في واحدة من أشدّ حالات انخفاض الثروات التي شهدها العالم في 2025، خسر أغنى عشرة أفراد في العالم مجتمعين أكثر من 82 مليار دولار في يوم واحد الأسبوع الماضي، وذلك إثر الهبوط الحادّ الذي سجّلته الأسواق العالمية بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على جميع الدول، حيث تسببت هذه الخطوة باندلاع موجة بيع كبيرة في الأسواق المالية.
ووفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات، خسر أغنى 10 اشخاص في العالم مجتمعين، ما يفوق الـ 82 مليار دولار بين الخميس 3 أبريل والجمعة 4 أبريل، في حين كان وارن بافيت الملياردير الوحيد ضمن القائمة، الذي نجح في مقاومة هذا الاتجاه، محافظاً على الأرباح التي حققها منذ بداية العام.
وعند النظر إلى ما حققه أغنى 10 أشخاص في العالم منذ بداية عام 2025 وحتى 4 أبريل، يتبين أن ثروة هؤلاء تراجعت بنحو 353 مليار دولار، في المقابل زادت ثروة الملياردير وارن بافيت المعروف بحكيم أوكلاهوما، بمقدار 12.7 مليار دولار، وهذا يجعل بافيت الملياردير الوحيد ضمن قائمة العشرة الأوائل الذي حقق مكاسب خلال فترة اتسمت بالركود المالي.
من ماسك إلى بيزوس.. مليارات تتبخر
ووفقاً لمؤشر بلومبيرغ للمليارديرات خسر أغنى رجل في العالم إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس، منذ بداية 2025 وحتى 4 أبريل، نحو 130 مليار دولار ليبلغ مجموع ثروته 302 مليار دولار، بدوره خسر جيف بيزوس، مؤسس أمازون 45.2 مليار دولار، مما قلّص ثروته إلى 193 مليار دولار، كما لم ينج مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، من الخسارة أيضًا، حيث خسر 28.18 مليار دولار، ليصل صافي ثروته الآن إلى 179 مليار دولار.
أما قطب صناعة الرفاهية الفرنسي برنار أرنو، الذي يسيطر على إمبراطورية LVMH، فقد خسر منذ بداية 2025 نحو 18.6 مليار دولار من ثروته، لتصل إلى 158 مليار دولار، بينما خسر بيل غيتس، المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت، 3.3 مليار دولار، لتصل ثروته إلى 155 مليار دولار.
بدوره خسر لاري إليسون، المؤسس المشارك لشركة أوراكل، 42.1 مليار دولار، ليصل إجمالي ثروته إلى 150 مليار دولار، بينما انخفضت ثروة لاري بيج المؤسس المشارك لشركة غوغل بواقع 34.6 مليار دولار لتصل ثروته إلى 134 مليار دولار، وأيضاً تراجعت ثروة الملياردير سيرجي برين بواقع 32.3 مليار دولار لتصل إلى 126 مليار دولار. كما تأثر الرئيس التنفيذي السابق لشركة مايكروسوفت، ستيف بالمر، بانخفاض ثروته بمقدار 19.5 مليار دولار، لتصل ثروته إلى 127 مليار دولار.
وفي خضم هذه الانهيارات والتراجعات، تألقت ثروة وارن بافيت باللون الأخضر، لترتفع إلى 155 مليار دولار، مسجّلةً قفزة لافتة تجاوزت الـ 12.7 مليار دولار منذ بداية 2025، وكأنها تسير عكس التيار.
ومن المعروف أن وارن بافيت يعتمد في سياسته الاستثمارية على مبدأ "استثمار القيمة"، أي شراء أسهم شركات قوية ذات أساسات مالية متينة، عندما تكون أسعارها أقل من قيمتها الحقيقية، وهذا النهج، إلى جانب صبره الاستثنائي وعدم انجرافه وراء تقلبات السوق قصيرة الأجل، مكّنه من تجاوز الأزمات المالية المتتالية دون ذعر، فبافيت لا يراهن على الصيحات المؤقتة، بل يراهن على الجودة على المدى الطويل، ويقول دائماً: "كن خائفاً عندما يكون الآخرون جشعين، وكن جشعاً عندما يكون الآخرون خائفين."
وعلى مرّ التاريخ، غالباً ما تنجح استثمارات وارن بافيت في الصمود، كما تزدهر أحياناً أثناء انهيارات الأسواق، فخلال انهيار عام 2008، استثمر بافيت في شركات مثل غولدمان ساكس وجنرال إلكتريك بشروط مواتية للغاية، وحقق منها أرباحاً ضخمة لاحقاً. وكذلك، تحت مظلة شركة بيركشاير هاثاواي التي يمتلكها، يحتفظ بافيت بسيولة نقدية كبيرة تجعله قادراً على اقتناص الفرص حين يخشى الآخرون ذلك، وهذا ما يساعده في النجاة بشكل متكرر من نيران الأسواق.
وعادة ما يراقب المستثمرون عن كثب تحركات وارن بافيت، فمع كل خطوة يتخذها، تتجه الأنظار إلى دلالاتها وتأثيراتها المحتملة على الأسواق المالية، وهو كان قد باع أسهماً بقيمة 134 مليار دولار في عام 2024 من خلال شركته بيركشاير هاثاواي التي أنهت العام 2024 برصيد نقدي قدره 334.2 مليار دولار أي ما يقارب ضعف ما كانت عليه قبل عام.