آخر الأخبار

حرب على التربة.. الخط الأصفر يلتهم 50% من أراضي غزة الزراعية

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

غزة- ترك المزارع عناد سعيد 8 دونمات (الدونم الواحد يساوي 1000 متر مربع) مزروعة بالملوخية والفلفل الحلو في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة ، واضطر إلى النزوح هربا من نيران الاحتلال الذي عاد لاجتياح المنطقة في مارس/آذار الماضي، عقب اختراق إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار الأول الذي عقد بداية العام الجاري.

ومنذ ذلك الحين لم يستطع سعيد كغيره من المزارعين العودة إلى أرضه التي ابتلعها الخط الأصفر لاحقا، مع 50% من أراضي قطاع غزة الزراعية.

وينتظر المزارع سعيد الدخول في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، علّه يتمكن من العودة إلى أرضه وإعادة استصلاحها، رغم صعوبة ذلك بسبب تعمد قوات الاحتلال تدميرها بالكامل.

تدمير الزراعة

تبلغ مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة 178 ألف دونم، من بينها 93 ألفا كانت مزروعة بالخضراوات، إلا أن الاحتلال أخرج نحو 90% منها عن الخدمة، سواء بالقصف والتجريف أو بوقوعها داخل الخط الأصفر الذي حددته قوات الاحتلال عقب دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم.

ويقول المتحدث باسم وزارة الزراعة في غزة محمد أبو عودة إن ما يقرب من 50% من مساحة الأراضي الزراعية تقع خلف الخط الأصفر، من بينها قرابة 30 ألف دونم تمتد على طول المناطق الحدودية الشرقية، و35 ألف دونم في بلدتي بيت لاهيا و بيت حانون وشرق جباليا في محافظة شمال القطاع ، وما لايقل عن 25 ألف دونم في محافظة رفح جنوب القطاع.

وأوضح أبو عودة -في حديث للجزيرة نت- أن بقية الأراضي الزراعية الواقعة خارج السيطرة الإسرائيلية بعد الخط الأصفر تعرضت للقصف والتدمير ولم يتبق منها إلا 6% فقط يصلح للزراعة، حيث تقتصر المساحات المزروعة بالخضراوات حاليا على 4 آلاف دونم فقط.

وأشار إلى أن حجم الإنتاج الزراعي الحالي يقدر بـ25 ألف طن فقط (أي ما نسبته 7%) من بين ما يزيد على 400 ألف طن كانت تنتجها مزارع غزة قبل الحرب الإسرائيلية.

إعلان

ويحول تدمير التربة ومنع الاحتلال الإسرائيلي إدخال الأسمدة والمبيدات الزراعية وشبكات الري والطاقة البديلة دون إعادة الحياة للقطاع الزراعي المدمر في غزة.

وكان القطاع الزراعي يسهم بنحو 11% من الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة، بنسبة 54% للإنتاج النباتي و46% للإنتاج الحيواني، وكان يقدر عدد العاملين في القطاع الزراعي في غزة بنحو 55 ألف عامل، وذلك حسب ورقة سياسات صادرة عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

مصدر الصورة الأراضي الزراعية الواقعة خارج السيطرة الإسرائيلية بعد الخط الأصفر لم يتبق منها إلا 6% فقط يصلح للزراعة (الجزيرة)

سيطرة إسرائيلية

يقول الخبير الزراعي المهندس نزار الوحيدي إن "الأراضي المحدودة المتبقية التي يمكن زراعتها في قطاع غزة لا تكفي لتلبية احتياجات السكان الزراعية، إذ إن إنتاجها لا يغطي سوى حوالي 5% من إجمالي الحاجة".

وأضاف الوحيدي -في حديثه للجزيرة نت- أن المساحات الزراعية في غزة كانت تنتج قبل الحرب 25 صنفا من الخضراوات والفواكه، تتيح اكتفاء محليا تقريبا في معظم المحاصيل، باستثناء الثوم وبعض الأنواع التي تحتاج إلى ظروف خاصة للزراعة أو استهلاك مياه مرتفع مثل الموز والمانجو.

وأشار الوحيدي إلى أن التربة تعرضت لتدمير كامل بفعل القصف الإسرائيلي الذي ألحق ضررا بطبقاتها الخصبة التي تكونت على مدى آلاف السنين، مما أثر تأثيرا كبيرا على خصوبتها وكائناتها الدقيقة والفطرية النافعة.

وشدد على أن إعادتها إلى حالتها الأصلية لتكون صالحة للزراعة يحتاج إلى سنوات من العمل المكثف، يشمل المعالجة الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية، وأن مجرد تسوية الأرض أو استصلاح سطحي لها لا يكفي لإعادة إنتاجيتها.

وأكد الخبير الزراعي أن إسرائيل تمنع إدخال المعدات والمواد الضرورية لاستصلاح الأراضي الزراعية، كالأسمدة والأدوات الزراعية الأساسية، وذلك يفاقم من صعوبة إعادة القطاع الزراعي إلى طبيعته قبل الحرب، وهو ما يأتي ضمن سياسة السيطرة الإسرائيلية غير المعلنة التي تمنع الفلسطينيين من استعادة قدرتهم على الإنتاج الزراعي بشكل كامل.

مصدر الصورة صور الأقمار الاصطناعية تظهر تدمير الأشجار والصوبات الزراعية في شمال غزة (وكالات)

ونوّه الوحيدي إلى أن غزة كانت قادرة على تلبية احتياجاتها من الخضراوات والفواكه، وهو أمر لم يرق للاحتلال فعمد إلى تدمير معظم الأراضي الزراعية في إطار حرب الإبادة الجماعية التي شنها على القطاع، وهو ما تظهر تبعاته حاليا من غياب الخضراوات والفواكه عن الأسواق لو أغلقت قوات الاحتلال المعابر ليوم واحد، ويرتفع سعرها أضعافا مضاعفة.

وتطرق المهندس الوحيدي إلى الواقع الاجتماعي والاقتصادي للقطاع، مشيرا إلى أن الزراعة تتطلب بيئة آمنة، وأن استمرار الاحتلال وغياب القانون يؤثران بشكل مباشر على قدرة المزارعين على ممارسة نشاطهم، إذ تصبح الأرض غير آمنة للاستثمار الزراعي، وتتعرض المحاصيل والموارد للتهديد المستمر.

ولفت إلى أن إعادة القطاع الزراعي في غزة يتطلب استقرارا سياسيا وأمنيا لفترة طويلة، وأن العودة إلى الإنتاج الكامل لن تكون ممكنة إلا بعد معالجة شاملة للتربة، وضمان وصول المعدات والمواد الزراعية اللازمة، وخلق بيئة مستقرة وآمنة للمزارعين.

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار