آخر الأخبار

لم تسجل على الخرائط.. مدن الاتحاد السوفياتي السرية

شارك

برزت المدن السرية في الاتحاد السوفياتي مع نمو برنامجه النووي أواخر أربعينيات القرن العشرين. ونتيجة لسعي الاتحاد إلى منافسة الولايات المتحدة عسكريا، ظهرت العديد من المدن المغلقة بالدولة الشيوعية، وأُجريت فيها أبحاث لتطوير أسلحة وتقنيات عسكرية سرية.

ولم تكن تلك المدن مُعلّمة على الخرائط، وأُبقي وجودها سرا عن الأجانب والمواطنين السوفيات على حد سواء. وعمل سكانها في مصانع سرية، ولم يكن بإمكان أحد مغادرتها أو دخولها دون تصاريح خاصة.

الحياة في المدن السرية

عاش سكان المدن المغلقة في ظروف من السرية والعزلة الشديدة، لكنهم تمتعوا أيضا بامتيازات، بما في ذلك أجور أعلى وإمكانية وصول أفضل للسلع النادرة.

وبدت الحياة في هذه المدن أشبه بمحاولة لتجسيد نموذج "المدينة الاشتراكية" بمستوى معيشة أعلى من المدن العادية، ولكن مع قيود كبيرة، مثل عدم القدرة على المغادرة دون سبب مقنع والمراقبة المستمرة.

المزايا

حصل سكان المدن المغلقة على علاوات تضاف إلى رواتبهم، مما جعل حياتهم أكثر رفاهية، كما اتسمت بتنوع أوسع في السلع التي غالبا ما كانت نادرة في المدن العادية.

وغالبا ما كانت المدن المغلقة تتمتع بصيانة جيدة وبنية تحتية متطورة، مما يخلف شعورا بمستوى معيشي أفضل، كما كانت تلك المدن تتمتع بهواء نقي، نظرا لبعدها عن المراكز الصناعية الكبرى.

مصدر الصورة كراسنويارسك حديثا (الصحافة الروسية)

العيوب

كان السكان مقيدين في حركتهم، ولم يتمكنوا من مغادرة المدينة بحرية، حتى لقضاء العطلات. كما أُخفي وجود هذه المدن عن معظم السكان، وكثيرا ما استُبدل باسم المدينة رقم لإخفاء موقعها.

وتعرض سكانها للرقابة وخضعوا لكثير من القيود، فقد كان يطلب من كل ساكن الحصول على تصريح مرور والالتزام بنظام أمني صارم. وفي حال ارتكب جريمة، كان المقيم يحرم من حق العودة إلى المدينة حتى لو بقيت عائلته فيها.

كما واجه السكان صعوبة في الكشف عن مكان إقامتهم، مما خلف صعوبات في التواصل مع بقية العالم، واضطروا إلى القول إنهم يعيشون في مدن قريبة من مدنهم الحقيقية.

أهم هذه المدن


* كراسنويارسك

في خمسينيات القرن الماضي أنشأ الاتحاد السوفياتي مصنعا لتعدين البلوتونيوم والصناعات الكيميائية في كراسنويارسك. في البداية، وكانت بلدة مخصصة لإيواء موظفي المصنع فقط، ولم يعترف بها مدينة إلا عام 1954.

إعلان

وبعد بناء مصنع لمعالجة اليورانيوم بالقرب منها، اضطر السكان إلى تقبّل حقيقة أنهم يعيشون الآن في منطقة شديدة السرية. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أُلغي عقد صيانة المحطة من الدولة. ونتيجة لذلك، تحوّلت المحطة إلى مشروع تجاري.

وعام 2012 تم بناء محطة كراسنويارسك للطاقة الحرارية، التي حلّت محلّ محطة الطاقة الحرارية القديمة التي كانت تعمل بزيت الوقود.

مصدر الصورة من داخل أحد المواقع في مدينة بينزا (الصحافة الروسية)
* بينزا-19

عام 1954 بني في المنطقة مصنع لتجميع وصيانة مكونات الصواريخ الإستراتيجية والرؤوس الحربية النووية وتكنولوجيا الفضاء.

وظل اسم المدينة سرا سنوات عديدة، ولم يُنشر في أي مصدر، ولم يُسجل حتى على الخرائط، وكان الدخول إليها والخروج منها خاضعا للرقابة (مسموحا به فقط بأمر خاص أو دعوة).

ومع ذلك، تمتع السكان بعدد من المزايا من أهمها الرواتب العالية، والخدمات الاجتماعية والطبية المُحسّنة، كما حصلوا على سلع نادرة.

وكانت المدينة تحت رقابة دقيقة من المخابرات السوفياتية والغربية على حد سواء. لذلك، كان أدنى تسريب للمعلومات يُعد خيانة ويُعاقب عليه بالإعدام.

وعقب انهيار الاتحاد السوفياتي أطلق على المدينة اسم "زاريتشني" وبقيت منطقة مغلقة إذ تُجرى فيها أنشطة بحث وتطوير متنوعة.

مصدر الصورة أحد المواقع النووية بمدينة تومسك (الصحافة الروسية)
* تومسك-7

كانت هذه المدينة جزءا من مشروع مدينة مغلقة سرية. صممت لتخصيب اليورانيوم وإنتاج البلوتونيوم، وأبحاث وتطوير التكنولوجيا النووية وإعادة معالجة الوقود النووي المستهلك والنفايات الأخرى.

غير أن الغرض الرئيسي منها كان إنتاج المواد النووية للقنابل والمفاعلات، وكذلك توليد الحرارة والكهرباء لضمان تشغيل المدينة، وأصبحت واحدة من 3 منشآت ضخمة في الاتحاد السوفياتي تُوفر مواد للأسلحة النووية.

ولفترة طويلة، ظلت مجهولة على الخرائط، وحُفظت في سرية تامة، ولم يُذكر اسمها في الصحافة، وخضعت لمراقبة وسيطرة مستمرة من المخابرات السوفياتية ( كي جي بي ).

ومع انهيار الاتحاد السوفياتي، أُعيد تسميتها إلى سيفيرسك، لكنها احتفظت بسريتها على الرغم من أن شركاتها حوّلت تركيزها من الطاقة النووية إلى تقنيات أكثر سلمية (من إنتاج النظائر إلى إعادة المعالجة الآمنة للوقود النووي المستهلك).

مصدر الصورة ‎⁨نقطة تفتيش⁩ في مدينة بيلوريتسك (الصحافة الروسية)
* بيلوريتسك-16

عرفت فيما بعد باسم ميزغوري، وكانت إحدى المدن المغلقة في الحقبة السوفياتية، وصُنفت على أنها سرية للغاية سنوات عديدة.

وبُنيت العديد من الشركات داخل المدينة، وكان معظمها يعمل على توفير وتجهيز المرافق الإستراتيجية، بما في ذلك ملاجئ متنوعة لكبار الشخصيات السياسية.

وبقيت المعلومات حول هذه المدينة محدودة للغاية، ولم يُذكر اسمها في أي مكان حتى تسعينيات القرن الماضي.

وأثناء رئاسة بوريس يلتسين، تسربت معلومات تفيد ببناء قاعدة أسلحة نووية في أعماق جبل يامانتاو، لكن الحكومة لم تعلق، مما زاد من تفاقم الشائعات، فروّج لها تارة منشأة تخزين طعام بسيطة وتارة أخرى خزينة الدولة.

وحتى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ظلت المدينة مغلقة. و عام 2018، أصبحت تحت سيطرة وزارة حالات الطوارئ.

مصدر الصورة مشهد من مدينة سولنيشني (الصحافة الروسية)
* سولنيشني
إعلان

تقع في جزيرة غورودومليا، وتُعتبر من أكثر المدن غموضا وسرية في تاريخ الاتحاد السوفياتي.

وأصبحت بين عامي 1946 و1953 مركزا لتطوير الصواريخ، بمشاركة متخصصين ألمان سبق لهم العمل في مشروع "فاو-2" وهو أول صاروخ باليستي طويل المدى في العالم.

وكانت المدينة تحت حماية أمنية مشددة ومحاطة بأسلاك شائكة ونقاط تفتيش، وظل التواصل منها مع العالم الخارجي مقتصرا على قنوات خاصة مغلقة.

وعام 1954 بُني فيها مصنع جديد باستخدام تكنولوجيا ألمانية، متخصص في إنتاج الجيروسكوبات والمنتجات عالية التقنية.

وبقيت الجزيرة منطقة مغلقة، وتُعتبر مثالا بارزا على الحقبة السوفياتية في تطوير تكنولوجيا الصواريخ واستكشاف الفضاء.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا