آخر الأخبار

جريدة القدس || لا... لا تعودوا إليها!

شارك الخبر

لا تُرسَم السياسات على وقع الانفعالات، ولا تُتخذ القرارات تحت وطأة الشعور بالخيبات والصدمات، وما تُولّده من أزمات، وتُحدثه من مواجع تجعلُ الدماء تغلي في العروق.


تحت تأثير الفجيعة الوطنية المدوّية، وبأثرٍ من الشعور العالي بالوجيعة التي تُدمي قلوبنا، وتهز نفوسنا من أقطارها، عادت إلى الواجهة الدعوات الانفعالية للانتقام بالعمليات الاستشهادية، وهي عملياتٌ سبق أن شهدت جدلاً واسعاً خلال الانتفاضة الثانية، حتى حُسم أمرُ التوقف عن استخدامها كوسيلةٍ من وسائل النضال، بالنظر لأكلافها الأخلاقية والإنسانية والسياسية التي تخصم من الرصيد النضالي ولا تضيف إليه.


لقد تحلّى النضال الوطني، منذ انطلاق الرصاصة الأولى، بالقيم الإنسانية التي عبّرت عنها وصية المصطفى، صلوات الله وسلامه عليه، لجيشه: "لا تقتلوا وليداً، ولا امرأةً، ولا كبيراً فانياً، ولا مُنعزلاً في صومعة، ولا تقطعوا نخلاً، ولا شجراً، ولا تهدموا بنياناً".


ولعل المعاملة الإنسانية، التي وجدت تعبيرها على وجوه المفرَج عنهم من المحتجَزين الإسرائيليين، كانت تستلهم تلك الوصية النبوية التي تحدد الإطار الأخلاقي الإنساني في الحروب، وهو الإطار الذي كسره مَن يفتقدون تلك القيم، ويمارسون نقيضها الذي يتغذى من عقيدةٍ تقوم على القتل والمحو والحرق والإبادة، باعتبارها عبادة! كما جاء في رسائل يهشوع بن نون لأهل بلاد كنعان، وهو ما استلهمه سموتريتش في خطة الحسم.


هذا بحسابات الدّين والقيم الأخلاقية والإنسانية، أما في حسابات السياسة والرّبح والخسارة، فإنّ تلك العمليات تُشكل ذخيرةً إضافيةً في سلاح السردية التي يعتنقها غلاة المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية، لشيطنة الضحيّة والولوغ أكثر في دمها.


 ولا تزال قصة إحدى الفتيات التي قررت الرجوع عن تفجير نفسها، حسب اعترافها، بعد أن شاهدت التماعَ عيون طفلٍ تحمله أُمه، خلال انتفاضة العام 2000، تُشكل مهمازاً إنسانياً ودينياً يُنبئ عن شعورٍ عالٍ بالمسؤولية الأخلاقية، التي لن يدفعَنا عدونا، مهما استبدّت شهوتُه في تقتيلنا، إلى أن نتنازل عنها، لأنها عقيدةٌ تصوغ فكرنا وسلوكنا.


نُسب إلى غولدامائير قولها إنها لن تسامح الفلسطينيين، "لأنهم أجبروا الإسرائيليين على قتلهم!".

القدس المصدر: القدس
شارك الخبر

إقرأ أيضا