آخر الأخبار

ترامب ونتنياهو.. تفاهمات كبرى وألغام مؤجلة في الإقليم

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

ترامب ونتنياهو.. تفاهمات حول حماس وإيران وفجوة بالضفة

في ضوء اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فلوريدا، عاد المشهد الإقليمي ليتصدّر واجهة النقاش السياسي، وسط تشابك ملفات غزة وإيران وسوريا ولبنان، وتداخل الاعتبارات الأمنية بالحسابات السياسية والانتخابية لدى الطرفين.

فاللقاء الذي بدا في ظاهره محملا برسائل تفاؤل وتأكيدات على التفاهم، كشف في عمقه عن تباينات حادة، ومقايضات محتملة، وألغام مؤجلة قد تعيد رسم مسارات الصراع في المنطقة.

ومن خلال تحليل مضمون تصريحات كل من كبير الباحثين في المجلس الأطلسي بواشنطن سمير التقي، والكاتب والباحث السياسي نضال خضرة، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابقة غدير كمال مريح، تتضح صورة مركبة يتقاطع فيها السعي الأميركي إلى إدارة الأزمات وتحصيل مكاسب سياسية، مع محاولات إسرائيلية لتكريس وقائع ميدانية وأمنية، في ظل واقع فلسطيني مأزوم، ومشهد إقليمي مفتوح على احتمالات التصعيد بقدر ما هو مفتوح على تفاهمات ظرفية لا تتجاوز في معظمها حدود إدارة التفاصيل.

الغرق في التفاصيل كأداة إدارة

يرى كبير الباحثين في المجلس الأطلسي بواشنطن سمير التقي أن المشهد السياسي الراهن يدخل مرحلة «حصاد» يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى توظيفها لجمع خيوط إشكاليات إقليمية معقدة، عبر مقاربة تقوم على الإغراق في التفاصيل، بما يسمح بإدارة التناقضات وتأجيل الحسم في القضايا الكبرى.

ويشير التقي إلى أن طريقة تعامل قادة العالم مع ترامب تتسم بالإطراء اللفظي مقابل تحميله تفاصيل متشابكة، في رهان واضح على استنزاف الزمن والقرار.

يؤكد التقي أن السر في هذه المقاربة يكمن في إغراق ترامب بالتفاصيل، وهو ما يفعله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوضوح. ففي ملف غزة، يتجه الحديث إلى المرحلة الثانية، غير أن جوهر الخلاف يتموضع في التفاصيل، إذ تلوّح إسرائيل بنزع سلاح " حماس" بذاتها إن لم يتحقق ذلك، ما يعكس إدارة تفاوضية تقوم على العموميات وإخفاء الألغام الحقيقية.

لقاء واشنطن ومصير نتنياهو

يصف التقي اللقاء بأنه بالغ الأهمية لمصير نتنياهو، الذي يستنفد فرص المنظومة القانونية الإسرائيلية، مع اختبار قدرة ترامب على "لي ذراعها" وسط مقاومة داخلية إسرائيلية واضحة.

ويضيف أن الطابع "المفضوح" لهذه المحاولات يزيد من تعقيد المشهد، ويفتح الباب على إشكاليات إضافية.

إيران بين الضربة والمفاوضات

في الملف الإيراني، يرى التقي محاولة لجر الولايات المتحدة إلى ضربة عسكرية، مقابل غياب خطة أميركية طويلة الأمد. وفي الوقت نفسه، تجري مفاوضات أميركية إيرانية غير معلنة عبر وسطاء، لا يرغب ترامب في إفسادها، مع إبداء طهران مرونة ملحوظة في مقترحاتها. ومن هنا، يندرج ذهاب نتنياهو إلى واشنطن ضمن مسعى للاطلاع والتأثير في هذه العملية.

ألغام الإقليم.. سوريا ولبنان

يشير التقي إلى ألغام قابلة للانفجار في سوريا ولبنان. ففي سوريا، تبرز المخاوف الإسرائيلية من وجود إسلاميين جهاديين وتداعيات تدريبهم قرب الحدود.

أما في لبنان، فيعده التقي القضية الرئيسية، حيث تبدو واشنطن عاجزة عن تقديم ما يلزم، مع إدراكها لمخاطر دفع البلاد إلى حرب أهلية، ما يجعل تمديد المهل خيارا مرجحا.

المقايضات بين الملفات

لا يستبعد التقي قيام مقايضات بين الملفات، بحيث يمنح ترامب مكاسب في غزة مقابل ليونة في ملف إيران، في إطار الحفاظ على صورة الزعيمين.

غير أن نتنياهو، وفق هذا المنطق، "يقبض الثمن" على الأرض في غزة وإيران، باعتبار إسرائيل الحلقة التي تسعى لجر واشنطن إليها.

غزة والخط الأصفر

يفرق التقي بين المعلن وغير المعلن في غزة، متوقفا عند الخط الأصفر الذي يبدو مؤقتا دائما، مع مشاريع بناء خلفه لا تشمل الفلسطينيين.

ويرى أن محاولة تأبيد هذا الخط، تحت عناوين ازدهار وإعمار، تعكس خلافا على التفاصيل وإدارة النتائج النهائية، لا على الإطار العام.

يخلص التقي إلى أن التباعد بين ترامب ونتنياهو ليس جوهريا، بل يتموضع في إدارة التفاصيل.

علاقة قائمة على الخداع المتبادل

من جهته، يرسم الكاتب والباحث السياسي نضال خضرة، في حديثه إلى غرفة الأخبار، قراءة نقدية معمقة لطبيعة العلاقة بين الرئيس دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، واضعا هذه العلاقة في سياق أوسع يتصل بأزمة الحكم في إسرائيل، ومساعي نتنياهو للحصول على عفو رئاسي غير مسبوق.

ويشير إلى أن سلوك ترامب، في حال كان هدفه فعلا خدمة نتنياهو، كان يفترض أن يتجنب إثارة المعارضة الإسرائيلية، ولا سيما في ملف العفو المرتبط مباشرة بمكانة القضاء الإسرائيلي.

ويستدل خضرة على ذلك برد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الذي شدد بوضوح على عدم المساس بمؤسسة القضاء، باعتبارها إحدى "المقدسات" في النظام السياسي الإسرائيلي.

العفو كهدف استراتيجي لنتنياهو

يخصص خضرة حيزا مركزيا لتحليل سعي نتنياهو إلى الحصول على عفو رئاسي، موضحا أن هذا المطلب يحمل أبعادا تاريخية وسياسية غير مسبوقة.

فالحالة الوحيدة المشابهة تعود إلى عام 1984، عندما منح عفو بعد اعتراف بالذنب، بينما يسعى نتنياهو إلى عفو من دون أي إقرار بالمسؤولية.

ويرى خضرة أن الهدف الأول لنتنياهو هو تسجيل سابقة تاريخية تتيح له إعادة إنتاج ذاته سياسيا، فيما يتمثل الهدف الثاني، والأخطر، في استكمال السيطرة على ما تبقى من مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها القضاء، بعد أن أحكم قبضته على المؤسستين العسكرية والأمنية.

ترامب ومحاولة استدراج نتنياهو

يعبر خضرة عن قناعته بأن ترامب لا يسعى إلى إنقاذ نتنياهو، بل إلى توريطه سياسيا.

ويعتبر أن الحديث عن مرحلة ثانية ليس سوى مراوغة إعلامية وسياسية قد تمتد لأشهر، بهدف سحب نتنياهو إلى مربع انتخابي معقد، تمهيداً للتفرغ لمشاريع أميركية أوسع في الشرق الأوسط، تتصل بالممرات الملاحية والتجارية، بما يخدم رؤية استراتيجية تتجاوز بقاء نتنياهو في الحكم.

غزة والانقسام الفلسطيني

على صعيد القضية الفلسطينية، يصف خضرة الواقع في قطاع غزة بالمرعب، لكنه يحمل الانقسام الفلسطيني مسؤولية أساسية في تفاقم الأزمة، مشيرا إلى غياب رواية سياسية موحدة وبرنامج نضالي متوافق عليه.

ويؤكد أن حجم الدمار الهائل في غزة، واستهداف البنية التحتية والسكان، يعكس توجها إسرائيليا لفرض واقع جديد يدفع السكان إلى الهجرة، مستفيدا من بيئة منهكة ومهزومة.

فشل البرامج السياسية والنضالية

يخلص خضرة إلى أن برنامج المقاومة في غزة فشل فشلا ذريعا، كما فشل مشروع منظمة التحرير في الضفة الغربية، نتيجة غياب الرؤية التكتيكية والإصلاحية.

وفي هذا السياق، يرى أن الحكومة الإسرائيلية، حتى قبل 7 أكتوبر، كانت ماضية في مشروع ضم الضفة الغربية وتفريغ السلطة الفلسطينية من مضمونها السياسي، في إطار إعادة صياغة شاملة للأمن القومي الإسرائيلي بعد تلك الأحداث.

يقدم نضال خضرة قراءة قاتمة للمشهدين الإسرائيلي والفلسطيني، حيث تتقاطع طموحات نتنياهو الشخصية مع حسابات ترامب السياسية، في مقابل واقع فلسطيني مأزوم، ما ينذر بمرحلة طويلة من التحولات العميقة والصدامات المفتوحة في المنطقة.

الفصل بين الأمني والسياسي

من جهتها قدمت عضو الكنيست الإسرائيلي السابقة غدير كمال مريح قراءة تحليلية معمّقة لطبيعة العلاقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، مركزة على التباينات بين المحورين العسكري-الأمني والسياسي، وعلى السياقين الانتخابيين في البلدين، وذلك خلال حديثها إلى «غرفة الأخبار» على سكاي نيوز عربية.

ترى مريح أن اللقاءات التي سبقت زيارة نتنياهو لواشنطن عكست أولوية البعد العسكري، إذ عقد رئيس الوزراء مشاورات مع قادة الجيش شملت مراجعة الخرائط وتحليل الساحات، في مرحلة تصفها بالمفصلية عسكرياً بالنسبة لإسرائيل.

وتؤكد أن هذا المسار يبرز الفارق الواضح بين منطق القرار الأمني ومنطق الحسابات السياسية، خصوصاً في ملفات متعددة أبرزها الملف الإيراني.

الضوء الأخضر وحدود المناورة

تلفت مريح إلى ما وصفته بـ"الضوء الأخضر" الذي منحه ترامب لنتنياهو، في ظل غياب مفاوضات جدية أو مباشرة بين واشنطن وطهران، معتبرة أن هذا التطور يحمل دلالات لافتة.

غير أنها تطرح في المقابل تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الطرفين، مميّزة بين التقدير المتبادل والإطراءات العلنية من جهة، والحسابات السياسية الداخلية من جهة أخرى، خاصة أن كليهما يقف في عام انتخابي.

تعدد الملفات الإقليمية

ضمن نظرة شمولية، تشير مريح إلى 5 ملفات رئيسية مطروحة على الطاولة. ففي حين يعد ترامب أن ملف إيران أُغلق مرحليا، ترى إسرائيل أنه ما زال مفتوحا ويشكل تهديدا مباشرا لأمنها القومي.

أما الملف السوري، فتسوده مخاوف من عودة دمشق للتقارب مع موسكو، إلى جانب القلق من تعاظم النفوذ التركي في غزة وسوريا.

كما تبرز تساؤلات بشأن لبنان، مع انتهاء المهلة التي حددها ترامب لنزع سلاح حزب الله، إضافة إلى مركزية القضية الفلسطينية، ولا سيما الضغوط الأميركية المتعلقة بالضفة الغربية وقطاع غزة.

الكواليس أهم من العلن

تؤكد مريح أن جوهر التفاهمات لا يقاس بالإطراءات المعلنة، بل بما يناقش خلف الأبواب المغلقة. وفي هذا السياق، تتوقع سعي نتنياهو إلى استثمار علاقته بترامب لإقناعه بما ينسجم مع مطالب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، مع وجود نقاط اتفاق وأخرى خلافية بين الجانبين.

وتخلص مريح إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد تفاهمات دولية تسمح لإسرائيل بمواجهة إيران، في مقابل غض نظر عن بعض الوقائع الإقليمية، محذرة في الوقت ذاته من أن الجمود في ملف غزة قد يقود إلى تصعيد.

كما تربط ذلك بعودة نتنياهو إلى حكومة توصف بالأكثر يمينية، وبالاستحقاق الانتخابي المقبل، معتبرة أن احتمالات الصدام بين المحورين الأمني والسياسي تبقى قائمة مع احتدام الحسابات الانتخابية.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا