آخر الأخبار

ذكاء اصطناعي يتحدث بلغة المزارعين ينقذ المحاصيل في مالاوي

شارك
صورة تعبيرية عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة

في قرية صغيرة بوسط مالاوي، كانت المزارعة أليفوسينا متسيتيكا تواجه كارثة تهدد مصدر رزق عائلتها.

نباتات البامية التي تزرعها إلى جانب الفاصوليا والذرة بدأت تذبل بسبب نقص المياه، قبل أن تتعرض لهجوم من حشرة المنّ، ما جعلها على وشك فقدان محصولها بالكامل.

لم يأتِ الحل من جارٍ أو خبير زراعي، بل من ذكاء اصطناعي يتحدث بلغتها المحلية "تشيتشوا"، بحسب تقرير نشره موقع "restofworld" واطلعت عليه "العربية Business".

تقول أليفوسينا: "أخبروني أن أطرح سؤالي على الهاتف، ففعلت، وجاءني الجواب: استخدمي مبيداً معيناً. اشتريته ورششته، فعادت البامية للحياة مجدداً."

ورغم أنها لم تمتلك يوماً هاتفاً ذكياً أو حاسوباً، فإن تطبيقاً ذكياً أنقذ محصولها. هذا المساعد الرقمي يدعى "أولانجيزي" (Ulangizi AI)، وهي كلمة تعني "النصيحة" بلغة تشيتشوا، طورته منظمة Opportunity International البريطانية لمساعدة المزارعين في الدول النامية على تشخيص مشاكل المحاصيل والإجابة على أسئلتهم الزراعية صوتياً أو عبر الرسائل.

ذكاء اصطناعي يتحدث لغة الفلاحين

يعمل التطبيق من خلال "واتساب"، ويجمع بين قدرات شات جي بي تي ونماذج لغوية أخرى، إلى جانب بيانات وزارة الزراعة المالاوية والمعرفة المحلية المتوارثة.

وقد تم تدريبه ليقدّم إرشادات دقيقة ومبسطة تراعي العادات الزراعية المحلية.

يقول بول إيسين، رئيس قسم الابتكار الرقمي في المنظمة: "نصمم الأداة بالتعاون مع المزارعين أنفسهم، لنجعلها ودودة وسهلة الاستخدام قدر الإمكان."

ورغم أن تدريب الذكاء الاصطناعي على اللغة المحلية كان صعباً بسبب قلة الموارد الرقمية المتاحة، فإن الفريق تمكن في النهاية من تطوير نسخة طبيعية الصوت، بعد أن اشتكى بعض المستخدمين في البداية من لهجة غريبة وأحياناً "هندية".

ثورة رقمية في الحقول

تعتمد آلاف الأسر في مالاوي على الزراعة كمصدر رئيسي للعيش، في بلد يعيش أكثر من 70% من سكانه تحت خط الفقر ويبلغ عددهم نحو 20 مليون نسمة.

وبسبب نقص موظفي الإرشاد الزراعي، إذ يوجد موظف واحد لكل 3 آلاف مزارع، غالباً ما ينتظر المزارعون لأسابيع للحصول على المشورة.

لكن تطبيق "أولانجيزي" غيّر هذه المعادلة، إذ بات بإمكان أي مزارع إرسال صورة لمحصوله المصاب أو طرح سؤال صوتي والحصول على إجابة فورية.

جرب المزارع كينغسلي جاسي، من منطقة تشيرادزولو، التطبيق بعد أن لاحظ ديداناً تأكل محصول الذرة لديه.

يقول: "صورت الأوراق وأرسلتها عبر واتساب، فجاءني الرد بمبيد آخر. بعد استخدامه اختفت الديدان تماماً، ومنذ ذلك الحين أعتمد على التطبيق فقط."

التكنولوجيا تُزرع مع الأمل

ساعدت المنظمة الخيرية GiveDirectly آلاف المزارعين في شراء هواتف محمّلة مسبقاً بالتطبيق، ضمن مبادرة تهدف إلى ربط الفلاحين بالذكاء الاصطناعي لزيادة الإنتاج وتقليل الفقر.

حذر الخبراء من أن فعالية التطبيق تعتمد على تحديث البيانات باستمرار.

يقول إيمانويل كواندا، رئيس جامعة الزراعة والموارد الطبيعية في ليلونغوي: "الأمر يتطلب تحديثاً دائماً للمعلومات، لأن الأمراض الزراعية تتغير كل عام بفعل المناخ، وإلا فلن تكون التكنولوجيا مفيدة فعلاً."

ورغم بعض الأخطاء الطريفة — مثل رفض التطبيق في إحدى المرات الإجابة عن سؤال عن نبتة تُدعى "ويتش هازل" ظنّاً منه أنها تتعلق بالسحر — فإن المشروع أثبت أن الذكاء الاصطناعي قادر على تحويل الهاتف إلى أداة زراعية حقيقية، تزرع المعرفة حيث كانت تنعدم.

بينما تستثمر الدول الغنية مليارات الدولارات في الذكاء الاصطناعي لتعزيز الإنتاجية، تُظهر تجربة مالاوي كيف يمكن لتقنية بسيطة تتحدث لغة الناس أن تغيّر حياة المجتمعات الريفية.

"أولانجيزي" لا يمثل مجرد تطبيق، بل نموذجاً لمستقبلٍ قد تُصبح فيه الخوارزميات حاضرة في كل حقلٍ وقريةٍ، تنقل المعرفة أسرع من المطر، وتزرع الأمل في أرضٍ عطشى للحلول.

العربيّة المصدر: العربيّة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار