كشفت دراسة بحثية حديثة حول التحول الرقمي في الدول العربية أن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي بلغ نحو 348 مليون مستخدم، يمثلون 70.2%من إجمالي السكان البالغ عددهم 496 مليون نسمة، في حين بلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي حوالي 228 مليون مستخدم بنسبة 46% من إجمالي عدد السكان.
واستندت الدراسة إلى مصادر معتمدة وموثوقة أبرزها "داتا ريبورتال"وشركاؤها الرئيسيون مثل"جي إس إم أيه إنتليجنس" و"ستاتيستا"و"سيمرش" و"سكاي".
وارتكزت على إجراء مقارنة تحليلية بين تكتلين إقليمين رئيسين، هما جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي؛ بهدف فهم أعمق للمشهد الرقمي ومؤشراته الديموغرافية في كلتا المنطقتين.
بيّنت نتائج الدراسة أن الفجوة الرقمية بين منطقة الدول العربية والاتحاد الأوروبي بدأت في التقلص، حيث سجل الاتحاد الأوروبي حوالي 419 مليون مستخدم للإنترنت، في حين بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في الدول العربية 348 مليون، بفارق يصل إلى 71 مليون مستخدم.
وعلى صعيد منصات التواصل الاجتماعي، أشار التقرير إلى تقارب لافت في نسب الاستخدام، حيث بلغ عدد المستخدمين في الاتحاد الأوروبي نحو 230 مليون مستخدم، وهو رقم يوازي تقريباً عدد المستخدمين في الدول العربية، مما يعكس تنامي الحضور الرقمي في المنطقة العربية بوتيرة متسارعة.
حلّت مصر في المرتبة الأولى عربياً من حيث عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، مسجلةً نحو 50.7 مليون مستخدم، تلتها العراق بـ 34.3 مليون مستخدم، ثم السعودية بـ 34.1 مليون.
وجاءت الجزائر في المرتبة الرابعة بـ 25.6 مليون مستخدم، تليها المغرب بـ 21.3 مليون، والإمارات بـ 11.3 مليون.
وتشكل هذه الدول مجتمعة ما نسبته 77% من إجمالي مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية، ما يعكس تركّزها في عدد محدود من الدول.
أظهرت الدراسة تبايناً واضحاً في أنماط استخدام التطبيقات بين الدول العربية، حيث تصدّر تطبيق "تيك توك" قائمة التطبيقات الأكثر استخداماً في دول الخليج العربي، وعلى رأسها السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، والبحرين.
كما يمتد انتشاره إلى العراق، ولبنان، والسودان، وموريتانيا، واليمن، والصومال.
ويُشير هذا التحول إلى تغيّر لافت في سلوك المستخدمين في منطقة كانت تقليدياً أكثر ارتباطاً بمنصات مثل"إنستغرام" و"سناب شات".
أما منصة "فيسبوك"، فلاتزال تحظى بنسبة الاستخدام الأعلى في دول شمال أفريقيا – باستثناء مصر – بما في ذلك الجزائر، المغرب، تونس، وليبيا، إلى جانب حضور قوي في فلسطين وجزر القمر، مما يعزز دورها كمحور أساسي للتفاعل الاجتماعي ووسيلة فعالة للوصول إلى شرائح واسعة من المستخدمين في تلك الدول.
وفي السياق نفسه، تتصدر منصة"يوتيوب" الاستخدام في مصر والأردن وسلطنة عُمان، حيث تُعد المنصة الرئيسة لاستهلاك المحتوى المرئي والتعليمي والترفيهي.
بينما يحتفظ "سناب شات" بشعبيته في منطقة الخليج العربي، خصوصاً في السعودية التي بلغ فيها عدد مستخدميه 24.7 مليون مستخدم، ما يرسّخ مكانته كمنصة مفضّلة للتواصل البصري بين فئة الشباب.
وفي جانب الاستخدام المهني، أظهرت البيانات انتشاراً لافتاً لمنصة "لينكدإن" المهنية في الدول ذات النشاط الاقتصادي العالي، حيث بلغ عدد مستخدميها في السعودية نحو 11 مليون، تلتها الإمارات بـ 9.4 مليون مستخدم، مما يعكس ارتباط المنصة ببيئات العمل المتطورة والفرص المهنية المتنامية في هذه الأسواق.
تعكس المؤشرات الديموغرافية بوضوح التباين بين الدول العربية والاتحاد الأوروبي، حيث تلعب القاعدة الشبابية الواسعة في الدول العربية دورًا محوريًا في تشكيل ملامح المستقبل الرقمي للمنطقة.
فالشباب دون سن 35 عاماً يشكلون نحو 62.8% من إجمالي عدد السكان، في ظل معدل نمو سكاني سنوي مرتفع يبلغ 2.1%.
وفي المقابل، لا تتجاوز نسبة الشباب في الاتحاد الأوروبي 37.6%، مع نمو سكاني محدود لا يتعدى 0.41% سنويًا، وهو ما يعكس الفارق الكبير في الزخم الرقمي بين المنطقتين لصالح الدول العربية، مدفوعًا بقاعدة من المستخدمين الشباب النشطين رقمياً.