نمر أن هذه الخطوات تحمل رمزية وأهمية سياسية، لكنها تبقى محدودة بسبب الضغط الهائل الذي تمارسه الولايات المتحدة وحلفاؤها على الدول لعدم اتخاذ خطوات قوية في هذا الاتجاه.

 

العاملان الأخلاقي والقانوني

 

ويشير نمر إلى أن ما حدث بعد السابع من أكتوبر قد يدفع بعض الدول لاتخاذ إجراءات ضد إسرائيل، حيث إن هناك عاملين رئيسيين يدفعان في هذا الاتجاه: الأول هو العامل الأخلاقي، الذي يتجلى في موجة المظاهرات العالمية وحركة التضامن الطلابية المتزايدة، والثاني هو العامل ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
القدس المصدر: القدس
شارك الخبر

إقرأ أيضا